Green Book: حين تجمع السينما بين نقاش القضايا الإنسانية وبين الفرجة الحقيقية - Marayana - مرايانا
×
×

Green Book: حين تجمع السينما بين نقاش القضايا الإنسانية وبين الفرجة الحقيقية

المعضلة أن الطبقات التي تعتبر نفسها مثقفة منفتحة، لا تسائل هذا التراكم العنصري للمنظومة التي نشأت عليها. تنفتح عليه كفنان، لكنها تستمر في اعتباره شخصا ينتمي لسلم أدنى، لمجرد لون بشرته.

لا يكفي أن تكون فنانا مبدعا كي تكسر الحواجز الثقافية والذهنية المترسخة عميقا عميقا في أذهان الناس.

لا يكفي أن تستقبلك الطبقات المخملية وتحتفي بك… كي تكسر هي نفسها حواجزها الذهنية المترسخة، التي تنبهر بك كفنان وتحتقرك كشخص أسود في أمريكا الستينيات.

لقد نجح فيلم “الكتاب الأخضر” (Green Book) في طرح سؤال معقد جدا كالعنصرية ضد سود البشرة، بشكل بسيط ممتع سلس وكوميدي. الفيلم الذي عرض في إطار فعاليات الدورة 17 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش (FIFM) من إخراج بيتر فاريلي (Peter Farelly)، وأدى أدواره الأساسية كل من ماهيرشالا علي (Mahershala Ali) وفيكو مورتينسون (Viggo Mortensen).

اقرأ أيضا: في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش: “جوي” يطرح قضية الاستغلال الجنسي ويبتعد عن السينما

يحكي الفيلم قصة الدون شيرلي، فنان غني ومشهور، معروف بعبقريته في العزف على البيانو… لكنه أسود البشرة في مجتمع أمريكي يرزخ تحت وطأة العنصرية.

لذلك، فقد يحتفي به مضيفوه في مختلف الولايات التي يزوروها، يصفقون له وينبهرون بعبقريته الفنية… لكنهم لا يسمحون له بالأكل على موائدهم ولا حتى باستعمال مراحيضهم… للبيض عوالمهم وللسود عوالمهم: مراحيض خاصة، فنادق خاصة، مطاعم ونوادي خاصة… حتى بعض الطرق، ممنوعة على سود البشرة. والمعضلة أن الطبقات التي تعتبر نفسها مثقفة منفتحة، لا تسائل هذا التراكم العنصري للمنظومة التي نشأت عليها. تنفتح عليه كفنان، لكنها تستمر في اعتباره شخصا ينتمي لسلم أدنى، لمجرد لون بشرته.

يرافق الدون شيرلي في مغامرته عبر جنوب الولايات المتحدة، سائق ومساعد إيطالي-أمريكي اسمعه طوني ليب. الاختلاف الكبير بين شخصيتي طوني ليب والدون شيرلي يصنع مواقف كوميدية عجيبة، لكن هذه المواقف تساهم في طرح أسئلة عميقة ومعقدة عن العنصرية والعنصرية المضادة، عن الاختلافات الطبقية، عن العلاقات الإنسانية، عن الصداقة وعن الحب.

رحلة الرجلين دامت ثمانية أسابيع، تخللتها مواقف تدعو للتأمل في تعقد العلاقات الإنسانية… وانتهت بتفاعل الشخصيتين مع بعضهما تأثيرا وتأثرا بالآخر… كل هذا في طابع كوميدي ممتع ومشوق وبحبكة درامية مميزة.

حصل الفيلم على جائزة الأوسكار وجائزة نقابة المنتجين الأمريكيين وجائزة الجمهور في المهرجان الدولي للفيلم بطورونطو – كندا، وعلى جوائز أخرى كثيرة.

اقرأ أيضا: الفتيات الحسناوات: المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعود بنا لمكسيك 1982

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *