بين المبادئ… والسياسة… - Marayana - مرايانا
×
×

بين المبادئ… والسياسة…

تعيش الشعوب الكثير من الظلم والقهر جراء تناقضات صارخة، على الصعيد العالمي. تناقضات بين ما سمي “بالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان”، أو المبادئ والقيم الإنسانية التي لا يختلف حولها فرد من …

تعيش الشعوب الكثير من الظلم والقهر جراء تناقضات صارخة، على الصعيد العالمي. تناقضات بين ما سمي “بالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان”، أو المبادئ والقيم الإنسانية التي لا يختلف حولها فرد من بين ملايير سكان الأرض. قيم ومبادئ توارثتها الإنسانية عبر الأساطير والديانات والفلسفات والعادات، في إطار ثقافات مختلفة، من المفروض أن يتمتع الإنسان ببعضها، أو بالأهم منها، ولو لهنيهة من الزمان، وأخرى يظل يصبو إليها بكل إيمان ويناضل من أجل تحقيقها، رغم وعيه أن ذلك قد يدخل في مجال الكمال، فتصبح طوباوية، لأنها صفات قد تتحلى بها كائنات من محض خياله.

إذن، ما تعيشه شعوب العالم يثير اشمئزازنا نظرا للتناقضات بين خطابات كاذبة، أي ممارسات سياسية، وواقع مرير. بين التضليل ركوبا على هذه المبادئ، وما يحاك من خلال العمليات السياسية التي تسير العالم وتدير علاقة الأفراد على كوكب الأرض.

السياسة هي الرابط الذي نسجه الإنسان ليمد الجسر بين الواقع والقيم. هي التي وجب عليها، من خلال سن القوانين، إخراج هذه المبادئ والقيم إلى الواقع. هذا هو المفروض والمأمول، حسب المنطق الإنساني، لأنها تدبر حياة الأفراد والجماعات. خاصة وأن القائمين على عملية التدبير، هم من بين هؤلاء الأفراد أنفسهم، وليسوا من جنس آخر. هم من يتحملون، باختلاف أنظمة الدول، تسيير الحياة لأنهم مسؤولون عن أوطانهم، مسؤولون عن مواطنيهم.

لكن تبقى السياسة، كما يقال، فن تدبير الممكن. لهذا برز المنظرون ومنهم من استلهم سياسته من الأساطير ومنهم من استلهمها من كهنة المعابد ومنهم من استلهمها من الديانات ومنهم من استلهمها من فلسفة العلاقات الاجتماعية الخ… وهكذا يبدو وكأننا في متاهات وكأنها تُبعد الواقع الذي يبدو وكأنه لن يتلاءم مع بعض من تلك المبادئ الأساسية التي تشبع بها عقل الإنسان.

يصبح السياسي إنسانا كاذبا منافقا، يقول أثناء الحملة الانتخابية عكس ما يطبقه في الواقع حينما يحصل على مبتغاه. فيكون الشرخ قويا بين المواطن والسياسي أي بين التنظيم السياسي الذي يعتمد في أوراقه التأسيسية على قانون أساسي يسطر أهدافه تتضمن تلك المبادئ؛ لكنها تبقى حبرا على ورق حينما يتحمل المسؤولية فتضيع حقوق المواطنين الذين آمنوا به، وانخرطوا عن وعي بسبب ما اطلعوا عليه. لاحقا، يعلل التنظيم عدم وفائه بالضرورة الواقعية التي تتنافى مع المبادئ التي سطرها لجذب المواطنين حوله، وكأن هذا الواقع فاجأ السياسي نفسه، فاكتشف بأن المبادئ والقيم التي ظل يرددها على مسامع المواطنين، لا يمكن تنزيلها على أرض الواقع.

لهذا نتساءل: لماذا لا تكون التنظيمات شفافة مع المواطنين، وصريحة معهم وتعترف أن المبادئ ما هي إلا آمال قد يتحقق البعض منها ولا يمكن تحقيقها كلها، لأن السياسة خاضعة لظروف واقعية قد تعيق ذلك المبتغى. وهكذا يكون المواطن على علم مسبق وينخرط عن قناعة ويتفهم عدم الوفاء أو يبحث عن من هو أحسن، فتبنى هكذا السياسة على الشفافية والوضوح وتزيح عنها تلك اليافطة التي تتداولها الألسن : السياسي كذاب ومنافق ومراوغ، وبطبيعة الحال بدرجة متفاوتة بين الدول الغربية ودول االعالم الثالث أو بصفة عامة، بين الدول التي تطور بها العمل السياسي وتلك التي مازالت بمستوى الحضانة بالمدرسة السياسية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *