هشام روزاق يكتب: أخنوش… غايدّينا فين نتربّاو!! - Marayana - مرايانا
×
×

هشام روزاق يكتب: أخنوش… غايدّينا فين نتربّاو!!

… ونحن صغار، كانت مائدة الطعام في حد ذاتها… حجرة درس. على مائدة الطعام… علمنا أهلنا، أن الكلام بفم ممتلئ بالطعام، هو قلة أدب، “قلة ترابي” على قول عزيز أخنوش. …

… ونحن صغار، كانت مائدة الطعام في حد ذاتها… حجرة درس.

على مائدة الطعام… علمنا أهلنا، أن الكلام بفم ممتلئ بالطعام، هو قلة أدب، “قلة ترابي” على قول عزيز أخنوش. لكن…

هنا بالضبط، أخطأ أهلنا. لم يخبرونا أن التكلم بفم محشو بالطعام، ليس أقصى درجات قلة الأدب، ليس منتهى “قلة الترابي”… أن تتكلم برأس فارغ، هو قمة سوء السلوك.

وأن تتكلم برأس فارغة، يعني ببساطة، أن تكون مثل أخنوش.

أخنوش… رغم الأموال الكثيرة التي يدفعها لخبير تواصل بريطاني (عسكري بريطاني اشتغل طويلا في دول إفريقية متعددة، بعضها ارتبط بفضائح)، ورغم جيوش من الصحافة والصحافيين تهلل له ولفشله… أثبت بالفعل أن الرأس الفارغة، تتوفر على فكرة وحيدة فقط… هي اللسان.

قلة الترابي ف المغرب… ليست انتقاد مؤسسة أو التعبير عن غضب من حالة بلد وفساد. قلة الترابي ديال بصاح… هي الاستفادة من الريع، هي احتكار ثروة المغاربة المشتركة دون وجه حق…

قلة الترابي… هي يفصلو ليك حزب على قدك، وتلبسو… وتسحاب راسك وليتي مانكان.

الملياردير المغربي، الذي جاؤوا به إلى حزب ووزارات فصلت له على المقاس، أطلق فكرته الوحيدة/لسانه على المغاربة، معتبرا أن هناك مغاربة… قلالين الترابي، ويجب إعادة تربيتهم.

… في أقل من دقيقة، اقترف الملياردير المدلل 4 أخطاء، على الأقل، يجب أن يحاسب على كل واحد منها، بمنتهى الصرامة.

1ــ استعمل أخنوش خلال هذه الكلمة رمزية ملك البلاد في نشاط سياسي، يفترض أن ملك البلاد بعيد عنه. وأعتقد، أن المؤسسة الملكية في المغرب، يجب بالفعل أن تقطع مع مثل هذا الاستعمال المتكرر لرمزيتها، من طرف أخنوش أو غيره.

2ــ الذين شاهدوا فيديو كلمة أخنوش، سينتبهون بالضرورة إلى تعبير الجسد، بالموازاة مع الكلام (المفروض، على الأقل، أن لا يغيب ذلك عن العسكري البريطاني المكلف بالتواصل لدى أخنوش، وإلا راه غير تا يتخلص فابور)…

اقرأ أيضا: حزب دولة… حرب وطن: ثم ماذا بعد أخنوش؟

 هنا… نتحدث بالضبط، عن مقطع يقول فيه أخنوش: (سمحو لي… ماشي فقط العدل اللي خاص يدير العدل ولا “لاجيستيس” اللي كاتدير خدمتها لأن واحد سب ولا هادا…)

في هذا المقطع… تشير حركات جسد أخنوش، خصوصا التلويح باليد مع الـ”grimace de visage”، إضافة لكلامه، إلى احتقار السلطة القضائية، وعدم الإيمان بها. فقط لا غير.

3ــ أخنوش… كرجل مؤسسات (زعما هو تايقول على راسو هاد الشي)، دعا علانية، وصراحة… إلى إعمال مبدأ “شرع اليد”، وحرض المغاربة على عدم انتظار تدخل السلطات المعنية والمؤسسة القضائية، والمبادرة إلى استعمال العنف، لإعادة “تربية” المختلفين معهم. (نعاودو ليك التربية في السياق المغربي، هي إحالة مباشرة وصريحة على العنف. بعض من تفاصيل سنوات الرصاص، كان عنوانها بالضبط… إعادة تربية المعارضين. ندّيك فين تتربى… معناها واضح ولا يحتاج لتأويل).

4ــ استعمل أخنوش رمزية ملك البلاد، في دعوة صريحة إلى العنف، خصوصا حين ربط بين ضرورة تدخل المغاربة لإعادة تربية المختلفين معهم، مع ما قال بالحرف: “… تا المغاربة خاصهوم يديرو خدمتهوم. المغاربة اللي ناقصاه التربية، خاصنا نعاودو ليه التربية ديالو… ما يمكنش، ما يمكنش، عندنا وحدة وراء صاحب الجلالة”. ما علاقة ما يدعو إليه أخنوش من تحكيم شرع اليد مع الوحدة وراء الملك؟…

طبعا… أخنوش، الوزير الذي ولد سياسيا وفي فمه حزب من ذهب (أو قل في فمه الذهب مكوغط ف حزب)، تناسى، وهو يعطي دروسا للمغاربة في ما يعتبره “احترام المؤسسات”، أنه وحزبه، أصدروا قبل أيام قليلة مضت (شتنبر 2019)، بيانا مخجلا ضد واحدة من مؤسسات الدولة، أقصد المجلس الأعلى للحسابات

أعتقد أن المؤسسة الملكية هنا ستنتظر، مثلنا، توضيحات من أخنوش… عبر وكالات أنبائه المتنوعة!!

… أخنوش ببساطة، وفي أقل من دقيقة، أخرج فيها لسانه إلى الهواء الطلق، مارس كثيرا من معنى التطاول والمس بـ… المؤسسة الملكية، المؤسسات، السلطة القضائية، الشعب… (ضرب كل العناوين التي أخرج لسانه بدعوى الدفاع عنها).

طبعا… أخنوش، الوزير الذي ولد سياسيا وفي فمه حزب من ذهب (أو قل في فمه الذهب مكوغط ف حزب)، تناسى، وهو يعطي دروسا للمغاربة في ما يعتبره “احترام المؤسسات”، أنه وحزبه، أصدروا قبل أيام قليلة مضت (شتنبر 2019)، بيانا مخجلا ضد واحدة من مؤسسات الدولة، أقصد المجلس الأعلى للحسابات، واعتبروا مضامين تقريره، خصوصا ما يتعلق منها بالقطاعات التي يدبّرها عزيز أخنوش… مجرد استهداف سياسي.

… البيان المخجل الذي نتحدث عنه هنا، ضرب كل معاني احترام المؤسسات وفصل السلط في مقتل، لا لشيء سوى لأن المجلس الأعلى للحسابات، وجه ملاحظات دقيقة تخص القطاعات التي “يدبرها” الملياردير أخنوش… الذي يدعو المغاربة اليوم، إلى احترام المؤسسات، وإلى “إعادة تربية” من لا يحترم المؤسسات. (زعما يكون داوي على راسو؟).

اقرأ أيضا: بنسعيد آيت إيدر… “معارض الملوك الثلاثة”

… المثير في الحكاية هنا، أن أخنوش، “اللي باغي يعاود التربية للمغاربة”، يعرف أن أصل التربية، كما علمنا أهلنا، هي الصدق حين يكون مرادفا للشجاعة… وأخنوش وحزبه، وهم يهاجمون تقرير المجلس الأعلى للحسابات (سنة 2019)، تناسوا أن أصل الحكاية، يعود لـ 2018… بالضبط، حين تحدث ملك البلاد في أكتوبر 2018، أمام البرلمان، ليعلن ببساطة عن ضرورة… “معالجة اختلالات العالم القروي”؛ أي، ليعلن بوضوح عن فشل ما سمي بـ “مخطط المغرب الأخضر”… الذي باشره أخنوش منذ حوالي 10 سنوات. مخطط أخضر، يقول المهتمون إن 80 بالمائة من ميزانيته الضخمة، ذهبت لكبار الفلاحين فقط، وقالت أرقام مندوبية التخطيط إنه… لم يفشل فقط في الوصول إلى أهدافه المعلنة، بل، أفظع من ذلك… تم تسجيل فقدان أكثر من 120 ألف منصب شغل في عشر سنوات. (ها المحروقات ديال بصاح).

طبعا… حينها، لم يمتلك أخنوش والحزب الذي قُدم إليه كهدية شجاعة الرد. “ضربو الطم. وصقلو”.

على مائدة الطعام… علمنا أهلنا، أن الكلام بفم ممتلئ بالطعام، هو قلة أدب، “قلة ترابي” على قول عزيز أخنوش. لكن…

هنا بالضبط، أخطأ أهلنا. لم يخبرونا أن التكلم بفم محشو بالطعام، ليس أقصى درجات قلة الأدب، ليس منتهى “قلة الترابي”… أن تتكلم برأس فارغ، هو قمة سوء السلوك.

… طيب!

أين المشكل في كل هذا الكلام والجهد والمنطق الذي نحاول أن نخاطب به أخنوش؟

المشكل فينا… وليس في الملياردير الذي أهدوه حزبا. أن تتكلم بهكذا منطق مع أخنوش، فإنك في النهاية… تكون كمن ينتظر جوابا من شخص يتكلم بفم محشو بالطعام، ورأس فارغة…  “في دقة واحدة”، كما قالت الوزيرة بادو ذات زمن.

هاداك اللي باغي يعاود لينا التربية، ربما لم يكتشف بعد، أن هناك فرقا كبيرا… بين اللي ما مربيش مزيان، واللي… ما مربيش بالمرة.

كلام أخنوش، ذكرني بكلمة ساخرة للكاتب والصحافي النمساوي (KARL KRAUS)، يقول: “عرفت رجلا، حينما كان يتكلم، كان يضع أصبعه في الأنف… ويا ليته كان أنفه هو”.

شخصيا، أعتقد أن أخنوش، كان مثل هذا الرجل… عوض أن يقترف سوء السلوك بأنفه، حاول اقترافه في…أنوفنا.

ولأن الذي يضع أصبعه في أنف غيره، عليه أن ينتظر الـ …”عواقب”، فإن على أخنوش اليوم، أن يفهم أخيرا أن الضمير… “ما تيغسلوش كلينيكس”.

اقرأ أيضا: “المخزن”: استخدام “الرمزية”… الجانب الخفي والأهم لممارسة السلطة وترسيخها (الجزء الثالث)

أن قلة الترابي ف المغرب… ليست انتقاد مؤسسة أو التعبير عن غضب من حالة بلد وفساد. قلة الترابي ديال بصاح… هي الاستفادة من الريع، هي احتكار ثروة المغاربة المشتركة دون وجه حق…

قلة الترابي… هي يفصلو ليك حزب على قدك، وتلبسو… وتسحاب راسك وليتي مانكان.

قلة الترابي… هي ملي يكون عندك شي مقاول فشي بلاد (مثلا)، يحول كثيرا من الصحافة (ديال ديك البلاد مثلا) إلى وكالات أنباء ناطقة باسمه، مقابل عقود وأموالٍ… منطق الإشهار نفسه، يخجل منها.

قلة الترابي… كما علمنا أهلنا، هي تجي من اللور… وتعاود ما طرا.

… ذات يوم، قال رئيس الجمهورية الإيطالي الأسبق، الصحافي، المقاوم، والمحامي “Sandro Pertini”:

“لا توجد أخلاق عامة وأخلاق خاصة. الأخلاق واحدة وتنطبق على جميع مظاهر الحياة. أولئك الذين يستفيدون من السياسة لكسب المقاعد أو الهبات، ليسوا سياسيين. إنهم فقط… رجال أعمال مخادعون”.

اقرأ لنفس الكاتب: الرعايا والرعاع. حين يختلف اللصوص… ولا يظهر المسروق

… نصيحة لأخنوش:

ماشي ضروري تقرا كلمة “Sandro Pertini”… قرا فقط، التعريف المقتضب ديالو: رئيس الجمهورية الإيطالي الأسبق، الصحافي، المقاوم، والمحامي…

ربما… تقدر تتفق معي، أن قلة الترابي… هي أن من هب ودب، يولي سياسي.

ملاحظة خارج السياق:

واحد المرة … قال رونالد ريغان:

“نعتت السياسة دائما، بأنها ثاني أقدم مهنة في العالم. أحيانا، أجد أنها تشبه المهنة الأولى”.

وهذا… بعض من كلام.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *