خناثة بنونة وآمنة اللوه: هؤلاء نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 1\3
في هذا الملف، نكتشف بعضا من نساء كثيرات، بصمن بدايات الكتابة الأدبية في المغرب!
نخصص الحزء الأول للمبدعتين خناثة بنونة وآمنة اللوه
الكتابة الأدبية النسائية -مع كامل التحفظ على هذا التصنيف؛ لأننا في مرايانا نؤمن بأن الكتابة هي إبداع خارج أي انتماء جنساني-، بدأت تشق طريقها في المغرب منذ زمن طويل، تحديدا إبان سنوات الاستعمار.
ومع أن الحديث عن امرأة تكتب في هذه المرحلة كان يعد ضربا من الخيال، إلا أن هناك نساءً بالفعل، اخترن الكتابة والنشر كوسيلة للتعبير عن أصواتهن، نضالا ضد المستعمر من جهة، وإفصاحا عن هموم المرأة ودفاعا عن حقوقها من جهة أخرى.
ككل تجربة في طور النمو، برزت أسماء عدة منذ ذلك الحين، شكلت محطات بارزة في تاريخ الكتابة النسائية بالمغرب، وإن كانت قلة منهن حظين بالاهتمام والنقد والدراسة، لذلك قد نجد أسماء “مهملة” قلّت في حقها الشهادات التاريخية، أو لنقل انعدمت حتى.
في هذا الملف، نكتشف بعضا فقط من نساء كثيرات، بصمن بدايات الكتابة الأدبية في المغرب!
اقرأ أيضا: “مرايانا” يتذكر أب الأدب العربي نجيب محفوظ!”
خناثة بنونة
أبصرت خناثة بنونة النور يوم 24 سبتمبر 1940 بمدينة فاس. كأي بنت ولدت في أسرة محافظة تلك الفترة، أراد أبوها أن يزوجها وهي بعد صبية. لكن تدخل علال الفاسي لديه حال دون ذلك، إذ رأى الأخير ضرورة إكمال دراستها، لكونه يتنبأ بنبوغها الأدبي، بل ونجده يصفها بـ: “ابنة المغرب التي لم يلد مثلها من قبل”.
وإذ تعترف بنونة بفضل علال الفاسي عليها، فإنها لم تخيب نبوءته، ذلك أنها ستصبح إحدى أشهر أعلام الأدب “النسائي” في المغرب، مع أنها لا تتفق مع هذا التصنيف.
تقول خناثة بنونة في حوار لها مع جريدة “الشرق الأوسط”: “أنا ضد هذا المصطلح، لأنه إما أن يكون هناك إبداع أو لا يكون، حيث لا نقول قانون رجالي أو قانون نسائي. الرهان هو النص الحقيقي، أنا ضد كتابة التسطيح، فهي بالنسبة لي ليست أدبا، وللأسف فقد سقط الشعر هو أيضاً في هذا المطب”.
كتبت خناثة بنونة عديدا من المؤلفات توزعت بين روايات ومجموعات قصصية. من بين ذلك، “ليسقط الصمت” وهي أول مجموعة قصصية “نسائية” في المغرب وقد كتبتها سنة 1967. نجد أيضا “النار والاختيار”، التي حازت على الجائزة الأدبية الأولى بالمغرب، وقد كتبتها سنة 1969.
مع توالي السنوات، كتبت مؤلفات كثيرة أخرى، مثل المجموعة القصصية التي نشرتها سنة 1975 بعنوان “الصورة والصوت”، ورواية “الغد والغضب” التي نشرتها سنة 1984.
تصف خناثة بنونة تجربتها الأدبية في حوار مع يومية “المساء”، فتقول: “أنا نخلة مغربية طالعة من تراب هذه الأرض، سامقة لا أستظل لا بظل أوروبا ولا أميركا، مع أني أعترف بأني تلميذة للفكر والإبداع الإنساني أينما كان”، وتضيف: “قضيتي ليست قضية التحدي وإثبات الذات، أنا امرأة عادية، صادقة في اختياراتي، متبنية قضايا وطني وهذه الأمة”.
وقد ألف اتحاد كتاب المغرب قبل سنوات كتابا بعنوان “خناثة بنونة: في المرايا المنعكسة”، ضمنه مجموعة من الدراسات والقراءات، وشهادات مجموعة من كبار الكتاب والأدباء والنقاد من المغرب وخارجه، بحق تجربة خناثة بنونة الأدبية.
اقرأ أيضا: “ثريا الشاوي: أصغر وأول قائدة طائرة في المغرب، إفريقيا والعالم العربي! 1\3”
آمنة اللوه
ولدت آمنة اللوه في مدينة الحسيمة سنة 1929، قبل أن تلجأ وعائلتها إلى مدينة تطوان خلال حملة بوشتة البغدادي على قبيلة بقيوة وهي في عمر صغير، فأكملت هناك دراستها الثانوية ثم سافرت إلى إسبانيا فيما بعد لتتم دراستها الجامعية، خاتمة مسارها الجامعي بدكتوراه في الآداب من جامعة مدريد سنة 1978.
للكاتبة الإسبانية ترينا ميركادير، رئيسة تحرير مجلة “المعتمد” آنذاك، فضل كبير في ولوج اللوه إلى ميدان النشر. فحين بلغها أن اللوه تقيم في تطوان، دفعت الشاعر إبراهيم الإلغي شقيق العلامة المختار السوسي، إلى الاتصال بها للتعاون مع المجلة. نتيجة لهذا اللقاء، ستصبح اللوه زوجة الإلغي فيما بعد.
تعد الرواية التاريخية القصيرة “الملكة خناثة قرينة المولى اسماعيل” أول ظهور للرواية النسائية في المغرب، حسب البعض، وبفضلها حصلت آمنة اللوه على جائزة المغرب للآداب سنة 1954، تنويها بمؤلفها هذا.
آمنة اللوه اشتغلت طوال حياتها في التدريس، وفضلت فيما بعد الانزواء والتواري عن الأنظار، حتى لبت نداء أجلها سنة 2015، لترحل في صمت دون أن يعرف عنها الكثير.
اقرأ أيضا: “هؤلاء 10 من أشهر شعراء العرب… يهود ومسيحيون في زمن الجاهلية!”
في الجزء الثاني، سنتطرق إلى إسهامات مليكة الفاسي وثريا السقاط في الأدب المغربي.
لقراءة الجزء الثاني: “مليكة الفاسي وثريا السقاط: هؤلاء 6 نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 3/2”
لقراءة الجزء الثالث: “ليلى أبو زيد وزينب فهمي: هؤلاء 6 نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 3/3”