من اليمن، حسين الوادعي يكتب: كيف تدهور “وعي التخلف” عند العرب؟ - Marayana - مرايانا
×
×

من اليمن، حسين الوادعي يكتب: كيف تدهور “وعي التخلف” عند العرب؟

عندما ألف رفاعة الطهطاوي كتابه “تخليص الإبريز” قبل 180 عاما، كانت الصورة عنده واضحة: هناك بلدان متخلفة هي البلدان المسلمة؛ تقابلها بلاد متحضرة هي بلاد الفرنجة. وسبيل الخروج من التخلف، …

عندما ألف رفاعة الطهطاوي كتابه “تخليص الإبريز” قبل 180 عاما، كانت الصورة عنده واضحة:

هناك بلدان متخلفة هي البلدان المسلمة؛ تقابلها بلاد متحضرة هي بلاد الفرنجة. وسبيل الخروج من التخلف، هو الاستفادة من علوم وصنائع وقوانين وعوائد تلك البلدان.

الاستبداد ليس عيبا وإنما وسيلة أخرى للحكم. وتهميش المرأة ليس تخلفا وإنما تكريم لها وحماية. وتحقير العقل ليس خطأً وإنما حماية للبشر من الهوى والضلال.

تبعه في ذلك الشيخ محمد عبده وشكيب أرسلان الذي ألف كتاب “لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم” قبل حوالي قرن من الزمان. وكانت الصورة عنده أيضا واضحة؛ فالعرب والمسلمون لن يتقدموا إلا بما تقدم غيرهم: العلم والصناعة والحرية والمساواة… إلى آخر القيم الغربية الحديثة.

لكن شيئا غريبا بدأ يحدث منذ عشرينات القرن الماضي.

اقرأ لنفس الكاتب: الوصايا العشر لإصلاح علاقة الإسلام بهذا العصر

لم يعد المتخلف يرى نفسه متخلفا!!

ولم يعد الغرب ونظمه ونهضته مثار إعجابه.

ظهرت نغمة جديدة تقول إننا لسنا متخلفين وإنما “مختلفين”.

وإننا لا نحتاج الحرية والديمقراطية والعقلانية والمساواة وتحرير النساء وكل القيم الغربية الحديثة.

صار المتخلف يرى نفسه متقدما، ويرى تخلفه حضارة، وخرافاته حكمة، وفشله قناعة، وكبته فضيلة، وغباءه علما!

إن تخلفنا هو تقدم من نوع مختلف!!

فالاستبداد ليس عيبا وإنما وسيلة أخرى للحكم. وتهميش المرأة ليس تخلفا وإنما تكريم لها وحماية. وتحقير العقل ليس خطأً وإنما حماية للبشر من الهوى والضلال.

لكن، ما إن حلت سبعينات القرن العشرين، حتى أصبح خطاب تقديس التخلف أسوأ.
فنحن لم نعد متخلفين، بل الغرب نفسه هو المتخلف المفكك المادي الملحد الإباحي.

اقرأ لنفس الكاتب: خدعوك فقالوا: الغرب متقدم مادياً، لكننا متقدمون أخلاقياً!

أما نحن، فمتقدمون أخلاقيا واجتماعيا. وسبب إحساسنا بدونيتنا هو الانهزام أمام الثقافة الغربية.

صار المتخلف يرى نفسه متقدما، ويرى تخلفه حضارة، وخرافاته حكمة، وفشله قناعة، وكبته فضيلة، وغباءه علما!

ولم يعد المتخلف مهموما بسؤال النهضة: “لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟”، بل صار منشغلا بإقناع المتقدمين أنهم ضائعون متخلفون، وأن مفتاح حلول “مشكلاتهم” عنده هو المتخلف الجائع الأمي المقهور الخائف المليء بالأمراض المزمنة والمسكون بهاجس العظمة الزائفة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *