صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. هكذا بدأ الإنسان يهتم بجماله! 3/1 - Marayana - مرايانا
×
×

صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. هكذا بدأ الإنسان يهتم بجماله! 3/1الجزء الأول

صحيح أنه قبل آلاف السنين، لم يكن التجميل معروفا بصيغته الحالية؛ ذلك أن الأخير سيرورة طويلة من التطور في المعايير والأدوات والذائقة الجمالية. إلا أن الأبحاث الأنثربولوجية التي درست الشعوب …

صحيح أنه قبل آلاف السنين، لم يكن التجميل معروفا بصيغته الحالية؛ ذلك أن الأخير سيرورة طويلة من التطور في المعايير والأدوات والذائقة الجمالية. إلا أن الأبحاث الأنثربولوجية التي درست الشعوب الأولى، أو “البدائية”، أكدت أن هؤلاء كانوا يتبعون نظما خاصة في التجميل؛ بل وكان لهم كل على حدة، تصور دقيق تجاه من يصفونه بـ”الجميل”.

كان الأوائل حسب ما يورده، يوليوس ليبس[1]، في كتابه “أصل الأشياء، بدايات الثقافة الإنسانية”[2]، شديدي الحرص على النظافة إلى درجة مثيرة للانتباه. ثم إنه للتكيف مع طبيعتهم، برزت الحاجة إلى اختراع مراهم وزيوت من وحي ما يحيط بهم من نبات وأشجار. كان ذلك لأسباب صحية أحيانا، وفي أحيان كثيرة، لأسباب جمالية صرفة رافقت اكتشافهم لتقنيات استخراج الألوان.

شعوب هذه المناطق اخترعت طريقة استحمام بالبخار، إذ صمموا أكواخا خاصة، تسخن فيها الحجارة ويرش عليها الماء، ليتولد عنها بخار يستعمل للاستحمام.

الواقع أن الشعوب الأولى كانت تمتلك صالون تجميل مكتمل الأركان (بالمفهوم الحالي)، على تباين تصورهم للجمال؛ فهؤلاء، مثلا، يفضلون أسنانا بيضاء، وأولئك أسنانا سوداء.

في هذا الملف، نكتشف بدايات اهتمام الإنسان بجماله وبمظهره!

النظافة هاجس وشرط مشترك

تختلف شعوب الأرض في تحديدها لمعايير الجمال وذائقتها الجمالية عموما؛ إذ أن كلا منها يمتلك تصوره الخاص حيال ذلك. بيد أنها تلتقي عند نقطة واحدة: النظافة. هذه الأخيرة، تعد هاجسا مشتركا للبشرية منذ كانت، وشرطا أساسيا لا غنى عنه لمظهر حسن؛ فالفرد الذي يدخل في خانة التربية الحسنة لدى الشعوب الأولى، هو ببساطة، الشخص الذي يهتم بقواعد صحته البدنية.

الواقع أن الشعوب الأولى كانت تمتلك صالون تجميل مكتمل الأركان (بالمفهوم الحالي).

يشير يوليوس ليبس في الكتاب المذكور أعلاه، إلى أن لدى الشعوب البدائية نعت شائع يقولون فيه: “إنك تغتسل مثل الرجل الأبيض”، ويقصدون بهذا، “المتحضر” الذي لا يغسل من جسمه خلال إقامته لديهم، سوى وجهه ويديه. والواقع أن هذا النعت بالنسبة لهذه الشعوب، يعد من أكبر الإهانات التي يمكن أن يُتوجه بها إلى أحدهم.

ذات الكتاب يوضح على لسان أحد الأنثربولوجيين، أنه لاحظ شعوبا تغتسل مرتين أو ثلاثا يوميا؛ وأن أولئك الذين يهملون نظافة أجسامهم يفقدون مراكزهم الاجتماعية وتتدنى مراتبهم، بل ويستبعدون من المجتمع فيعيشون في عزلة لوحدهم.

ونجد في قبيلة “كريك”، وهي قبيلة من قبائل الهنود الحمر، أن الأفراد هناك يغتسلون مرة في اليوم على الأقل. ومن لم يفعل، حسب ليبس، يعاقب بعقوبة صارمة، إذ يحكم عليه بـ”تمزيق ذراعيه وساقيه بأنياب أفاع”.

عموما، حيث يتوفر الماء، درج السكان الأصليون على الاغتسال والحفاظ على النظافة ما أمكن. لكن، بالمقابل، في الصحارى مثلا حيث يعد الماء مادة نادرة، نجد سكانها يستخدمون الرمال للنظافة.

أمّا بعيدا في المناطق القطبية، حيث لا يسمح الثلج بالاغتسال بالماء، فإن شعوب هذه المناطق اخترعت طريقة استحمام بالبخار، إذ صمموا أكواخا خاصة، تسخن فيها الحجارة ويرش عليها الماء، ليتولد عنها بخار يستعمل للاستحمام.

في الجزء الثاني من هذا الملف، نكتشف أسباب ودواعي اختراع المراهم والزيوت، وكذا اللحظة الفارقة في تاريخ التجميل.

لقراءة الجزء الثاني: صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. من المراهم والزيوت إلى صناعة الألوان..

لقراءة الجزء الثالث: صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. من الوشم إلى الشعر والأسنان: علامات الجمال الأولى!


[1]  يوليوس ليبس، (1895-1950)، باحث أنثربولوجي ألماني، أستاذ علم الأجناس وعلم الاجتماع في جامعة كولن سابقا.
[2]  يوليوس ليبس، “أصل الأشياء.. بدايات الثقافة الإنسانية”، تعريب كامل اسماعيل، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا، الطبعة الثانية، سنة 2006.  (يتناول الكتاب مجموعة من الدراسات الأنثربولوحية الاجتماعية والثقافية التي قام بها مختصون في علم الأجناس عبر قارات العالم، للتعرف عن التراث المادي والفكري للشعوب الأولى).
تعليقات

  1. Ali

    Hhhhh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *