#ألف_حكاية_وحكاية: إفطار رمضاني
حول المائدة القصيرة ذات القوائم الأربعة واللوح القصديري، جلست عائلة عادل وزوجته الشابة. ثلاث عشر روحا انتظرت ليوم صيام كامل، لحظة الإفطار. كانوا يتضورون جوعا وعطشا. استقروا حول المائدة. وضعت …
حول المائدة القصيرة ذات القوائم الأربعة واللوح القصديري، جلست عائلة عادل وزوجته الشابة. ثلاث عشر روحا انتظرت ليوم صيام كامل، لحظة الإفطار. كانوا يتضورون جوعا وعطشا. استقروا حول المائدة. وضعت فاطمة الأم إناء فيه حساء . سألها عادل:
– حريرة بالحمص؟
– لا… حسوة شعير.
خاب انتظاره، فقد كان يأمل في حريرة بحمص وأرز وصلصة طماطم. حريرة حقيقية يعضد بها جسمه الذي وهن خلال يوم صيام في عز الحر. قالت أمه إن مستلزمات الحريرة من حمص وطماطم مصبرة قد نفذت، وأنه يلزم الإكتفاء بحسوة الشعير.
ما الفرق بين رمضان والأيام الأخرى، وهو دائما جائع؟ كان من المفروض أن يقرر رمضان للأغنياء فقط. هم المعنيون بالأمور الروحية.
لم تكن هناك شباكية أيضا. اشترى عادل كيلو من الشباكية في بداية رمضان، لكنها نفذت بسرعة. كل شيء في هاته البراكة ينفذ بسرعة. ثلاثة عشر روحا. كيف يمكنه إعالة الجميع؟ أن يأكلوا ويلبسوا. لم يكن ذلك سهلا، لأن عادل لا يجد عملا، ومدخول أبيه من مصنع الإسمنت غير كاف.
في البيت ست بنات وأربع ذكور والأبوان وابن العم المقيم في انتظار أن يجد سكنا.
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: الشيخ “لـ” والحريم: دعارة حلال؟
البنات لايشتغلن. يقعدن في البيت باستثناء واحدة لا تزال في طور الدراسة. ست بنات يجب توفير الأكل لهن، توفير اللباس في انتظار زوج يجود به القدر وينقذهن من الجوع. تقدم إلى إحداهن شاب ميكانيكي، لكن أمه رفضت الارتباط بعائلة من دوار العسكر، أسوء مكان في مدينة تمارة. لا أحد يريد الإرتباط بالفقراء إلا زوجة عادل التي تبعته إلى بيت بدون غرفة خاصة بهما.
ينامان في إحدى الغرف وسط الآخرين، وليلا ،تلتحق به في فراشه، يضمها قليلا ويحتك بها بصمت كي لا يستيقظ الآخرون.
سأل أمه، فقالت إنها صرفت كل ما كان بحوزتها وهي لن تؤمن عشاء ولا سحورا لتلك الليلة. المائة درهم التي بحوزة الأب ستشتري بها الشعير المدقوق للحساء
في البراكة غرفتان: غرفة للمعيشة والنوم وغرفة تشبه صالة للضيوف تغلقها فاطمة بإمعان في انتظار أن يزورهم أحد ما.
حول المائدة، كانوا يتناولون حساء الشعير المدقوق ويتمنون لو توفرت لديهم بعض الزيت البلدية. كان الحساء حينها سيكون ألذ.
كان عادل يفكر فيما تبقى من رمضان وكيف يمكن توفير الأكل. بعض الشباكية وربما بيض وقطعة لحم ولو صغيرة للعشاء، أو بعض الزبدة والعسل. يفكر في ذلك، ويفكر في نفس الوقت في فوائد رمضان الروحية: الإحساس بالجوع وبالفقراء.
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: التجسس على الجبنة
ما الفرق بين رمضان والأيام الأخرى، وهو دائما جائع؟ كان من المفروض أن يقرر رمضان للأغنياء فقط. هم المعنيون بالأمور الروحية. خاف أن يكفر، فاستغفر ربه مرات.
منذ شهر وهو يبحث عن عمل بدون فائدة. يقف في موقف البنائين وينتظر أن يأتي مشغل ما. لا أحد يختاره للعمل. يعود إلى البيت خالي الوفاض ويكمل نهار الصيام وهو يتخيل مائدة حقيقية عليها أكل رمضان الحقيقي. الأكل الذي يأكله الناس هناك في حي مسرور أو في فيلات الشاطئ.
التفت إلى أبيه وسأله كم تبقى عنده من المال. أجابه الأب أن لديه مائة درهم هي كل ما تبقى من أجرته. سأل أمه، فقالت إنها صرفت كل ما كان بحوزتها وهي لن تؤمن عشاء ولا سحورا لتلك الليلة. المائة درهم التي بحوزة الأب ستشتري بها الشعير المدقوق للحساء.
هذا يعني صيام يوم لاهب آخر، مكتفين بحساء الشعير هذا، فطورا وعشاء وسحورا.
تسائلت زوجة عادل:
– ماذا سنأكل إذن؟
تردد عادل قبل أن يجيبها. كان يحبها ويتأسف أنها تعيش الضنك معه. عرف أن رمضان يهين الفقراء. لم يكن يريد أن يكذب عليها، أن يمنيها بأمان لن تتحقق. رد عليها بعد تفكير:
– سنأكل الخراء
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: سنطرد المومسات…
احببت قراءتة هذة الحكايات. أسلوبها مشوق..مواضيع محلية من صلب العذاب. والالم والفقر والمعاناة. تلخص عذابات الفقراء. شكرا لك.تذكرت وانا أقرأ لك الكاتب الكبير الذي غادرنا حنا مينة
صفحة مهينة للمسلمين ، إلحاد بين تحت مسمى الإبداع .
ختامها مسك