بعد عقد من المخاض… قانون العمل المنزليّ يدخل حيز التنفيذ وسط انتقادات عدة!
أخيرا، وبعد أزيد من عشر سنوات من الجدل والانتظار، دخل القانون 19.12 المحدد لشروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، حيز التنفيذ، يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2018. مدونة الشغل التي …
أخيرا، وبعد أزيد من عشر سنوات من الجدل والانتظار، دخل القانون 19.12 المحدد لشروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، حيز التنفيذ، يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2018.
مدونة الشغل التي صدرت عام 2004، كانت قد أقصت العاملات والعمال المنزليين من حساباتها، وذكر في المادة الرابعة منها، أن قانونا خاصا سيصدر لتحديد علاقة الشغل بين “خدم البيوت” بـ”صاحب البيت”.
الحكومة آنذاك ستقترح مشروع قانون خاص بهذه الفئة بعد سنتين؛ أي عام 2006. ومنذ ذلك التاريخ، والجدل يرخي بظلاله على المشروع بين مرحب ومعارض، إلى أن صادق عليه البرلمان نهاية يوليوز 2016.
مكتسب قانوني
وزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، قال في افتتاح يوم دراسي حول القانون الجديد جرى قبل يوم من دخوله حيز التنفيذ، إن “المغرب أصبح من بين البلدان القلائل التي تتوفر اليوم على قانون يضمن الحماية والعمل اللائق للعاملات والعمال المنزليين”
هذا القانون جاء وفق المسؤول الحكومي، بهدف “تحقيق الرفاهية والتطور بشكل يحافظ على حقوق وتطلعات جميع فئات العمال، وليس فقط العاملات والعمال المنزليين”.
أغماني: “من الجيد أن يكون لدينا قانون في هذا الإطار، غير أنه لم ترافقه حملة تواصلية قوية، بخاصة من طرف الحكومة”.
القانون الجديد، حسب ما تنص عليه فصوله، ينسحب تطبيقه على مجالات عدة، من تنظيف وطبخ وحراسة وبستنة وسياقة واعتناء بالأطفال أو فرد من أفراد البيت.
ويعد صاحب البيت، وفق هذا القانون، مشغلا، ومن ثم وجب عليه توقيع عقدة مع العامل، تضمن للأخير مجموعة من الحقوق، مثل الضمان الاجتماعي وتحديد الأجرة والعطلة السنوية والراحة الأسبوعية، والتغيب لأسباب صحية أو عائلية، وما إلى ذلك.
لكن…
لم يسلم قانون العاملات والعمال المنزليين، وهو لم يتم بعد أسبوعه الأول في عمر “حيز النفاذ”، من انتقادات واسعة، بعضها يعود لما جاء فيه من بنود، وبعضها يرد إلى عدم مرافقته بمجموعة من التدابير التي يمكن أن تسهم في إنجاحه.
“صحيح أن القانون قد دخل حيز التنفيذ، لكن للأسف بالنسبة لي، لم تؤخذ تدابير مرافقة لهذا القانون”، يبرز وزير التشغيل السابق في حكومة عباس الفاسي، جمال أغماني، في حديثه لـ”مرايانا”.
أغماني يرى أنه “من الجيد أن يكون لدينا قانون في هذا الإطار، غير أنه لم ترافقه حملة تواصلية قوية، بخاصة من طرف الحكومة؛ ذلك أن النقاشات التي واكبت مشروع هذا القانون، كانت كبيرة وعديدة”، مضيفا أنه، “عدا المجهود الذي تقوم به المؤسسات الإعلامية، فإن هذا القانون واضح أنه لن ينتهي إلى علم شريحة واسعة من المواطنين”.
إمكانيات التطبيق
المسؤول الحكومي السابق، جمال أغماني، يشرح لـ”مرايانا” في هذا الإطار أن “جسم مفتشية الشغل هزيل، ويعاني من خصاص الموارد البشرية في وزارة التشغيل”، ويضيف: “كان يفترض أن تمنح الحكومة منذ سنتين، وزارةَ الشغل، مناصب كافية لمفتشي الشغل، إذ أن أعدادهم اليوم في تناقص مستمر، بل، ولم يتم حتى تعويض الذين غادروا منهم الوظيفة”.
كندي: “صعوبة تطبيق القانون تكمن، أساسا، في خاصية العمل المنزلي”.
“إذا افترضنا أن مواطنا ما أراد أن يطبق القانون، وأراد أن يضع التصريح المشترك مع العامل الذي يشتغل لديه لدى مفتشية الشغل، فمن الوارد جدا أن يجد الباب مغلقا، وأن يجد في المفتشية كلها، مندوب الشغل وحده”، يوضح جمال أغماني.
أغماني تساءل أيضا عما إذا كان مفتشو الشغل الموجودين حاليا، قادرين على مواجهة مشاكل القطاع الصناعي والقطاع التجاري، حتى تضاف إليهم مسؤولية هذا القانون الجديد. وخلص في حديثه لـ”مرايانا” إلى أن، الأكيد، أن أعداد مفتشي الشغل الحالية، “لا تتلاءم ومتطلبات سوق الشغل في المغرب”.
اقرأ أيضا: “صلاح الوديع: ميراث النساء… مرة أخرى”
من جانبه، عمم الائتلاف الجمعوي للقضاء على استغلال القاصرات بلاغا، من بين ما جاء في سطوره، علامات استفهام مطروحة على تكليف مفتشية الشغل بمراقبة ظروف العمل والتشغيل في المنازل، إذ أنها “لا تستطيع القيام حتى بمهامها الحالية بسبب نقص الموارد البشرية والوسائل المادية”.
الفاعل الجمعوي في الائتلاف، عمر كندي، أكد في حديث لـ”مرايانا” عن الموضوع، أن صعوبة تطبيق القانون تكمن، أساسا، في خاصية العمل المنزلي.
المنازل وفق ذات المتحدث، محمية بموجب القانون، ولا يمكن إذن للمراقب؛ أي مفتش الشغل، الذي كلف بهذه المهمة بموجب القانون، أن يراقب دون أن يمر عبر مساطر العدالة أو الشرطة، وهنا “يكمن التعقيد الذي يحف تطبيق هذا القانون”.
إشكالية تشغيل القاصرين
إذا كان البعض يعتبر أن قانون 19.12 حسنا فعل بوضعه نصا يحمي العمال المنزليين الذين لا يبلغون السن القانوني؛ أي 18 سنة، فإن آخرين اعتبروا وضع فترة انتقالية لتشغيل القاصرين من 16 إلى 18 سنة، تنتهي بعد خمس سنوات، ضربا للدستور وللمعاهدات الدولية التي تروم حماية الطفولة.
من هؤلاء، الائتلاف الجمعوي للقضاء على استغلال القاصرات الذي، وإن أثنى في بلاغه على القانون، وبكونه سيخلق إطارا قانونيا لتنظيم ظروف عمل هذه الفئة، إلا أنه أشار إلى مجموعة من العيوب والصعوبات التي تكتنف تنفيذ العديد من أحكامه.
بلاغ الائتلاف شدد على أنه في “انتهاك صارخ لمصلحة الطفل الفضلى، وللالتزامات الدولية لبلادنا، قررت الحكومة السابقة وأغلبيتها البرلمانية سن فترة انتقالية غير مبررة، ولا يمكن تفسيرها من 5 سنوات، يسمح خلالها باستغلال الأطفال من 16 و17 سنة في العمل المنزلي، حتى 2023”.
الائتلاف يرى أن توقيع عقد عمل من قبل القاصرين على أساس إذن كتابي يوقعه الوصي، “سيفتح أمام السماسرة إمكانيات التحايل السهل على القانون والاستمرار علانية في الاتجار بالقاصرات”.
الفاعل الجمعوي في الائتلاف، عمر كندي، صرح لـ”مرايانا” أنه سبق اقتراح صياغة القانون على أساس يحمي الطفل من جميع المواقع التي ينتمي إليها، إذ “لا يعقل أن الوزير المكلف بالشغل سيتكلف بالطفل، بينما الوزارة المكلفة بالطفولة لا توجد في هذا النقاش”.
اقرأ أيضا: “جمال خليل: الاختلاط أصبح غير مقبول من طرف الرجال في الفضاء العام”
بناء على ما سبق، دعا كندي من خلال “مرايانا”، نيابة عن الائتلاف، إلى إلغاء الفترة الانتقالية التي سلفت الإشارة إليها.
“نحن نعرف بوجود صعوبات كثيرة. لكن عدم وجود مدرسة في منطقة ما، لا يجب أن يبرر أن ترسل الأسر بناتها إلى المدن للعمل المنزلي. هذا غير منطقي وغير عادل. نحن نعتبر أن المكان الطبيعي لأي طفل وأي بنت تبلغ من العمر 16 أو 17 سنة، هو الثانوية أو التكوين المهني… أما كيف ذلك؟ فذلك يجب أن يكون هم الحكومة أصلا”، يستنكر عمر كندي، خاتما حديثه لـ “مرايانا”.