أطر الدعم النفسي والاجتماعي…أطر تشتغل خارج مهامها - Marayana
×
×

أطر الدعم النفسي والاجتماعي…أطر تشتغل خارج مهامها

رغم مرور أزيد من 4 سنوات على إحداث وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي لأطر الدعم الاجتماعي والنفسي، لا تزال هذه الفئة تعيش ضبابية حول الأدوار المسندة إليها داخل المؤسسات التعليمية.
مهام حددها النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية، لكن على مستوى العمل الميداني، يظهر أن هذه الفئة تشتغل في مهام إدراية لا تعنيها، في إطار ما يسمى بسد الخصاص…ما يجعلها تعاني من مضايقات وضغوطات، خاصة إجبارهم على العمل لمدة 38 ساعة أسبوعيا خارج أي سند قانوني.

في ظل ما تشهده المؤسسات التعليمية من تواتر مشاكل اجتماعية وتربوية وسلوكية، يعود إلى الواجهة، في كل سنة، النقاش حول فئة أطر الدعم النفسي والاجتماعي. هذه الفئة التي أحدثتها وزارة التربوية الوطنية سنة 2021 في سياق جهود الوزارة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ، خاصة في ظل التحديات التي تواجههم.

لهذا، كان لزاما على المتدخلين في القطاع فتح المجال أمام عدة تخصصات علمية أو علم- مهنية لتشخيص وعلاج هذه المشكلات، ومن أبرز هذه التخصصات علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية والمساعدة الاجتماعية.

النظام الأساسي الخاص بوزارة التربية الوطنية، في مادته 15، حدد مهام الأطر في المواكبة النفسية والاجتماعية والصحية للمتعلم، علاوة على المساهمة في تدبير الصحة المدرسية والتواصل مع الأسر، إضافة إلى المساهمة في الأنشطة التربوية والأنشطة الموازية المتعلقة بالمجال الاجتماعي، وكذا المساهمة في تدبير الأنشطة المرتبطة بالحياة المدرسية.

أطر خارج مهامها… لسد الخصاص

بعد سنتين على استعانة الوزارة بأطر الدعم النفسي والاجتماعي، وجدت هذه الفئة نفسها مدعوة للقيام بمهام إدارية (المقتصد، الحراسة العامة…)، وحسب تقرير حول وضعيتهم، ذكرت تنسيقية أطر الدعم النفسي والاجتماعي، أنهم “صدموا من هول المعاناة والإهانة التي عايشوها، سواء فوج 2021، أو فوج 2022، وذلك خلافا للرهان الاستراتيجي لوزارة التربية الوطنية من وراء خلق إطار للدعم الاجتماعي والنفسي، المتمثل في الرقي المدرسي من خلال محاربة الظواهر المشينة وتعزيز اندماج المتمدرسين”.

التنسيقية اشتكت من لجوء بعض مديري المؤسسات إلى تطبيق المذكرة رقم 190 المنظمة لهيئة الإدارة المكلفة بالتسيير، وهي المذكرة التي لا تعني أطر الدعم النفسي والاجتماعي.

التنسيقية أعربت عن رفضها التام استمرار تعيينهم وفق منطق سد الخصاص، في تبخيس لأهمية الدعم الاجتماعي والنفسي والصحي داخل المؤسسات التعليمية، ونفي لدورهم في حل مجموعة من الظواهر والاختلالات التربوية.

الباحث في علم الاجتماع والأنتروبولوجيا عبد العالي الصغيري اعتبر، في مقال له، أن هناك ضبابية وعدم وضوح رؤية في ما يخص مهام أطر الدعم الاجتماعي بالنسبة لهيئة التدريس والإدارة المدرسية، إضافة إلى، غياب التحسيس والتوضيح لمهام أطر الدعم الاجتماعي المدرسي من طرف الوزارة المعنية بخصوص الأدوار التي يضطلع بها المختص الاجتماعي المدرسي.

نفس المصدر، انتقد من جانب آخر، غياب بنية تحتية وفضاءات خاصة لأطر الدعم الاجتماعي، كمكاتب وأدوات للاشتغال وقاعات للقيام بجلسات الاستماع والانصات.

من جانبها، الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي، في حديث لها مع مرايانا، اعتبرت أن أطر الدعم الاجتماعي، أنيطت لهم مهمة المواكبة النفسية، علما أن الجانب النفسي ليس من اختصاص طلبة علم الاجتماع، لذلك هناك خلط كبير في التخصصات بين الأطر؛ لأن الدعم النفسي يجب أن يُناط لأصحاب الماجستير المتخصصين في علم نفس المراهق والاضطرابات النفسية.

تضيف الأخصائية: “على مستوى الميدان، وحسب الاتصالات التي قمت بها مع مجموعة من الأطر المشتغلة في المؤسسات، رغم أن النظام الأساسي نظم هذه المهام، فالكثير من المؤسسات لا زالت تستعين بهم في تنشيط الحياة المدرسية؛ أي القيام بأنشطة هم غير معنيين بها، خاصة ما يتعلق بالمناسبات الوطنية أو الدولية”.

هذه الأطر، حسب المتحدثة، حاملة للإجازة وليس الماجستير، في حين أن الأمر يتطلب ماجستير متخصص؛ لأن هناك فئة  من التلاميذ، قد تكون تعاني مجموعة من الاضطرابات، لذلك تحتاج إلى تدخل متخصصين في مدارس التكوين العلاجية. ثانيا، التكوين الذي خضعت له هذه الأطر، هو تكوين عام في العلاقات العامة. ثالثا، غياب نصوص تنظيمية تفصل في طبيعة المهام، علاوة على غياب مشرفين على هذه الأطر، في ظل غياب خطة عمل وبرامج واضحة المعالم.

أطر الدعم النفسي والاجتماعي…ضرورة ملحة

الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي في حديثها لمرايانا، أكدت أن هناك حاجة ماسة للمهام المنوطة بهذه الفئة، خاصة المتعلقة بكل أشكال المساعدة في الدعم التربوي للمؤسسات التعليمية بمختلف مسالكها، والنتائج تبين مدى الحاجة لهذا الدعم.

تضيف الأخصائية النفسية: “يجب أن نعزز أيضا العلاقة مع الأسر من أجل تعزيز الأدوار التربوية والتعليمية للمؤسسات، فانخراط الأسر، الذي تراجع في السنوات الأخيرة، يكتسي أهمية بالغة في العملية التعليمية من أجل جودة النتائج المرجوة”.

شددت المتحدثة، من جانب آخر، على ضرورة الدعم النفسي داخل المؤسسات التعليمية وحتمية وجود إطار الدعم النفسي من أجل مواكبة صعوبات التعلم والصعوبات السلوكية والذهنية للمتعلمين، خاصة في المرحلة الابتدائية، ومواكبة المراهقين في المراحل الأولى من السلك الاعدادي ثم التأهيلي، ومواجهة كل الإشكالات النفسية التي تؤثر حتى على التعلمات، وتطويق بعض الاضطرابات النفسية الملازمة لمرحلة المراهقة”.

في سياق متصل، شدد الخبير التربوي، عبد الناصر ناجي، في تصريح له، أن الطلب على هؤلاء الأطر موجود، والحاجة أيضا ملحة بالنظر إلى العديد من المشاكل النفسية التي يعاني منها العديد من التلاميذ، لا سيما في مرحلة المراهقة.

الخبير التربوي، اعتبر أن التخفيف من المعاناة النفسية للتلاميذ حتمي، لذلك يجب مضاعفة التكوين في هذا الاتجاه والتدخل للتعامل مع حالات التوتر والقلق، وتقوية أدوار الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين.

ماذا عن الحلول؟

الخبير التربوي، عبد الناصر الناجي، أكد في تصريحه، على ضرورة وضع الوزارة لاستراتيجية وطنية لتأهيل شامل لأدوار المساعدين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس المغربية، تكون واضحة الأهداف ، ووفق عملية ممتدة منذ التعليم الأولي حتى التعليم الثانوي. كما شدد على أهمية خلق قنوات مستمرة للتنسيق بين هؤلاء الأطر وهيئة التدريس، لكونهم هم الذين يتعاملون بشكل يومي مع التلاميذ ويعرفون طبيعة المشاكل التي يمكن أن يعاني منها كل تلميذ.

من جانبها، ذكرت الأخصائية النفسية، بشرى المرابطي، في تصريحها، أنه بالنظر لطبيعة مرحلة المراهقة، لا يمكن لشاب تخرج من الجامعة أن يواكبه في الجانب النفسي، ما عدا ما يخص العلاقة مع الأسر أو الحياة المدرسية، لكن على مستوى الدعم النفسي، فإن الأمر يحتاج أطرا واكبت التجربة.

تضيف المتحدثة: “لا بد من إدماج أساتذة يحملون إجازة علم النفس ومارسوا على الأقل 10 سنوات داخل الفصل، هؤلاء معنيون أن تفتح لهم فرص في تكوينات ماجستير، ثم تكوينات ماجستير متخصص، ليكون الدعم أكثر نجاعة؛ لأن هؤلاء راكموا خبرة في الأقسام ويعرفون طبيعة ودينامية المراهق والصعوبات التعلمية التي لها انعكاسات نفسية”.

الأخصائية أكدت أن مراكمة 10 سنوات مهمة في الفصل من حيث النضج ومعرفة كل مداخل ومخارج ما تتطلبه العملية التعليمية التعلمية. هذه الفئة أنسب أن يناط لها هذا التخصص وهذه المهام.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *