من اليمن، حسين الوادعي يكتب: نحن الأقوى… نحن الأفضل
كلما كانت الطبقات المتراكمة أعلى، كلما كان التفكير أصعب، لأن العقل مقيد ومحمل بأساطير وخرافات. وكل أسطورة أو خرافة هي خصم بالسالب من قدرة العقل على التفكير…
حتى يستعيد العقل العربي عافيته وقدرته على التفكير، يجب أن يتخلص من الخرافات والأفكار الشائعة وغير النقدية.
الخرافات والأفكار الشائعة تعرقل عمل العقل، مثلما تعرقل الحمولة الزائدة انطلاق السيارة. وعندما تمر السيارة المحملة بأكثر من طاقتها بمنعطف مصيري ومفاجيء، تفقد سيطرتها وتسقط في الهاوية.
أؤمن بما قاله محمد عابد الجابري حول “استقالة العقل” العربي وعدم قدرته على إنتاج معرفة جديدة قبل التحرر من خرافاته ومعوقاته.
في مجتمعاتنا، هناك ثلاث طبقات من الأفكار الشائعة التي تعرقل عمل العقل:
أولا: الطبقة الدينية: الإسلام خاتم الأديان، وكلمة الله النهائية غير المحرفة. الإسلام دين ودولة. النصوص الإسلامية ثابتة ونقية لم تتعرض لأي تحريف. الإسلام منهج شامل فيه إجابات عن كل شؤون الحياة. الشريعة الإسلامية يجب أن تكون أساس الحكم. لا يحتاج الإسلام لإصلاح ديني أو تجديد. تخلفنا سببه بعدنا عن الدين…
هذا الركام من الأفكار الشائعة يجعل أي تفكير نقدي في الدين مستحيلا..
اقرأ أيضا: الدين الصحيح؟ دعوة للتفكير.. ولا داعي للتأويل صديقي! (1/2)
ثانيا: الطبقة القومية: كل مواطني ما يسمى “العالم العربي” هم من العرق العربي. يجب أن يتوحد العرب في دولة واحدة. مركزية وتفوق الأخلاق العربية على أخلاق الأمم الأخرى. مركزية وتفوق العربية على بقية اللغات. الحضارة الإسلامية هي حضارة عربية وهي أرقى الحضارات على الإطلاق. دخلنا عصر الانحطاط عندما تمت إزاحة العرب من السلطة وسيطر الفرس والترك. “الوطن العربي” هو مركز العالم وضحية مؤامرة مستمرة من الغرب لنهب ثرواته…
ثالثا: الطبقة الوطنية المحلية: ولكل قطر من المنطقة أفكاره وأساطيرة الوطنية التي تعيق تفكيره.
في اليمن، على سبيل المثال، هناك نوع من “المركزية اليمنية” مكونة من ركام من الأفكار غير النقدية مثل: اليمنيون أصل العرب (علما أن اليمنيين أنفسهم، هم نتاج هجرات عربية من الشمال). الحضارة اليمنية القديمة كانت أرقى وأقوى حضارات الشرق القديمة (هل يمكن مقارنتها بالحضارة المصرية أو الصينية أو الآشورية؟). أغلب العقائد الدينية في اليهودية والإسلام مأخوذة من الديانات اليمنية القديمة (ادعاءات كمال الصليبي والربيعي).
اقرأ أيضا: الأكراد… أصدقاء الجبال، المشتّتون، وحلم الدولة الذي تجهضه لعنة التاريخ والجغرافيا 4/1
اليمن مقبرة الغزاة وعصية على الغازين (علما أن اليمن تعرضت للاحتلال لآلاف السنين وخضعت له مثلها مثل غيرها، بل أن الأوقات التي لم تخضع فيها اليمن للاحتلال محدودة). لليمن خصوصية في تطوره تجعله مختلفا في قوانين تطوره وانهياره عن بقية الدول. دخل اليمنيون الإسلام بلا قتال. لولا اليمنيين، لما انتشر الإسلام. نحن متخلفون ماديا لكننا أحفاد حضارة وماض مجيد!!
إضافة طبعا إلى منظومة النرجسية الشعبية: الأكل اليمني ألذ أكل في العالم، والفن اليمني هو الفن الأرقى في الجزيرة، واللباس اليمني أجمل ما خاطته يد الإنسان، والطقس اليمني هو الأكثر اعتدالا على وجه الأرض، والقات عادة جميلة وليس تخلفا وإدمانا جماعيا مدمرا…
كلما كانت الطبقات المتراكمة أعلى، كلما كان التفكير أصعب، لأن العقل مقيد ومحمل بأساطير وخرافات. وكل أسطورة أو خرافة هي خصم بالسالب من قدرة العقل على التفكير…
اقرأ لنفس الكاتب: خدعوك فقالوا: الغرب متقدم مادياً، لكننا متقدمون أخلاقياً!