سناء العاجي الحنفي تكتب عن الاحتفال برأس السنة: حُرِّم عليكم الفرح - Marayana
×
×

سناء العاجي الحنفي تكتب عن الاحتفال برأس السنة: حُرِّم عليكم الفرح

ربما أن المشكلة ليست في الاحتفال برأس السنة الميلادية، بل في خوفٍ مبالغ فيه من الفرح.
وربما حان الوقت لنسأل: هل الإيمان هش إلى درجة تهدده قطعة حلوى وتهنئة بسيطة؟

الاحتفال برأس السنة: حلال أم حرام؟ سؤال أصبح يتكرر في السنوات الأخيرة، وكأن هذا الاحتفال حدث طارئ على مجتمعنا، بينما هو في الحقيقة جزء من ذاكرتنا القريبة في بلدنا.

إلى غاية نهاية التسعينات، كانت معظم الأسر المغربية، على الأقل في المدن الكبرى، تحتفل برأس السنة بشكل عادي وبسيط. محلات الحلويات تبيع حلويات رأس السنة، الواجهات مزينة بعبارات “سنة سعيدة” وبرقم السنة الجديدة؛ والناس يحتفلون دون أدنى تساؤل. بل أن ذكريات طفولتي ومراهقتي تشمل التوصية الخاصة لصاحب محل الحلويات لكي يبيعنا حلوى طرية، لأن شدة الطلب في تلك الفترة كانت تجعل عددا من صانعي الحلويات يحضرون كميات كبيرة منها خلال أيام قبل رأس السنة، لكي يبيعوها يوم 31 من دجنبر.

فهل كان أهلنا كفارا مثلا ثم دخلوا الإسلام في العشرين سنة الأخيرة؟

نشأتُ شخصيًا في حي شعبي بالدار البيضاء وفي أسرة مغربية تقليدية بمداخيل محدودة؛ وكنا، كأغلب الأسر في حينا الشعبي، نحتفل بهذه المناسبة بشكل عادي، تماما كما نحتفل بأجواء رمضان وعيد الأضحى وعاشوراء (بطقوسها المغربية الخالصة).

في وسط المدينة، كان هناك، عادة، شخص يتنكر في زي البابا نويل، نلتقط معه صورًا تذكارية ونعود إلى بيوتنا فرحين.

لم نكن نشعر أننا نرتكب خطيئة، ولم يكن أحد يسألنا إن كان ذلك حلالًا أم حرامًا. وكان معظم آبائنا يصلون، وبعضهم، ممن ملك إليه سبيلا، يحج.

ثم، منذ بضع سنوات، بدأ خطاب التحريم يغزو كل تفاصيل حياتنا. فجأة، صار الاحتفال برأس السنة إثما، وصار أكل قطعة حلوى موضعَ شبهة دينية. وصارت التهنئة خروجا من الدين. صرنا نرى محلات تكتب على واجهاتها: “نحن مسلمون، لا نبيع حلوى رأس السنة”. والسؤال البسيط الذي يفرض نفسه: ما المشكل؟ هل إذا أكل أحدهم حلوى رأس السنة سيخرج من الإسلام؟ هل الفرح، في حد ذاته، أصبح تهمة؟ وهل، مثلا، إذا أكل مسيحي الشباكية في رمضان أو تناول وجبة الحريرة، يكون قد دخل الإسلام؟ هل إذا اقتسم مسيحي أو بوذي وجبة السحور مع أسرة مغربية تستضيفه، يكون قد أسلم؟

التفصيل الأكثر مفارقة هو أننا نعيش بالكامل وفق التقويم الميلادي. موعدي عند الطبيب أحدده في مارس أو أكتوبر، لا في ربيع الثاني أو جمادى الأولى. مواعيد الدخول المدرسي، العمل، الامتحانات، الأجور، العطل، السفر… كلها مواعيد تحدد بالتقويم الميلادي. نعيش به، نخطط به، ونبني حياتنا اليومية به واعتمادا عليه.

فلماذا، إذن، نتعانل بهذا التقويم في كل تفاصيل حياتنا، ويُحرَّم علينا أن نحتفل عند نهاية سنة وبداية أخرى؟ لماذا يصبح الاحتفال الرمزي بالزمن فجأة تهديدًا للهوية والدين؟

ربما أن المشكلة ليست في الاحتفال برأس السنة الميلادية، بل في خوفٍ مبالغ فيه من الفرح. وربما حان الوقت لنسأل: هل الإيمان هش إلى درجة تهدده قطعة حلوى وتهنئة بسيطة؟ أم أن الدين أوسع وأرحب من كل هذا التضييق؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *