سناء العاجي الحنفي… هذه أنا - Marayana - مرايانا
×
×

سناء العاجي الحنفي… هذه أنا

اسمي الأصل… أمي

هل أنا سناء العاجي؟

أقصد، هل أنا سناء العاجي… فقط؟

أليس للـ… الحنفي مني وفيّ شيء؟

ألم أكن، وأنا أعلن صرختي الأولى، أخبر العالم أن هذه البطن هي أول الحياة، وسبب البقاء؟

فلماذا لست سناء الحنفي؟ أين اختفى اسمي الأصل…سبب الوجود وحاضنه؟

ثم… ماذا لو حملتُ أمي في اسمي… كما أحملها في جيناتي وفي تفاصيلي؟

منذ شهور، يسكنني سؤال الحيف الذي يطال الأمهات: لماذا لا نحمل أسماءهن؟

تحضننا الأمهات في رحمهن تسعة أشهر، تمنحننا الحياة، ونظل في أحشائهن، بكل ما يعنيه ذلك من صعوبات الحمل التي لا نتحدث عنها بالشكل الكافي… وكأننا نُصِر على إضفاء قدسية ومثالية على دور الأمومة، تلغي كل حديث ممكن عن صعوبات الحمل والولادة على المستويين الجسدي والنفسي!

ثم يُنْجِبْنَنا وهنَّ يَعِشن أحدَ أشد أنواع الألم التي يمكن أن يعرفها إنسان. لكن… حينها، يصر العالم على انتظار صرخة المولود فقط… وكأن صرخة الأم، مجرد صخب يؤثث فرح الانتظار.

لن نتحدث عن السهر والتربية والاهتمام بالأطفال لأننا نفترض أنها مسؤولية مشتركة بين الوالدين، رغم أن الواقع والممارسة والنماذج حولنا تبين بالعين المجردة أن الأمهات، في أغلب الحالات، يعانين أكثر ويبذلن مجهودا أكبر في هذه المهمة. لكن، مع ذلك، لنعتبر المجهود مشتركا.

فلماذا، رغم كل هذا، لا وجود لأمهاتنا في أسمائنا؟

لماذا لا نحمل إلا الاسم العائلي للأب؟

لماذا تنتفي، في هوياتنا، الأمهات؟

بل أن هناك من دول منطقتنا من ينفي هويتها هي شخصيا، بمجرد أن تصير أما… لتتحول مريم ونادية ومنانة وزينب… إلى أم أحمد وأم فيصل وأم هشام وأم خالد… وكأن وجودها، كشخص، أصبح ملغيا، لمجرد أنها أصبحت أما!

حتى أن بعض المجتمعات في منطقتنا تعتبر ذكر اسم الأم عارا أخلاقيا في حقها وحق أبنائها… ممارسة جعلت هيأة الأمم المتحدة للمرأة تطلق، سنة 2015، حملة تحت شعار:  give mom back her name، نجد بعض تفاصيلها على مواقع التواصل الاجتماعي.

من غير العدل أن تحبِل الأمهات لتسعة أشهر بما يعنيه ذلك من صعوبات كثيرة، وأن تتحملن آلام المخاض والولادة والتأثيرات النفسية والجسدية لما بعد الولادة، ثم الرضاعة والتربية والحفّاظات والسهر، حتى لو كان ذلك بشراكة مع الأب أو بمساعدة الأهل أو أي أطراف أخرى… ثم تنتفين، بمجرد مغادرتنا لأحشائهن، في هوياتنا ومساراتنا وأسمائنا.

قانونيا، في المغرب، لا يمكن تغيير الاسم العائلي إلا بالنسبة للأشخاص الذين تحمل أسماؤهم دلالاتٍ مهينة… أما أن أقرر، بمحض إرادتي، إضافة اسم أمي، فهذا ليس ممكنا في الوقت الحالي…

أتمنى أن يأتي زمن لا يحتاج فيه الأفراد للسؤال عن هذه الإمكانية… أتمنى أن يأتي زمن يكون فيه الطبيعي، حين يولد طفل أو طفلة، أن يسجلا باسم الأم واسم الأب معا!

بانتظار ذلك، فقد قررت، ابتداء من هذه اللحظة، في خطوة رمزية للاعتراف بأمي فيما أنا عليه، أن أحمل اسمها في هويتي التعريفية؛ على الأقل في “حياتي العامة”: في مقالاتي وكتاباتي وحضوري الإعلامي.

من الآن، سأكون، كما أنا… كما يفترض أن أكون…. سناء العاجي الحنفي!

سأعود للحقيقة الأصل، وأكون سناء العاجي الحنفي… لأني ابنة عبد الله العاجي، ذلك الرجل الحنون الذي أتمنى له الرحمة حيث هو؛ ولأنني، أيضا، ابنة منانة الحنفي، تلك الأم التي حمَلت وأنجبت وتألمت وسهرت.

سيأتي علينا طبعا من يقول إن النساء في مجتمعاتنا تعانين من الفقر والأمية والعنف وأن كل هذا ليس أولوية!

فهل من ثانويات النقاش أن تُلغى أمهاتنا من وجودنا، وكأن مهمتهن محصورة فقط في الشأن الداخلي والبيولوجي؟ وهل من الترف أن نحمل أمهاتنا في هوياتنا… وأن نعيد لهن حقا مسلوبا يفترض أن لا يكون أساسا موضوع نقاش أو نضال؟

لا… ليس ترفا أن نخرج أمهاتنا من العدم… أن يكون لهن تعريف فينا وفي هوياتنا.

أريد، وأتمنى، أن يكون لأمهاتنا من أسمائنا نصيب… فمن الحيف الشديد أن يكنَّ، فقط، تلك الحاضنة الطبيعية التي تمنحنا الحياة.

وجودهن فينا وفي تعريفنا حق لهن… ولنا!

لذلك، فمنذ هذه اللحظة، وكما كنت عند لحظة الوجود الأولى، أنا: سناء العاجي الحنفي!

تعليقات

  1. يا سين

    تبارك الله عليك سناء
    انا تفرجت فيك في فلم طيف نزار مع محمد البسطاوي
    او فلم انكسار مع هدى ريحاني كنتي رائعة
    او الله اوفقك

  2. مواطن عادي

    فكرة نبيلة…غير أنها جزيرة أن الحنفي أيضا ما هو إلا اسم اب الام

  3. لا شئ

    متمردة جميلة و مثقفة ، عاش التمرد و عاشت سناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *