ميمون أم العيد: صناعة الوعي ليست مهمة الأدب 2/2
في الجزء الثاني والأخير من هذا الحوار، يجزم ميمون أم العيد بأن تأثير الأدب عبر الكتب، في النقاشات المجتمعية التي يعرفها المغرب، “ضعيف جدا في ظل غياب القراء”، وأن مساهمة الأدب في ذلك، “بسيطة جدا، ولا ترقى إلى درجة التأثير
أكد الكاتب المغربي ميمون أم العيد في الجزء الأول من هذا الحوار الذي خص به “مرايانا”، أن “نشر الكتب فيه خسارة مادية للجميع في المغرب ولا يوجد من يغتني وراء ذلك”، مبرزا أن مشكل الأدب في المغرب، “مركب ومعقد جدا، ذلك أن الأمية ضاربة بأطنابها في المجمتع، وقراء الأدب قليلون”.
في الجزء الثاني والأخير من هذا الحوار، يجزم صاحب “تقارير مخبر” بأن تأثير الأدب عبر الكتب، في النقاشات المجتمعية التي يعرفها المغرب، “ضعيف جدا في ظل غياب القراء”، وأن مساهمة الأدب في ذلك، “بسيطة جدا، ولا ترقى إلى درجة التأثير، على الأقل الآن”، مضيفا أن “الأديب يمكنه أن يؤثر في تلميذ بأن يصقل لغته وأسلوبه، كما أثر فينا الأدباء عندما كنا تلاميذا، أما أن يصنع وعيك ويحدد مواقفك، فهذه ليست مهمة الأدب”.
-
لاحظنا مؤخرا أن هناك عودة على نحو ما للأدب المغربي إلى الواجهة العربية وحتى الفرنكفونية. كيف تفسر ذلك في نظرك؟
إذا كانت هناك عودة للأدب المغربي إن صحت العودة، فإن ذلك مقرون ببعض الجوائز العالمية. بعض المبدعين وصلوا لقوائم قصيرة في “البوكر” و “كاتارا” وغيرهما، وهذا دفع الكثير من القراء إلى البحث عن هذه الإنتاجات. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا إيجابيا في التعريف ببعض الطاقات المبدعة بالمغرب، وساهمت في انتشارها.
اقرأ أيضا: “مرايانا” يتذكر أب الأدب العربي نجيب محفوظ!”
وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت أيضا في تكسير تلك الهالة التي تحيط الكتاب والروائيين. سابقا، كان الحصول على عنوان مبدع ما سواء في المغرب أو الخارج أمرا غير متيسر للجميع؛ وإذا ما رد كاتب ما على رسالتك عبر البريد مثلا، فإن رسالته تصبح ضمن أغراضك الثمينة، تحتفظ بها وتفاخر بها كل معارفك: “هذه رسالة من الكاتب الفلاني، رد فيها علي عندما كتبت له كذا وكذا”. الآن، أصبح التواصل سهلا ومتاحا وفقد المبدعون تلك الهالة التي كانت محاطة بهم لعقود.
-
ما هي وضعية القراءة في المغرب برأيك؟ هناك زعم بأننا اليوم مجتمع لا يقرأ!
قراء الأدب قليلون في المغرب. وقراء الكتب عموما، باستثناء المقررات المدرسية. أعرف كتابا كبارا في السن، كانوا يطبعون من كل كتاب 500 نسخة، مؤخرا يطبعون فقط 250 نسخة! المعروفون عُرفت أسماؤهم وأسماء كتبهم لكن، هل قُرِئَتْ؟ المغاربة يقرؤون طبعا؛ يقرؤون المقالات، يقرؤون الصحف في المقاهي، يقرؤون الأخبار على الأنترنت، يقرؤون كتب البي دي إف. لكن قراء الإبداعات نادرون جدا، أتحدث عن القراء الذين يقصدون مكتبة لشراء رواية أو مجموعة قصصية، ولا أتحدث عن الأقارب والأصدقاء الذين يهديهم الكتاب إبداعاتهم موقعة، فيضعونها في خزاناتهم إن وُجدت، أو يمسحون بها زجاجا متسخا إذا لم يمسحوا بها مكانا آخر.
اقرأ أيضا: “هؤلاء 10 من أشهر شعراء العرب… يهود ومسيحيون في زمن الجاهلية! 2/1”
-
ما الدور الذي يمكن أن يلعبه الأديب في خضم النقاشات المجتمعية التي يعرفها المغرب اليوم؟
يمكن للأديب أن يقوم بدور مهم إذا كان يشارك في وسائل الإعلام التي تصل للجمهور الواسع، ومنها وسائط التواصل الإجتماعي. وقتها، يمكنه أن يؤثر بآرائه الرصينة وتأملاته ومواقفه فيما يحدث. أما عن طريق الأدب، عبر الكتب، فالتأثير ضعيف جدا في ظل غياب القراء.
-
هذا الدور مساهمة فحسب، أم هو دور بارز وفاعل يمكن أن ينمي وعي القراء وأن يؤثر في سلوكهم داخل المجتمع؟
مساهمة بسيطة جدا، ولا ترقى إلى درجة التأثير، على الأقل الآن. يمكن لأديب ما أن يؤثر في تلميذ، بأن يصقل لغته وأسلوبه، كما أثر فينا أدباء عندما كنا تلاميذ؛ أما أن يصنع وعيك ويحدد مواقفك، فهذه ليست مهمة الأدب.
المشكله أن الأديب لم يعد قدوة للتلاميذ كما كان الأمر في الماضي. أمور كثيرة تغيرت. كلما حضرت حفل توقيع في مؤسسة تعليمية ما، تكون الأسئلة التي يطرحها التلاميذ حول العائدات المالية لكتبك، فلا يمكن أن تكون كاتبا مُعدما وتريد أن تنافس التأثير الذي يملكه الرياضيون المشاهير أو المغنون والفنانون أو حتى الدجالون الذين تظهر عليهم آثار النعمة.
لقراءة الجزء الأول من هذا الحوار:
ميمون أم العيد: الكل خاسر من الثقافة في هذا البلد، وهذه هي مشاكل الأدب في المغرب 2/1