هشام روزاق: الدولة الاجتماعية حسب أخنوش… في التأسيس للــ Wel…FAR West - Marayana
×
×

هشام روزاق: الدولة الاجتماعية حسب أخنوش… في التأسيس للــ Wel…FAR West

الصحة والتعليم عنوان الـ “Welfare state” أو الدولة الاجتماعية كما يفهمها أخنوش.
دولة… تمنحك فرصا أكبر حين تدفع المقابل، وتمنحك تعليما أفضل بمقابل، وتمنحك علاجا أفضل بمقابل.
… في الدولة الاجتماعية لأخنوش، أبجديات الحياة لها مقابل في الصحة والتعليم والنقل وفي كل تفاصيل الــ 24 ساعة.
لكن… لا تقلق.
فخلال الــ 24 ساعة التي تقضيها في هكذا ظروف، ستجد دائما من “يخبرك” أن وزير الصحة يقوم بزيارات “مفاجئة” للمستشفيات، ووزير التعليم ترك مصاصاته خصيصا كي يصنع “مدارس الريادة” وأن أخنوش… تحدث في التلفزة الرسمية.

… وبينما تحملنا إمبراطورية حكومة الموروكومول الإعلامية، متعددة الألوان والأشكال الغازية، نحو استيهامات الدولة الاجتماعية التي يرونها قيد التحقق والإنجاز، تعيدنا أخبار احتجاجات الناس في أيت بوكماز والحوز وأكادير وغيرها، إلى حكايتنا الأصل. حكاية، الشيء “الاجتماعي” الوحيد فيها… أن مالك شركة”نورفي كوير”، تهرب، منذ 1991، إلى غاية 2017، من أداء ضرائب بقيمة 1 مليار و300 مليون للدولة ولم يصرح، ولم يؤدِّ واجبات انخراط أكثر من 100 عامل، كانوا يشتغلون في هذه الشركة، في الصندوق الوطني للضمان “الاجتماعي”… وأن مالك هذه الشركة هو، اليوم، رئيس مجلس النواب، وممثل الحزب الأغلبي الذي يبشر بالدولة الاجتماعية.

في بلاد العالمين أجمعين، وقبل أن يجازف أي متحذلق بإطلاق توصيفات وهمية عن الدولة التي يعيش فيها أو يسيرها، يكون باب الإركاب الأول في رحلته المفترضة، هو التساؤل عن وجود دولة من عدمه.

… وفي معناها البسيط، البعيد عن كل المؤثرات البصرية ومؤثري “السوشيال ميديا” الصانعين لمجد حكومة أخنوش، الدولة في النهاية، وببساطة، هي مضمون وشكل 24 ساعة من حياة المواطن والمقيم فيها.

24 ساعة، يفترض أن يقضيها المواطن أو المقيم، في بذل كل المجهود المطلوب منه في أداء واجباته، كي يستحق كل الحقوق المضمونة له. وبما أن المتفق عليه منذ زمن، أن الدولة ليست ملزمة ولا مطالبة بالتشغيل، بل فقط بتوفير فرص الشغل؛ ولا بتوفير السكن، بل فقط، توفير شروط سكن كريم وآمن وسهل الولوج للمواطن، فإننا سنتجاوز شكل ومضمون الـ 24 ساعة التي يفترض أن يقضيها المغربي في علاقة بسوق العمل وطبيعة السكن (رغم أن الثابت أن أخنوش وحكومته، لا يخلقون فرص الشغل في البلاد، وأرقام البطالة وأرقام الذين يفقدون عملهم شاهد على ذلك)، ولن نتحدث عن قضية النقل العمومي، الذي يعتبر في كثير من الجغرافيات السياسية حقا دستوريا، وصل لدى البعض حد جعله مجانيا بالكامل أو جزئيا (حالات لوكسمبورغ ومالطا: مجانية على المستوى الوطني، وإستونيا (العاصمة تالين) وبعض المدن الفرنسية: مجانية على المستوى المحلي/الجهوي، و ألمانيا: تخفيض جذري يقارب المجانية، اعتقد 9 أورو شهريا لاستعمال كافة وسائل النقل العمومي).

… سنترك كل عناوين الدولة الاجتماعية هذه جانبا، وسنعتبر، كما تردد الصحافة الموالية لأخنوش، أن كل حديث في هذه العناوين، هو مجرد عدمية معلنة، وشعبوية مقرفة، وسنتوقف فقط، عند المفتاحين الأساسين للـ “Welfare state” /الدولة الاجتماعية، وهما الصحة والتعليم.

الصحة والتعليم في الفكرة المؤسسة للدولة الاجتماعية، ليسا حقا دستوريا ولا عنوانا إيديولوجيا ولا حتى خدمات تقدمها الدولة لمواطنيها… هما ببساطة، عملية استثمار براغماتية في المواطن، باعتباره أساس التنمية والعدالة الاجتماعية.

العنوان الأساسي للتعليم في الدولة الاجتماعية، هو المجانية. التعليم في الــ “Welfare state”، مجاني أو مدعوم، ويقوم على فكرة مقدسة هي… ضمان التعليم الإلزامي المجاني، على الأقل حتى المستوى الثانوي، (التعليم المجاني في دولة مثل إيطاليا، لا يعني فقط عدم دفع واجبات التسجيل أو أداء رسوم، يعني أولا… أن الكتب والمقررات والمستلزمات المدرسية، يتسلمها التلميذ من المكتبة… مجانا).

… التعليم، في منطق الدولة الاجتماعية، التي تريد الاستثمار في المواطن، يعتبر أن شرط وجوده الأصل، هو ضمان تكافؤ الفرص، ومحاربة التفاوت بين التعليم العمومي والخصوصي، وبين المدن والقرى، ولأجل ذلك، يتم الاستثمار في جودة التعليم: التكوين المستمر للمدرسين، وتطوير البنية التحتية.

… ولضمان شروط استثمار أفضل، في المواطن وفي التعليم على حد سواء، يكون للدولة الاجتماعية في علاقتها بالتعليم، حرص خاص على عنوان وجودها وحمضها النووي، أي البعد الاجتماعي… ولأجل ذلك، وببساطة، يقوم التعليم في نموذج الدولة هنا، على الاستثمار في المنح الجامعية، المطاعم المدرسية، والنقل المدرسي للفئات الفقيرة.

طيب… هل التعليم في “دولة أخنوش الاجتماعية”، يستجيب لبعض شروط الــ “Welfare state”؟

هل يمكننا في دولة أخنوش الاجتماعية، أن نتحدث عن تعليم إلزامي مجاني؟ هل هناك ضمانات لتكافؤ الفرص، ومحاربة التفاوت بين التعليم العمومي والخصوصي؟ هل هناك تكافؤ حتى في مضمون وشكل وجودة التعليم بين الخصوصي والعمومي؟ وبين المركز والهامش؟ وبين المدن والقرى؟ وهل هناك حضور للبعد الاجتماعي في مقاربة قضية التعليم أساسا؟

هذه ليست أسئلة… وللأسف، هي ليست حتى أجوبة. هي ببساطة، مجرد معاينة لجثة وجدت قيد التحلل.

… المفتاح الأساسي الثاني لولوج الـ “Welfare state” /الدولة الاجتماعية، بعيدا طبعا عن بوابات “الموروكو مول”، يبقى هو مفتاح الصحة.

الصحة في الدولة الاجتماعية، هي أيضا استثمار. هي كما التعليم، عملية استثمار براغماتية في المواطن، باعتباره أساس التنمية والعدالة الاجتماعية.

ولأجل ذلك، تعتبر الدولة الاجتماعية أن الصحة هي حق أساسي، تُوفر له ومن أجله، خدمات طبية عامة، شاملة، وبأسعار في متناول الجميع أو مجانا، وتؤسس له، أنظمة تأمين صحي إلزامية أو تضامنية تشمل كل المواطنين، لا سيما الفئات الهشة.

الأهم في الحكاية، أن الصحة في الـ “Welfare state”، تقوم على عقيدة غير قابلة للمساومة، هي…المساواة. الصحة في نموذج الدولة هنا، حمضها النووي، هو تقليص الفوارق بين من يملك القدرة على العلاج ومن لا يملكها، والاستثمار في حملات التوعية واللقاحات ومراكز الرعاية الأولية. (لكي نعود لنموذج إيطاليا: ورغم كل حالات الفساد السياسي التي تتفجر بين الحين والآخر، مجانية الصحة، تعني… ليس فقط مجانية، أو أداء مقابل رمزي للولوج للمستشفيات العمومية أو المدعومة من طرف الدولة، ولكن أيضا، مجانية الحصول على الدواء، أو الحصول عليه بثمن رمزي، إن لم يكن أساسيا، مع إمكانية استعادة مبلغ الضريبة المفروضة عليه)

طيب…

كيف هي صحة الصحة في دولة أخنوش الاجتماعية، بعيدا عن التغطية المباشرة لإمبراطورية أخنوش الإعلامية للزيارات “المفاجئة” لوزير صحته، عقب تفجر فضيحة مستشفى أكادير؟

في دولة أخنوش الاجتماعية، هل… الصحة حق أساسي؟ هل وفرت الدولة خدمات طبية عامة، شاملة، وبأسعار في متناول الجميع أو مجانا؟ هل هناك تقليص للفوارق بين من يملك القدرة على العلاج ومن لا يملكها؟

مرة أخرى… هذه ليست أسئلة، وليست حتى أجوبة. هذه بعض عناوين دولة أخنوش الاجتماعية، التي تسائل معنى الدولة قبل مساءلة المعنى الاجتماعي لها.

في الـ 24 ساعة التي يعيشها المواطن أو المقيم في المغرب، سيجد أنه لا يتوفر على مفتاحين أساسين من مفاتيح الولوج إلى الدولة. مفتاح التعليم، ومفتاح الصحة، وهو الذي قضى يومه أصلا، يقاتل في عمل، يمنحه أجرة شهرية متدنية، وفي نقل عمومي، يستنزف جزءا مهما من أجره المتدني أصلا، وفي سكن يلتهم حصة الأسد من ميزانيته، دون أن يوفر له بالضرورة رفاهيته وأمنه… وأن عليه، بعد كل هذا وذاك، أن يستثمر في تعليم أبنائه، بنفس الأجرة الشهرية المتدنية، وأن يكون جاهزا لكي يتوجه لأقرب مستشفى خاص، عند أول طارئ صحي.

هي هذه، بكل لغات العجز الممكنة، الدولة الاجتماعية التي يطبل لها وبها البعض. دولة… تمنحك فرصا أكبر حين تدفع المقابل، وتمنحك تعليما أفضل بمقابل، وتمنحك علاجا أفضل بمقابل.

… في الدولة الاجتماعية لأخنوش، أبجديات الحياة لها مقابل في الصحة والتعليم والنقل وفي كل تفاصيل الــ 24 ساعة.

لكن… لا تقلق.

فخلال الــ 24 ساعة التي تقضيها في هكذا ظروف، ستجد دائما من “يخبرك” أنك تعيش في دولة الــ “Welfare”… وأن وزير الصحة يقوم بزيارات “مفاجئة” للمستشفيات، ووزير التعليم ترك مصاصاته خصيصا كي يصنع “مدارس الريادة” وأن أخنوش… تحدث في التلفزة الرسمية.

لا تقلق… ففي أفلام الــ “Far West” انتصر الكوبويْ دائما، واندحر الهندي الأحمر دائما، لكن…

ظلت الجريمة قائمة.

وهذا… بعض من كلام

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *