بذرة يقين…
“إن أطفالكم ما هم بأطفالكم، فقد وَلَدَهُم شوقُ الحياة إلى ذاتها. بكم يخرجون إلى الحياة ولكن ليس منكم، وإن عاشوا في كَنَفِكُم فما هُم مِلْكُكُم”
جبران خليل جبران
كلما حل وجود الانسان بتلقيه كدمات عمره، كلما أيقن أن الحياة يقينيات لا تنتهي.
كيف ببذرة صغيرة نزرعها اليوم في أن تزهر بالمساء وكيف لرضيع يخطو خطواته الأولى غير متعثر أن يسير حال ولادته؟ كيف تحدث الاستقامة دون سقوط ونهوض؟ كيف يكون طعم الحلاوة والاستمتاع برفعة العلو دون دناءة الوقوع في المتاعب؟ وكيف نستلذ طعم الانتصار دون تذوق مرارة الإخفاق؟
تلك أحلام وأماني… فعلا، قد لقنتنا الحياة قواعد عديدة بسطتها على قوامة الإيمان بالأبيض وتقبل ما بقي من رماديات الحياة. قد يحضر الأمل مرات ويغيب في أخرى. قد نسقط دون معرفة السبب. قد نعرف، لكن يصعب علينا التجاوز. قد نعاتب أنفسنا ولا نسامحها على ما حدث. قد نكون قاسين أمام الآخرين فيما أخفقنا الوصول اليه. لكن. هل حاولنا معرفة الـسبب…؟
هناك من تمت معاتبته على أفكار البارحة وكوّن منها مشنقة لنفسه، دون معرفة دخل الآخر فيها، خصوصا وأن المصائر تفرقت واختلفت. ألم نعِ بعد أن النصائح التي تلقى على جنب هي نسخة من تجربة شخصية ربما تكون فاشلة وتمرر لآخرين؟
يظهر دائما أنه، كلما تكرر الإخفاق، تسابقنا بالبحث عن أنفسنا وسط “النحن”. تلك الامتيازات المرغوب فيها دائما غرض الشعور برضى الآخر على أحلامنا ومستقبلنا ككل؛ حتى أنه، في مرات عديدة، نكون في تردد ما إذا كانت تناسبنا فعلا أم لا. بل إن البعض لا رغبة له في العيش إلا بتتبع تلك النواسخ الفعلية المملوءة بالمجانية والعبث، خوفا من لمح الآخر فيهم طبعة الاختلاف والتميز؛ وتنقلب عليه عسرة الحالة من ما كان صوابا بالنسبة له إلى ما لا يمكن فعله داخل الجماعة.
انطلاقا من هذا عرف كل من الشغف، المحبة، الأمل، الطموح، الرجاء، الامتنان أو أي صفة من صفات الشعور الشخصي تتبعا لمعارف جماعية _ ثقافية، خصوصا وأن عملية الشك في الحجج حول معرفة معينة تؤدي لا محالة إلى اللايقين. فهل فكرنا في معرفة أنفسنا حتى نلمح بإعطاءها القيمة الحقيقية التي تستحقها؟ هل جربنا العيش قليلا مع هذا اللايقين، مع الخوف، اللاتماسك…؟
الأخطاء تعلم الفرد أكثر من النصيحة ذاتها
التجاوز والتغافل عن أخطاء الماضي بسماحة أمر جميل. لكن التوقف عن فعل الدهشة لا ينفع مع من يريد حقا أن يجرب من جديد ولادته الشخصية للعيش في الحياة كما يريد و”هو” فاطن بأمر حاله، لا إبطالها بما تجنيه تلك الأرواح المتعوبة بمشنقة الإغراء والإغواء المهمش. نحن بحاجة دائمة إلى طرح تساؤلات تقودنا نحو معرفة ذواتنا أولا وبعدها نستعد لتقبل الفشل مادام يشكل الجزء الأكبر منا، خصوصا وأن الصدمات تساعد على ترميم محبة الوصول ولا تقبل باللفائف، فالرجاء الصحيح في اليقين يكون بعدم انقطاع وصل المعرفة بالذات قبل معرفة الأشياء التي تدور حولنا وندور حولها.
فلنَلْمح في أنفسنا تعلم التفكير نفسه لا اتباع طريقة التفكير التي لا تنفع إلا تاريخ صاحبها وكيان حاله. لكن هل يصدق هذا الفعل مع كل واحد منا…؟ مهما كانت هذه التجارب فهي تظل مرهونة بالزمن، اللحظة، المكان. هناك من تمت معاتبته على أفكار البارحة وكوّن منها مشنقة لنفسه، دون معرفة دخل الآخر فيها، خصوصا وأن المصائر تفرقت واختلفت. ألم نعِ بعد أن النصائح التي تلقى على جنب هي نسخة من تجربة شخصية ربما تكون فاشلة وتمرر لآخرين؟
نحن بحاجة دائمة إلى طرح تساؤلات تقودنا نحو معرفة ذواتنا أولا وبعدها نستعد لتقبل الفشل مادام يشكل الجزء الأكبر منا
من سيتحمل هذا العار الذي يطول بتجوال وتحويم من وكلوا أنفسهم في أن يكونوا أصحاب الإرشاد بطريقة بدائية تسير وفق هذا وذاك؟ هل هي فعلا تناسب جميع الناس حتى تصير قاموسا يسترشدون خلاله تخطي عقباتهم ومشاكلهم؟ الأمر بات مربكا، خصوصا وأن الأخطاء تعلم الفرد أكثر من النصيحة ذاتها. لا، بل الأصعب والجميل في ذات الآن هو ما تقدمه من نتائج واضحة لا حياذ فيها على أرض الواقع. إذن، الدعوة يا أعزائي أصبحت عامة والتفكير في الأمر جابر ونحن مجبرون بتجبير خاطره…
”لا أحد يريد النصيحة، بل يريدون فقط التأييد …”
جون شتاينبك
اعظم كاتبة في تاريخ
كلماتك مزيج بين فن و الإبداع
اتمنى لكم التوفيق والنجاح في الحياه🥰🥰🥰