قراءة للموت بصورة أخرى في ديوان “باب للحب بابان للألم”
“باب للحب بابان للألم”… هكذا استهلّت الشاعرة هدى أشكناني ديوانها بعنوان ربما كان كاشفا عن الحالة العامة للقصائد، التي غلب عليها الألم وغاب عنها باب الحب. داخل الديوان أكثر من …
“باب للحب بابان للألم”… هكذا استهلّت الشاعرة هدى أشكناني ديوانها بعنوان ربما كان كاشفا عن الحالة العامة للقصائد، التي غلب عليها الألم وغاب عنها باب الحب.
داخل الديوان أكثر من 27 من أبواب الموت، وليس الألم، فمفردة الموت تكررت نحو 27 مرة على مدار المجموعة، تلتها مفردات الدم والألم والهزيمة والانكسار.
الصراع الذاتي مع كل أشكال الهزيمة لم يكن متكافئا في النصوص القصيرة المُكثّفة، بل كان صراعًا حتى النفس الأخير، كونه صراعًا إجباريًّا يتحتّم على صاحبه خوضه، رغم الهزيمة.
مفردة الحب التي ذُكرت في نص “عدو”، الذي تقول فيه “لا وقت للحب/ قلبي الذي كان يحرسه الله طوال تسعة وعشرين عامًا/ أطفأه بسيجارته الأولى/ دون أن يتألم”. ربما كان هذا هو باب الحب الذي أُغلق ولم يعد سوى مجرد ذكرى قاسية، وربما كان هذا النص مفتاح الديوان، ودرجة السُلَّم الأولى التي صعدت عليها باقي النصوص، وإن كانت تأخرت في ترتيب القصائد، عن قصد أو غير قصد، إلا أنها ربما كانت كحبكة الرواية التي كشفت قبل نهاية الديوان عن سرّ هذا الصراع والموت.
الديوان في مُجمله يُجسِّد حالة وموقفًا من الذات مع كل شيء حولها، حتى مع الموت والحياة، ففي القصيدة الأولى التي تبدأها بعنوان “أمسح موتي وأبتسم”، يبدو المشهد البلاغي وكأن الموت حبات مطر أو عرق يُمسح، وهي الإشارة الدالة على تعدُّد أوجه الموت وتكرارها، بشكل يجعلها تنهض منه وتُكمل طريقها للحياة وسط الضوء والزحام والمدن الضائعة.
اقرأ أيضا: دروس روزاليندا لمصطفى فهمي، رحلة تأمل الذات والآخر
في قصيدتها الثانية “افتراض”، تتكرّر مفردة الموت، وتربطها الشاعرة بجملة مفردات تُعمق حالة التضاد للمنسيِّين مثلها، وهي حالة تكشف عن حجم الموت الذي يذبل على وجوه الجميع، وربما سال الدم على جميع حروف الديوان.
الاستسلام
رغم حالة الانهزام المتتالية في أكثر من نص، إلا أنها أرادت أن تختتم الديوان بكلمة “استسلم”، وكأنها تؤكد أنها لم تكن تخوض معركة من أجل الفوز بها، أو من أجل البقاء، هي تخوض المعركة بحتمية القدر الذي وضعها في هذا الطريق. وربما كانت في حالة ارتباك لدرجة أنها كلما حاولت السير في مكان مغاير، وجدت ملامح الموت والدم نفسها، فقررت في النهاية أن تستسلم.
ما يُأخذ على الديوان، هو تكرار المفردات المباشرة مرات عديدة، بشكل قاد إلى تشابه حالات بعض القصائد مع بعضها، وربما كانت الشاعرة في حاجة إلى إعادة النظر في ترتيب القصائد، وإعادة النظر في بعض الصور الشعرية التي تشابهت في حالاتها رغم تفاوت النصوص.
في النهاية، تظل تلك القراءة مسلكًا انطباعيًّا يُعبر عن وجهة نظر شخصية. ربما تحمل قدرًا من الصواب، إلا أن الديوان الذي جاء في 61 صفحة، متضمّنًا 31 قصيدة قصيرة، يكتنز بالمعاني والدلالات الواسعة، ويحتاج أكثر من قراءة متأنية.