صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. من الوشم إلى الشعر والأسنان: علامات الجمال الأولى! 3/3الجزء الثالث
رأينا في الجزء الأول من هذا الملف كيف بدأ الإنسان الأول يهتم بجماله وأهمية النظافة في هذه المنظومة، كما رأينا في الجزء الثاني، أن اختراع المراهم والزيوت جاء لحاجة الحماية …
رأينا في الجزء الأول من هذا الملف كيف بدأ الإنسان الأول يهتم بجماله وأهمية النظافة في هذه المنظومة، كما رأينا في الجزء الثاني، أن اختراع المراهم والزيوت جاء لحاجة الحماية من قسوة الطبيعة لكن أيضا للزينة؛ وعرفنا أن اختراع طريقة لصناعة الألوان، اعتبرت لحظة فارقة في تاريخ التجميل. في هذا الجزء، الثالث والأخير، نرصد أهمية الوشم والأختام لدى القبائل البدائية، وكذا الاختلافات الجوهرية بخصوص معايير الجمال فيما بينها.
الأختام والأوشام: جمال وتمييز لقبيلة عن أخرى!
بغرض الحفاظ على نضارة وجوه أفرادها، وأيضا للدلالة على الانتماء إلى قبيلة معينة منها، كانت الشعوب الأولى تستعمل أختاما ترابية يمكن بواسطتها طباعة النموذج المرغوب فيه على الجلد. وقد ظل ذلك لفترة قبل أن تتوارى لكونها لا تقاوم الماء أو أشعة الشمس.
تسريحات الشعر معقدة، وكانت تتطلب وقتا طويلا ورفاهية في الحياة، لذلك كانت تناسب الشعوب التي تمارس الزراعة، أما الشعوب التي كانت تمارس القنص وحياتها غير مستقرة، فقد كان اهتمامها بتصفيف الشعر أقل.
في غضون ذلك، فكرت هذه الشعوب في إيجاد طريقة بديلة، فاخترعت ما يعرف بـ”الوشم”، الذي يستخدم أحيانا بأدوات جارحة، لأن الأخير يتم بأسلوب أكثر دقة يسمح برسم خطوط وزخارف زينة جد معقدة. وقد كان الوشم أحيانا يطال أجزاء واسعة من الجسم تستوجب إزالة شعره.
على عكس هؤلاء، هناك شعوب لا تستخدم الوشم أو الرسوم، كانت ترى في الشعر الغزير، ضرورة جمالية. اللحية، مثلا، كانت تعبيرا “صارخا” عن جمال الذكور، وقد أحصى بعض الأنثروبولوجيين، وميزوا بين 15 نوعا من أنماط اللحى البدائية.
لكن… كان للطقس وظروف الحياة الاقتصادية دور رئيسي في تحديد اهتمام الشعوب بشعرها. فالتسريحات المعقدة، كما يشير إلى ذلك ليبس، كانت تتطلب وقتا طويلا ورفاهية في الحياة بشكل ما، لذلك كانت تناسب الشعوب التي تمارس الزراعة، في حين أن الشعوب التي كانت تمارس القنص أو كانت حياتهم لا تسمح لهم بالاستقرار، كان عدد ساعاتها المخصص لتصفيف الشعر قليلا.
اختلافات جوهرية و”تشويهات غريبة”
في معايير الجمال القائمة حاليا، تعد الأسنان البيضاء وناصعة البياض حتى، شرطا أساسيا لامتلاك فم جميل. كذلك كانت قديما قبائل “النوير”، جنوب السودان، تستخدم رماد الحطب وروث الأبقار للحفاظ على أسنان بيضاء ونظيفة.
على العكس من ذلك، نجد قبائلَ في جزيرة “بورينو”، الإندونيسية، تؤمن بأن جمال الفم لا يكتمل إلا بوجود أسنان سوداء. وقد راقب أحد الباحثين عملية الحصول على ذلك فوجدها معقدة، تمتزج بطقوس أخرى. هذا وكان آخرون يبردون أسنانهم ويمضغون مادة تسمى “سرين”، كي لا يشعروا بالألم، حتى يلبسونها أحجار ثمينة كالذهب مثلا.
الإنسان الأول كان سباقا إلى اختراع المرايا، وأقدمها عبارة عن صدفة ذات سطح أملس أو قرص معدني مصقول، لا زالت بعض النماذج المتأخرة عنها، تعرض اليوم في بعض متاحف العالم.
زينة الجسم الإنساني، بلغت ذروتها لدى الشعوب الأولى، مع اهتمامها بتعليق أطواق العنق وأساور اليدين والتزين بالريش، وبكل ما يتبادر للذهن من أنواع الزينة؛ بل وكانت هناك “تشويهات غريبة من نوعها” كثقب الجدار الفاصل بين فتحتي الأنف، مثلا، لتعليق بعض أنواع الحلي.
أما لوازم الجمال الأخرى، التي تبتغي الإغراء خاصة، كالعطور، فإنها لم تظهر إلا في ثقافات متأخرة، ذلك لأن أزهار بعض المناطق، بخاصة الاستوائية، لا تنبعث منها رائحة زكية. ومع ذلك، فيندر ألا يكون الإنسان قد استعمل مادة توجد في الطبيعة من أجل تزيين نفسه، كشاهد على ذوقه الجمالي.
لأجل ذلك، حسب الباحث يوليوس ليبس الذي أشرنا له في الجزء الأول من هذا الملف، كان الإنسان الأول سباقا إلى اختراع المرايا. أقدمها في هذا الصدد، عبارة عن صدفة ذات سطح أملس أو قرص معدني مصقول، لا زالت بعض النماذج المتأخرة عنها، تعرض في بعض متاحف العالم.
لقراءة الجزء الأول: صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. هكذا بدأ الإنسان يهتم بجماله!
لقراءة الجزء الثاني: صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. من الوشم إلى الشعر والأسنان: علامات الجمال الأولى!