من مصر، محمد جابر محمد يكتب: اليهود وثورة تركيا الفتاة - Marayana - مرايانا
×
×

من مصر، محمد جابر محمد يكتب: اليهود وثورة تركيا الفتاة

ظهرت في تركيا في الربع اﻷخير من القرن التاسع عشر أولى بوادر ثورة “تركيا الفتاة”، التي بدورها أدت إلى ظهور تركيا الحديثة. كان لليهود الشباب وجود في التنظيمات السرية للثورة، …

ظهرت في تركيا في الربع اﻷخير من القرن التاسع عشر أولى بوادر ثورة “تركيا الفتاة”، التي بدورها أدت إلى ظهور تركيا الحديثة.

كان لليهود الشباب وجود في التنظيمات السرية للثورة، والتي انتشرت في جميع المدن التركية، وتمركزت خصوصا في القسطنطينية وسالونيكا.

كان هؤء اليهود من الشباب المستنير الذي تعلم في مدارس “اﻹليانس”، وهي مدارس قام بتأسيسها المواطنون اليهود في بلدانهم، وكانت في معظم دول الشرق الأوسط كمصر والعراق وسوريا وتركيا.

وقد اَثار وجود اليهود في التنظيمات السرية ردود أفعال بائسة من بعض الدبلوماسيين اﻷوروبيين واﻷتراك اليمينيين، في محاولة لتشويه صورة اليهود عبر اتهامهم بالفساد وتحميلهم مسؤولية انهيار النظام السلطاني.

هذا ليس كل شيء، فقد  تم اتهامهم أن هذه الثورة ماهي إلا مؤامرة يهودية لإخراج بريطانيا من تركيا. عدد من الصحف العربية تناولت هذه الثورة على أنها مؤامرة يهودية، كما استغلوا شخصية المحامي اليهودي إيمانويل كاراسو ودوره في الثورة، لإثبات أن اليهود هم أساس الثورة؛ بل أن تلك الصحف، في بعض اﻷحيان، لم تعتبرها ثورة بل “حركة تاَمر ضد البريطانيين”.

وقد ذكر أحد الدبلوماسيين البريطانيين في ذلك الحين ما يلي : “تقلد اليهود منذ نشوب ثورة 1908 مكان الصدارة في الحياة السياسية بتركيا، ويشغلون الاَن أيضا مكانة مهمة في أوساط الدوائر التركية الحاكمة”.

وقد رأت أعداد كبيرة من اليهود أن الثورة ستؤدي إلى تحسين أوضاعهم، فنشر العديد منهم مقالات وكتابات في أوساط الصحف التركية يؤيدون فيها الثورة.

وفي أعقاب تزايد الصراع التركي ـ اليوناني، أعلن اليهود تأييدهم الكامل ودعمهم لتركيا.

لكن موقف ثورة “تركيا الفتاة” اتجاه اﻷقليات كان يتسم بالتناقض، حتى حدود السنوات الأولى من بداية القرن العشرين، حيث شوهد تدهور ملحوظ في أوضاع الأجانب والرعايا الذين كانوا يعيشون فيها.

ثم كانت هناك إتفاقية “لوزان 1923“ التي اعترفت بموجبها أوروبا بحدود تركيا الحديثة وتناولت بشكل خاص وضع اﻷقليات وخاصة اﻷقليات غير المسلمة في تركيا.

مع هذا، تنازل اليهود اﻷتراك في عام 1926 عن حقهم في العيش كأقلية اَمنة، وفضلوا العيش كمواطنين أتراك، اﻷمر الذي جعل السلطات التركية تتبني موقفا أفضل اتجاه اليهود بالمقارنة مع موقفها من الطوائف المسيحية. ومع هذا، لم تسمح السلطات التركية لليهود بإنشاء مدارس خاصة بهم أو حتى تدريس اللغة العبرية. ومن هنا ظهر جيل جديد من يهود تركيا لا يعرف شيئاً عن الثقافة العبرية.

في الفترة ما بين الحرب العالمية اﻷولى والثانية، تزايدت صراعات الاتجاهات القومية بين اليونان وتركيا، حتى وقوع جزء من سالونيكا التركية تحت يد اليونانيين سنة 1913، قبل أن تنضم سالونيكا بشكل كامل إلى سيطرة اليونان سنة 1922.

عاشت طوائف اليهود تحت حكم أنظمة مختلفة حتى وصل الأمر الي ظهور جانب آخر في الصحافة التركية يندد ويكتب مقالات  معادية لليهود ومعادية لوجودهم في تركيا. كما ظهرت في عام 1927 رابطة معادية لليهود، نظمت حملات مقاطعة للسلع اليهودية.

استمر هذا الوضع باختلاف أشكاله إلى أن جاء اﻹحتلال اﻷلماني وسقطت سالونيكا تحت القيضة اﻷلمانية سنة 1941.

هذه كانت نبذة توضح، باختصار، أن اليهود لم يكونوا أعداءً لتركيا الحديثة… لكنهم كانوا أساسها.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *