حسين الوادعي: نوبل للكيمياء ونظرية التطور - Marayana - مرايانا
×
×

حسين الوادعي: نوبل للكيمياء ونظرية التطور

النظريات الثلاث الكبرى التي تحصد جوائز نوبل في العلوم في أغلب الأعوام هي: النظرية النسبية؛ نظرية الكوانتم؛ نظرية التطور. ذهبت كثير من جوائز نوبل إلى أبحاث هي في حقيقتها تطبيقات …

النظريات الثلاث الكبرى التي تحصد جوائز نوبل في العلوم في أغلب الأعوام هي:

النظرية النسبية؛

نظرية الكوانتم؛

نظرية التطور.

ذهبت كثير من جوائز نوبل إلى أبحاث هي في حقيقتها تطبيقات عملية للنظريات الثلاث.

السنة الماضية مثلا، ذهبت نوبل للفيزياء لثلاثة علماء اكتشفوا أدلة على وجود “موجات الجاذبية” التي تنبأ اينشتاين بوجودها في نظرية النسبية.

هذه السنة، ذهبت نوبل للكيمياء إلى ثلاثة علماء استطاعوا توظيف نظرية وحقائق التطور في تكوين أنزيمات جديدة ذات فاعلية أكبر، تستخدم في تطوير أدوية أكثر فاعلية لعلاج السرطان والالتهابات، وكذلك تطوير منظفات ومواد صديقة للبيئة.

اقرأ لنفس الكاتب: من أين جئنا؟ وما هو مصيرنا؟ نظرية التطور، الانفجار الكبير، الخلق…؟

التقنية التي استخدمها العلماء هي نفس “التقنية” التي تستخدمها الطبيعية في التطور: التغير الجيني والانتخاب، “الانتقاء”. لكن، مع فارق أن التطور يتم الآن في المختبر وليس في الواقع الطبيعي المفتوح، حيث كان يقوم العلماء بعمل تغييرات موجهة في الأنزيمات (تغيير الشفرة الجينية)، ومراقبة تلك الأنزيمات لمعرفة ما هي التغييرات التي تثبت قابلية أكثر على البقاء، وانتقاءها واستبعاد تلك الأضعف.

هذا بالضبط ما كانت تقوم به الطبيعة على كوكب الأرض منذ 3.7 مليار سنة: تحفيز التطور الجيني وانتقاء التطورات الأكثر قدرة على البقاء.

النقلة العملية المثيرة هنا، أن العلم ينتقل من “الانتخاب الطبيعي” إلى “الانتخاب الصناعي”. بمعنى أن ما كان يستغرق الطبيعة آلاف وملايين السنين لتغييره، يسعى الإنسان لتغييره في المختبرات في سنوات أو عقود. وما كان تطورا “عشوائيا” تقوده يد الطبيعة، “صانع الساعات الأعمى” حسب تعبير دوكينز، تحول إلى “انتخاب موجه” تقوده أيدي العلماء نحو نتائج مخططة مسبقا.

اقرأ لنفس الكاتب: الموت خطأ تقني

بقيت ثلاث نقاط سريعة، لابد من استغلال هذا الحدث السنوي التاريخي للتأكيد عليها:

أولها أن “التطور” حقيقة وليس نظرية فقط؛ ونظرية التطور هي أكثر النظريات العلمية موثوقية وإثباتا. بل أن علم “الأحياء” بأكمله قائم على التطور.

ثانيها أن تطور الإنسان مستمر، فكما تطور من كائن بدائي إلى إنسان عاقل، فإنه سيتطور إلى مرحلة الإنسان الفائق… لكن الذي يقود تطور الإنسان اليوم، هو الانتخاب الصناعي الذي يسابق الانتخاب الطبيعي، ولا شك عندي أنه سيسبقه.

وثالثها أن الفوارق بين علوم الكيمياء والأحياء والفيزياء تتقلص. وها نحن نرى نوبل للكيمياء تمنح لعلماء قاموا بتطبيق مباديء علم الأحياء التطوري.

وهذا ليس غريبا، فالحياة نفسها مجموعة من التفاعلات الكيميائية المعقدة… وكما أنه لا يوجد حياة دون تطور، فلا يمكن أن يكون هناك حياة أو احياء دون تفاعلات كيميائية بين المواد الأولية للحياة.

وليس غريبا أيضا أن المواد الأولية للحياة، هي شفرات ومواد غير حية!

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *