من كندا، عبد الرحمان السعودي يكتب: إيسلاااام… إيسلام …هوو هوو!!! - Marayana - مرايانا
×
×

من كندا، عبد الرحمان السعودي يكتب: إيسلاااام… إيسلام …هوو هوو!!!

لقد صادف أن لمحت هذا “الكائن”، منذ سنوات، يصول ويجول في معرض حول الدراسة في كندا، أقيم في فندق بالدار البيضاء. ظننت لوهلة أنه سيخرج الكاميرا التي يتقرب بها إلى الله زُلْفة، لتصوير مؤخّرات مندوبات الجامعات الكندية، وفضح المؤامرة الأجنبية التي تستهدف أخلاق الرجال. بطبيعة الحال، لا ولم ولن يجرؤ “الكائن” على فعلة كهذه، ليس فقط لأنه لا يستأسد إلا على بنات الشعب، بل لوعيه التام أنه إذا وسولت له نفسه التصوير، ففور استخدامه “للزُّووم”، وقبل إقدامه على النشر، سيجد نفسه منشورا على بطنه. وعوض أن يتقرب إلى الله، سيشاهد بالعرض البطيء مؤخرة قدميه وهي تتجه للتقرب من مؤخرة رأسه

ضُرب في الطرقات بالأجراس ونودي في الناس بما جاء في المرسوم. “(…) ومُنع النساء من مغادرة دورهنّ، والخروج إلى الطرقات بالليل والنهار، ويستوي في ذلك أن تكون المرأة شابة أو عجوزا، فاحتبس النساء في ظلام دورهنّ، ولم تُرَ امرأة في الطريق، ولم يُستثن من ذلك سوى النساء المتظلمات للشرع، والخارجات للحج، أو المسافرات اللاتي تضطرّهن ظروف قاهرة إلى السفر، والإماء اللاتي برسم البيع (جواري سوق النخاسة)، والقابلات (…). وأن يكون خروج هؤلاء لمزاولة شؤونهن برِقاع خاصة (طلب رخصة) تُرفع إلى القصر، وتصدر بها تصاريح يقوم بتنفيذها مدير الشرطة. ومُنع النساء من دخول الحمامات العامة، ومُنع الأساكفة من عمل أخفافهنّ، فاختفى النساء من المجتمع المصري، وساده الإنقباض والوحشة، وساد الذعر بين النساء. (…) وعُوقب كثير من النساء المخالفات بالضرب والحبس، وعُوقب بعضهن بالموت. (…) ولم يقتصر منع النساء على الخروج إلى الطرقات بل أيضاً من التطلّع من النوافذ”[i]

لم يكن هذا مقطعا من فيلم درامي من نسج الخيال، بل كان واقعا مريرا فرضه الحاكم بأمر الله الفاطمي، الذي أجمعت معظم كتب التاريخ أنه قتل على يد أخته ستّ الملك، لأسباب اختلف عليها. لكن الأهم، كان تخلص نساء مصر من كابوس طاردهن طوال سبع سنوات.

صحيح أن الواقعة مر عليها أكثر من ألف عام؛ لكن، مخطئ من يظن، قيد أنملة، أن مثل هذا التفكير المريض المهووس بالمنع والحبس وتقييد الحرية قد تجاوزه الزمن. فلا زال يعيش بين ظهرانينا حواريوه ومريدوه ومناصروه، يأكلون ويشربون و”يبصقون” الفتاوى.

من جملة ما سمعت هذه الأيام، فتوى لـ”كائن” أعطى لنفسه حق توزيع صكوك “الأمومة الصالحة” على كل امرأة تلزم بيتها ولا تخرج للعمل، ووزع صكوك حسن التربية الإسلامية على أبنائهن. ولم يستح أن يطعن في أمومة النساء المشغِّلات المشتغلات المكافحات، وجزم هذا “الكائن” بأنهن مهملات لأطفالهن وغير صالحات للتربية، وبأن أبناءهن يفتقدون لتربية إسلامية صحيحة.

اقرأ لنفس الكاتب: إذا حضر “السامريون الأشرار”… بطل التقدم

 احتفظ بشتائمك حتى تطَّلع على كل سوابق هذا “الكائن”، فهناك ما هو أشد تسفُّلا وانحطاطا، يعبِّر به عن مكارم أخلاقه. يكفي بأن أُ ذكّر أنه سبق وقام، بكل خسة، بتصوير مؤخّرات فتيات، خلسة، كن يمارسن حقهن في المشي على الرصيف، وعرض الفيديو للعامة على شبكات التواصل الاجتماعي، كدليل على تحرشهن بالرجال العفيفين.

هل غض هذا الكائن ذو “الأخلاق الإسلامية” البصر وهو يشغّل “الزُّووم” لإثبات الجريمة؟ هل كان يستأنس بما صوره أثناء لحظات الفرفشة في المرحاض؟ هل تنص “أخلاقه الإسلامية” على تصوير النساء بدون إذن، للنيل من سمعتهن بالباطل وتبريء ساحة كبْتِه؟

لن أرجم بالغيب وأدعي أن بحوزتي إجابات، لكنني سأتحدث بما رأيته بأم عيني. لقد صادف أن لمحت هذا “الكائن”، منذ سنوات، يصول ويجول في معرض حول الدراسة في كندا، أقيم في فندق بالدار البيضاء. ظننت لوهلة أنه سيخرج الكاميرا التي يتقرب بها إلى الله زُلْفة، لتصوير مؤخّرات مندوبات الجامعات الكندية، وفضح المؤامرة الأجنبية التي تستهدف أخلاق الرجال. بطبيعة الحال، لا ولم ولن يجرؤ “الكائن” على فعلة كهذه، ليس فقط لأنه لا يستأسد إلا على بنات الشعب، بل لوعيه التام أنه إذا وسولت له نفسه التصوير، ففور استخدامه “للزُّووم”، وقبل إقدامه على النشر، سيجد نفسه منشورا على بطنه. وعوض أن يتقرب إلى الله، سيشاهد بالعرض البطيء مؤخرة قدميه وهي تتجه للتقرب من مؤخرة رأسه.

المهم أن “الكائن” ترك قناع الجهاد في سبيل الله في باب فندق الخمس نجوم، ودخل يبحث عن الجهاد في سبيل كندا. طبعا، سأل واستفسر أخَواته في الله، اللاتي يشتغلن كمندوبات للجامعات الكندية، رضي الله عليهن وبارك لهن في عملهن… وابتسم وأصغى ودوَّن نصائحهن وتوجيهاتهن وشروط جامعاتهن للقبول به.

استرجع “الكائن” قناعه وغادر الفندق، وعاد ليطل علينا كل مرة بفتاوى مجاري الخمس نجوم. ودون أن يرينا التفويض الذي ختمه الله له للتحدث باسمه، يطعن في سلوكنا ويحدد الصالح من الطالح. هذا هو حال الكائن، وهكذا يشعر بوجوده منذ فشله في غناء الرّاب “الحلال”.

إذا صادف ووجدت لدى “الكائن” الشجاعة الكافية للاعتراف بأنه كان يسعى للعيش في بلد غير مسلم، أغلب نسائه يشتغلن، وأبناؤه لا يربّون تربية إسلامية، فلا تستعجب إذا وجدت لديه الوقاحة الكافية، للادعاء بأن هدفه الأسمى كان هو نيل شرف نشر الإسلام في كندا، والتقرب إلى الله بإقناع الكنديات بتقديم استقالتهن، وتربية أبنائهن تربية إسلامية.

اقرأ أيضا: من مونتريال ــ كندا. عمرلبشريت يكتب: سكيزوفرينا… “المهاجرون إلى الله”

 هذا لا يشكل إلا قطرة في بحر نفاق ومهاترات “الكائن”. لكنني جد مطمئن، لأن فيروساته ضعيفة الانتشار، ولأنني على يقين أن لا سلطة لديه تمكنه من فرض أفكاره المريضة بالاستقواء على خلق الله.

لكن التاريخ كان لديه كلام آخر، وبدلا من أن ينشغل بصناعة أحداث جديدة، أعاد نفسه. “(…) فضُرب في الطرقات بالأجراس ونودي في الناس، أن السلطان “الكائن” الحاكم بأمر الله، استلم مقاليد السلطة،(…) وأُلغيت مدونة الأسرة، وفُرضت مدونة “النُّصرة”، وقُدمت بين يدي السلطان استقالة جماعية للنساء من العمل، وأُصدرت الفَرَمانات، وعيَّن “الكائن” الحاكم بأمر الله خديجة الرياضي مديرة لسوق النخاسة، ونبيلة منيب سفيرة للبلاد في كوريا الشمالية، وسميرة سيطايل مديرة لقناة “بيتي عفتي”، و الرّابّور “لبيغ” مؤذنا لمسجد الحسن الثاني، (…) وبين يوم وليلة، حفظ أحمد عصيد ستين حزبا لكيلا يصلب على أبواب المدينة، وحوكم الرمضاني في خم للدجاج، وأُحرقت كل كتب فاطمة مرنيسي وميداليات نوال المتوكل وأشرطة لطيفة رأفت ومسرحيات ثريا جبران وكل أفلام فريدة بورقية، وأُدخل الناس أفواجا إلى فيلم رابعة العدوية، إخراج نور الدين عيوش وبطولة لبنى أبيضار، وأُمِّمت كل شركات مريم بن صالح، وحُرّم ذكر اسم آسيا الوديع، وسجنت عائشة الشنا، وحكم على سناء العاجي بحِياكة مائة ألف من المايوهات الإسلامية، وعقد قران ابتسام لشكر على الشيخ الفيزازي، (…) ولزمت أنغيلا ميركل بيتها عربونا للولاء والطاعة، ودفعت كريستين لاغارد دولارات الجزية، (…) وحُلت كل مشاكل البلاد بفضل تحجب كل النساء، وساد الرخاء والطمأنينة. (…) ولم يقتصر نشر الدعوة على عالم الإنسان، فحُرّم أكل العسل بأمر من السلطان، ولوحقت النحلة الشغالة في كل بقاع الأرض لمنعها من العمل، ورفض البطارقة تقديم البيعة، وواصل ذكر البطريق المارق الرّقود على البيض، وتمسكت أنثى البطريق بفطرتها، وأصرت على الخروج لصيد السمك، (…) وخرج عليهم “الكائن” الحاكم بأمر الله، على رأس جيش قوامه سبعمائة ألف رجل، وانتصر أعزه الله في “موقعة الجليد”، ونشر دعوته في كل أمصار القطب الجنوبي تحت لواء: إيسلاااامْ… إيسلامْ …هوو هوو”.

مقتطفات من كتاب: “حلم “الكائن”، بحكم المدائن، ونشر العفائن”

[i] انظر الحاكم بأمر الله لمحمد عبد الله عنان: 129-135، عن الأنطاكي، ابن خلكان، والمقريزي في الخطط واتعاظ الحنفاء، وابن الأثير.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *