المغاربة اليهود في إسرائيل: الحركات الاحتجاجية المغربية في قلب الأراضي المحتلة وحلم العودة 2 - Marayana - مرايانا
×
×

المغاربة اليهود في إسرائيل: الحركات الاحتجاجية المغربية في قلب الأراضي المحتلة وحلم العودة 2\2

العنصرية وأزمة الهوية التي عاشوها، دفعت اليهود المغاربة في إسرائيل إلى تنظيم عدد من الحركات الاحتجاجية، التي تمت مواجهتها بعنف من طرف إسرائيل، والتي وصلت حد مطالبة الكثيرين بالعودة إلى المغرب.
حركات احتجاجية، امتدت لتشمل كل يهود السفارديم، ولتعلن عن مواجهة مفتوحة مع واقع العنصرية والتمييز.

تابعنا في الجزء الأول من هذا الملف، تفاصيل تحول الحلم بأرض الميعاد، إلى أزمة هوية وواقع عنصرية.

في هذا الجزء الثاني، نقتفي أثر الحركات الاحتجاجية التي نظمها المغاربة اليهود في إسرائيل، وحلم العودة إلى المغرب الذي ظل يراودهم.

لأن التمييز الطائفي ضد يهود المغرب كان أشد قسوة وأكثر ألما، جاء ردهم تجاه “الممارسات الأشكنازية” على شكل أعمال احتجاجية، تتسم بالقوة والعنف، في محاولة للتنفيس عن حنقهم وغيظهم، آملين تغير أحوالهم وأوضاعهم، وهم في هذا الصدد، كانوا أول من شق عصا الطاعة من بين الطوائف اليهودية العربية المهاجرة لإسرائيل.

تعتبر “أحداث وادي الصليب” في حيفا، عام 1959، أول مظاهرة احتجاجية خاضها المغاربة بعد تهجيرهم، بعد أن أطلقت الشرطة النار على “يعقوف القريف”، وهو من مهاجري المغرب، نتيجة لسكره في أحد مقاهي حي الصليب، فقام المغاربة الذي يسكنون هذه الحارة بمظاهرات احتجاجية، بقيادة “دافيد بن هاروش” المغربي الأصل، وخرج المتظاهرون من وداي الصليب في موجة احتجاجية كبيرة نحو أحياء اليهود الأشكناز في “جبل الكرمل”، وهناك شرعوا في تدمير واجهات المحلات التجارية في الشوارع الرئيسية، وقد انتشرت المظاهرات الاحتجاجية فيما بعد في كافة أحياء اليهود العرب، وأشعلوا النار في المباني الحكومية، وقدرت الخسائر بالملايين.

من اليهود المغاربة، خلال هذه الاحتجاجات، من حمل صور محمد الخامس، وهتف بعبارات تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى إرجاعه إلى وطنه، وتخليصه من وهم “إسرائيل واحة الديمقراطية الموعودة”، ووزع السفارديم منشورات جاء فيها: “بالأمس شاهدنا ما ينتظرنا في المستقبل، جيراننا يحققون الثراء على حسابنا، ويبنون الفيلات الفخمة على جبل الكرمل. لن نسكت لهم، سنثأر لدمنا”.

في هذه الاضرابات، أصيب نحو 13 شرطيا، وتم اعتقال نحو 34 متظاهرا، وكانت هذه هي بداية الإضرابات العامة، حيث وقعت أحداث مشابهة في المدن الأخرى.

لقد عبرت هذه المظاهرات عن المرارة التي يشعر بها السفارديم تجاه الممارسات الأشكنازية العنصرية والتحقيرية، إلا أن هذه الأخيرة نظرت إليها على أنها أعمال عنف ذات دوافع جنائية، وليست لها أي خلفيات اقتصادية أو اجتماعية.

عقب هذه المظاهرات، اتهم “بن غوريون” المغاربة بالتواطؤ مع عناصر خارجية ضد القانون، ووصفهم “بـ البدائيين”، وقالت اللجنة التي جرى تعيينها بعد هذه الاحتجاجات لدراسة الحادث إن “الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الاحتجاج، هي البطالة وسوء أحوال المغاربة الاجتماعية والاقتصادية وحنينهم إلى أصلهم”. ت

قرير اللجنة تضمن توصيات عن كيفية التعامل معهم وصهر الهوة بينهم وبين الأشكناز، وإشراكهم في مناصب صنع القرار وإدماجهم الكلي في المجتمع، وتحسين أوضاعهم المادية… لكن الحكومة تجاهلت هذه التوصيات واستمرت في سياسة التحقير.

في المقابل جاء الاحتجاج ببعض الآثار الإيجابية، من قبيل وضع حد لسياسة التهميش المقصودة التي كانت تنتهجها إسرائيل تجاههم.

في عام 1971 ظهرت حركة “الفهود السود”، على يد مجموعة من الشباب العاطلين عن العمل والطلبة المقيمين بالأحياء الشعبية الفقيرة في القدس المحتلة، وبدأت احتجاجات هذه الفئة عندما طلبت من الشرطة السماح لها بالتظاهر سلميا أمام بلدية القدس، إلا أن هذه الأخيرة أجابتهم بالرفض القاطع؛ وقامت الشرطة بحملات اعتقال استفزازية لزعماء الحركة، لتقوم بعدها بيومين، حركة احتجاجية واسعة النطاق شارك فيها المقموعون من أبناء المهاجرين العرب والطلبة اليساريون، مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين، فأطل عليهم رئيس البلدية “تيدي كوليك” من الشرفة بثياب النوم، وتوجه إليهم باستهزاء: “تظاهروا إن شئتم، لكن لا تدوسوا بأقدامكم على أعشابي”.

في اليوم التالي، قامت الحكومة بمعالجة الاحتجاجات من خلال حملة “ابتسامات أبوية” لتسكين غضب من أسمتهم بـ “الأولاد غير الظرفاء”، واتبعت سياسة الوصاية، فأخذت ترشدهم وتعاملهم كأنصاف بشر يفتقرون للحد الأدنى من التمييز العقلي.

بحلول عام 1973، حاول “الفهود السود” الدخول إلى المعتركات السياسية والاحتجاج سياسيا من خلال العمل الحزبي، إلا أن الانقسامات التي ستحدث في تنظيمهم، ستعجل بتفتت الحركة وإضعاف قوتها وتأثيرها، وبالتالي لم ينجحوا في تحقيق أي “نصر سياسي”.

إلى جانب الاحتجاج السلمي العمومي والاحتجاج السياسي، استعمل السفارديم شكلا آخرا، هو الاحتجاج الأدبي، حيث ركز أبناء مهاجري يهود المغرب، على نقل واقع المعاناة التي يتعرضون لها، وأشكال التفرقة العنصرية التي لاقوها منذ هجرتهم إلى فلسطين المحتلة.

هذا اللون من الأدب يعد من ألوان الاحتجاج الاجتماعي لأبناء طوائف مغلوبة على أمرها، وكان من الطبيعي، بل من الحتمي تجاهل مثل هذه الأعمال التي تبرز مكامن الخلل الداخلية لإسرائيل، وتثبت زيف ادعاءات ما يطلقون عليه “المثل العليا للصهيونية”.

اعتمدوا في كتاباتهم على “التيار الواقعي”، وهو ما كان متبعا في الأربعينيات والخمسينيات، ويعرف باسم “الواقعية الاشتراكية”. لكن، في حالة السفارديم، كانت واقعية اجتماعية أكثر منها اشتراكية، ذاك لأن القهر الاجتماعي احتاج إلى نوع من الواقعية الاجتماعية للتعامل مع القضايا المثارة، والتنفيس عن مشاعر الحنق والظلم التي كابدوها، ويعد “جيفرينيل بن سمحون” و”موشيه بن هاروش” و”شالوم خلفون” و”عوزبنيل حازان” و”ألبرت سويسا”، من بين أبرز الكتاب اليهود المغاربة، الذين تناولوا قضايا القهر الاجتماعي والميز العنصري الأشكنازي لليهود المغاربة في إسرائيل.

 

لقراءة الجزء الأول: المغاربة اليهود في إسرائيل: من الحلم بأرض الميعاد إلى أزمة هوية وواقع العنصرية  1\2

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *