علي اليوسفي: الحجاب والإسلام – 1 - Marayana - مرايانا
×
×

علي اليوسفي: الحجاب والإسلام – 1\3

بعدما تطرقنا لموضوع الجذور التاريخية للحجاب، نعود في هذا الملف لنتطرق بالتفصيل لموضوع “الحجاب في الإسلام” والآيات القرآنية التي تم فيها ذكر كلمة “حجاب”

علي اليوسفي

يعتقد الكثير ممن نصبوا أنفسهم سدنة للدين، ومن حملة شعارات “لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”، و”ليس في الإمكان أبدع مما كان”، أنهم يعرفون حقا تاريخ الإسلام، وأن هذا الجزء من الكرة الأرضية الممتد من المحيط إلى الخليج قد شهد يوما شيئا اسمه “العصر الذهبي”، و أن “أمة محمد ما اجتمعت على ضلال”، إلى غير ذلك من اللائحة الطويلة للمعتقدات المُطلَقة، والتي لا يَسندها التاريخ.

إذا كنا مقتنعين بحرية المعتقد أيا كان؛ دينيا أم تاريخيا أم خرافيا، ما دام ذلك يدخل في حرية الأشخاص، ومن شأنه أن يحقق لهم توازنا أو وَهْمَ توازن، فإننا لا يمكن أن نقبل أن يتطاول هذا المعتقد على حرية الآخرين فيتحكم في حيواتهم ويقيد حرياتهم، فيعرقل بذلك تفتحهم وإسهامهم في تقدم المجتمعات التي ينتمون إليها.

الله أعرف منهم جميعا باللغة العربية، وهو قادر، لو شاء ذلك، أن يقول صراحة للنساء أن يغطين شعرهن، أو وجوههن، أو أن يضعن لباس كذا أو كذا

ولعل من هذه المعتقدات التي تتجنى على نصف المجتمع، ما يتعلق بتحجيب النساء؛ إذ يذهب الكثيرون ممن نصبوا أنفسهم ناطقين باسم العفة والطهرانية إلى أن الحجاب فريضة على المرأة المسلمة، وأن الإسلام سنَّ الحجاب حفاظا على خُلق المرأة وضمانا لكمال دينها. بل إنهم اجتهدوا في شكل الحجاب وهندسة جسم المرأة سنتمترا سنتمترا، لتحديد ما يجب أن يُخفى بعضه أو كلُّه.

اقرأ لنفس الكاتب: الجذور التاريخية للحجاب

إذا كان بعضهم قد اعتبر جسد المرأة كله عورة إلا كفّيها ووجهها[1]،فإن الاجتهاد قد وصل ببعض جهابذتهم إلى أن المرأة كلها عورة، فغلَّفوها وحوَّلوها إلى شكل هلامي لا ملامح له[2].

ءالواقع أنه ليس هنالك قطعا ما يشير صراحة في النص القرآني إلى رأس المرأة أو شعرها، مما يعني أن دعاة تغطية المرأةِ رأسَها لا يستندون على نص قرآني كما يدعون، وإنما فقط على قراءاتهم الخاصة له. ونحن إذ نؤكد على هذا، نذكر أن النص القرآني مقدس والتأويل حر.

صحيح أن كلمتي حجاب وخمار وردتا في النص القرآني، لكنَّ أيا منهما لا تعني تغطية الشعر، وأرجو ألا يُتحدث لنا هنا عن العلماء، لأن الله أعرف منهم جميعا باللغة العربية، وهو قادر، لو شاء ذلك، أن يقول صراحة للنساء أن يغطين شعرهن، أو وجوههن، أو أن يضعن لباس كذا أو كذا.

الواقع أنه ليس هنالك قطعا ما يشير صراحة في النص القرآني إلى رأس المرأة أو شعرها، مما يعني أن دعاة تغطية المرأةِ رأسَها لا يستندون على نص قرآني كما يدعون، وإنما فقط على قراءاتهم الخاصة له

أين وجد الحنابلة والوهابيون والطالبان ومن يحذون حذوهم من دعاة “الاعتدال” بيننا شكل الحجاب وجزئياته ومختلف مظاهره؟ وكيف وصل الأمر ببعضهم إلى اعتبار المرأة كلها عورة، بما في ذلك صوتها الذي يجب أن يظل خافتا؟ أم أنهم وُهبوا معرفة باطنة لا يفقهها إلا الراسخون في العلم مثلهم، وأي علم!؟

اقرأ أيضا: من اليمن، حسين الوادعي يكتب: في النقاب والحجاب واليسار الفرنسي

فما الذي تقوله النصوص؟ وأقصد هنا النصوص القرآنية؛ أما الحديث، فلا داعي للدخول في مزايداته، والظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطت بجمعه أو تأليفه. ويكفينا بهذا الصدد أن نقول للمستشهدين بالأحاديث أن الله الذي اختار محمدا رسولا لم يكلفه بإكمال رسالته التي أحاطت بكل شيء علما، وإنما أمره بتبليغها: “وما محمد إلا رسول خلت من قبله الرسل” (آل عمران، 144).

في الجزء الثاني من هذا الملف، نعود بتفصيل لعدد من الآيات التي ورد فيها ذكر الحجاب، مع أسباب وظروف نزولها.

[1]  ابن عباس ومن حذا حذوه.
[2] ابن حنبل ومن سار في ركبه.

قراءة الجزء الثاني: الإسلام والحجاب: إخراج الآيات من سياقها

قراءة الجزء الثالث: تحجيب النساء حماية للذكور من شهواتهم؟

تعليقات

  1. حسن القناوى

    والله اخرتك سودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *