مريم أمجون… درس طفولي في الفصاحة
بفوز الطفلة المغربية مريم أمجون بجائزة الإمارات لتحدي القراءة، يكون المغرب قد ربح سمعة إضافية في مجال ثقافي بحت هذه المرة، حتى لا يقال إن المغاربة لا يبرعون إلا في …
بفوز الطفلة المغربية مريم أمجون بجائزة الإمارات لتحدي القراءة، يكون المغرب قد ربح سمعة إضافية في مجال ثقافي بحت هذه المرة، حتى لا يقال إن المغاربة لا يبرعون إلا في الميدان الفني وخاصة الغناء.
هذه الأرض إذن… ولادة لأجيال لا تنضب من المواهب والطاقات التي تبشر بالخير وببصيص أمل يطل علينا من ثقب دقيق، جسدته طفلة؛ من كثرة إقبالها على القراءة في سن مبكر؛ يمكن القول عنها إنها فصيحة الأطفال العرب بشهادة الجائزة القيمة التي حصلت عليها، وشرفت بها بلدها المغرب وجعلته يتنفس أملا وفرحة وافتخارا بشبابه الذي لا يحتاج في هذه الظرفية سوى إلى دفعة قوية، تجعل منه ذا إسهام في مجالات شتى…
يسعدنا أن تطلع علينا بين الفينة والأخرى نماذج مشرفة تؤكد للكثيرين، أن أرض المغرب تكتنز مواهب عدة تنتظر من ينقب عنها، لأنه بسبب الإهمال، وكسل بعض المسؤولين القيمين على الشأن الثقافي والشبابي والفني والرياضي عن القيام بواجبهم على أكمل وجه، تضيع فرص عدة وتقبر طاقات لا حصر لها يعج بها الوطن.
أرض المغرب تكتنز مواهب عدة تنتظر من ينقب عنها، لأنه بسبب الإهمال، وكسل بعض المسؤولين القيمين على الشأن الثقافي والشبابي والفني والرياضي عن القيام بواجبهم على أكمل وجه، تضيع فرص عدة وتقبر طاقات لا حصر لها يعج بها الوطن.
هكذا نسترخص في شبابنا الحق في الظهور بمظهر مشرف يكون رافعة لوطنه في كل مكان ونقتل بهذا الإهمال، المقصود منه والعفوي، الحياة في أبهى تجلياتها. نكبح جماح روح الإبداع التي تعتمل داخل نفوس شباب يتطلع نحو غد جميل له ولوطنه.
إقرأ أيضا: خناثة بنونة وآمنة اللوه: هؤلاء 6 نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 1\3
الدرس البليغ الذي يداهمنا من هذا التتويج الطفولي المغربي، يكمن في ذكاء طفلة ونبوغها المبكر، وإقبالها على فعل القراءة وهي لما تتجاوز عتبة الطفولة، لتعود بنا إلى ذلك الزمن الجميل… زمن العقاد وطه حسين وغيرهما كثير ممن نبغت عندهم ملكة حب القراءة في سن جد مبكر، حتى أنهم دخلوا التاريخ كمثقفين لامعين في سماء الفكر والأدب والنقد.
الطفلة مريم أمجون، تعطينا جميعا درسا في العناية باللغة العربية وغناها الذي يكمن في بلاغتها ومعانيها وثراء مفرداتها التي تتبدى لكل قارئ حقيقي يلازم الكتب ويرابط بها عند عتبات الفهم والبحث والاستمتاع بكل ما يقرؤه ويطلع عليه.
ثم إن ذكاء هذه الطفلة يعطي الدليل على أن الموهبة والحاضنة والتشجيع والثقة في النفس يفضيان إلى النجاح بعد التقديم بالأسباب، أي بالعمل الجدي واتخاذ المبادرة والثقة في القدرات.
نقتل بهذا الإهمال، المقصود منه والعفوي، الحياة في أبهى تجلياتها. نكبح جماح روح الإبداع التي تعتمل داخل نفوس شباب يتطلع نحو غد جميل له ولوطنه
لكل هذا…
فإن “القراءة هي مستشفى العقول”… كما قالت هذه الطفلة الفائزة بجائزة تحدي القراءة، وبدونها لا تقوم لأي أمة قائمة ما دامت تهمل هذا النشاط الذهني والطريقة التثقيفية التي لا ينضب معينها.
إقرأ أيضا: دروس روزاليندا لمصطفى فهمي، رحلة تأمل الذات والآخر
وأختم بقولة رائعة لعباس محمود العقاد جاءت في مقال له حمل عنوان ” لماذا هويت القراءة ” ضمن كتابه ” أنا”، إذ يقول:
(أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق، وإن كانت لا تطيلها بمقادير الحساب…)