مصطفى مفتاح: أبجدية الإبادةِ أبجدية الحياة. أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… - Marayana
×
×

مصطفى مفتاح: أبجدية الإبادةِ أبجدية الحياة. أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما…

يقرر الذكاء الاصطناعي قنص عائلات بأكملها سواء سكنت خياما أو دمار عمارات أو فناء ما تبقى من مدرسة، وستعطى الأولوية لـ”تحييد” الرضع والصغار وهكذا دواليك حتى إفناء الأسر المعنية.
واحتراما للمشاعر الإنسانية ولقواعد التجمع العائلي، يحرص الذكاء الاصطناعي على ردم العائلات مجتمعةً إلا إذا تعذر ذلك، فإنه يتم تعويض أفراد العائلة الغائبين أو القتلى قبل ذلك بأفراد أو جماعات من الجيران والمارة والإسعاف.

miftah mostafa مصطفى مفتاح
 مصطفى مفتاح

ما تبقّى من أمٍّ تلقِّنُ ما تبقّى من طفلها، سِرَّ الحروف.

تحتارُ الخوارزميات الجديدة وتصاب بالاكتئاب.

تحتار خوارزمياتُ صيانةِ خوارزمياتِ القتلِ، وتطلق صوتها صافرة الإشعار بالخطاْ.

ما تبقى من أمٍّ تُعَلِّمُ ما تبقى من طفلها حروفَ الأبجدية: – ألفٌ باءٌ. يردد ما تبقى من ابنها: – ألِفٌ باءٌ…………ماءٌ………….ماءْ! يردد الصوت الآلي: – ماءْ ماءْ ماءْ!

ما هذا؟ أيها المهندس التقني الملازم الأول؟

ما اللغزُ أيُّها العائد لتوِّك من الإجازة؟

ماذا؟ ماذا؟ ماااااااااااااااااااااااااااااااااذا؟

يُردِّدُ التسجيلُ: – ماءْ

أخيراً يختلي حبيبٌ بالحبيبة. أخيراً، يلتحمان في جسدٍ واحدٍ في فراشٍ واحدٍ عالقٍ وسط الأنقاض. أخيراً يأذنُ الأب بالخُلوةِ الأخيرة. أخيراً، في خيمةٍ واحدةٍ عالقةٍ وسط الركام.

لا وقت للنار، لا ثياب، لا سماءْ

أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما، يردِّدُ ما تبقّى من طفلٍ.

يعلن في حبورٍ، نبيٌّ معتادٌ في هذه الأرض المقدسةِ قصفاً وجوعاً:

– “إني رأيتُ النجومَ، يا أبي”، لما سقط السقفُ، أو السماءُ، فوق جمجمتي يا أبي!

ردد الإسعافي المشتعلُ ناراً:

– “أحد عشر كوكباً والشمس والقمرْ، رأيتهم لك ساجدين”. كالموت المعتاد، يقطع الأنبياء مثلك، إرباً إرباً،

إقرأْ : أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما،

أين المدرسة؟

تشعرُ المسيِّرةُ بالجوع والعطش، تشعر بالحرِّ، ولا تشعر بأي شيءٍ، أي شيءٍ، أي شيءْ.

أمميٌّ رفيعُ المستوى لأُمميٍّ رفيعِ المستوى: – كيف لا يَنْقَضون؟ لعلهُ “السنوار” سرقَ سرّاً من السجنْ. لما لا يموتون مثل كل الناس في السودان وأوكرانيا وحوادث القطارات؟ ويجهشان بالتقارير.

أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما،

أين الطباشيرُ؟

أين روضةُ الأطفالِ؟

أينَ نَهدُكِ المرضعة؟

أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما

يسحل شرطيان ألمانيان ألمانيةً بكوفيةٍ أنيقةٍ، يحرر شرطي المداومة مخالفةً ثمَّ يحدِّقُ بعض الشيء ويذهب …

أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما

بسرعةٍ، يمسك الشرطيُّ الأفريقي الأمريكي النائب الصارخ من عنقه ويسحبه بعد أن يلوي ويقيد يديه خلف ظهرهْ. ظهرِ النائب طبعا، فنحن في جلسة في الكونغرس الأمريكي!

تستمر جلسة الكونغرس. يستمر القصف والمجاعة، لا دواءْ ولا ماءْ.

يختلي ما تبقى من الحبيب بما تبقى من الحبيبة يتبادلان ذكريات قُبَلٍ لا قِبَلَ لهما بها، في بهاء مُضَرَّجٍ بالدماء والأحشاء الفضولية تندلق والمساء كالدخان والركام، أين ذراعك حبيبي، أين الجديلةُ، أين ما عرف الفؤاد من الشوقْ، أين الشوقُ: أشلاءٌ، هيّا ادخلي فيما تبقى من الضلوع، أسرع لما تبقى من ساقينِ. خد حبيبي أيها الموتُ، خُدْ موتي أيها الحبيب، خدْ ما تبقى من زغبْ ولا تسألني عن “جان جينيه” ولا عن كل أسماءِ الإبادة فلا مجال لكي تقارن أسمائي والحروف:

أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما

بِتَثاقُلٍ حكيمٌ يستيقظ ضميرٌ مِمّا تبقى من ضمير، فلربما يوزعون أرباح الحربِ بعد افتتاح بورصة “سيدني” ولربما يبدعُ حاكمٌ ما، ديمقراطي ما، قانونا جديدا لمعاداةِ معاداةِ الساميةِ، ربما ستجتمع الضمائرُ الحيةُ مع ما تبقى من الضمائرِ الحيَّةِ الأخرى كي يعلنوا لِقاحاً جديداً حاسماً ضد داء الكَلَبْ.

لكن رجاءً، امْنَعُوا عنا نظرة الطفل أو ما تبقى من الطفل الرضيعِ، واقصفوا سِرَّ الحروفْ

أَلِفٌ باءٌ ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ… ماما… ما

ولا حروف أبجدية للإبادة الهمجية.

رجاءً، أصلحوا الذكاءْ

أَلِفٌ باءٌ ماما… ما …ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ…

سَيُصادِرُ الرئيسُ، بِكُلِّ تأكيدٍ، طائرات لشحن الخراجِ المستحقِّ والجزية الفائِضَة، سيُفْتي المفتي أن الزكاةَ، نقداً أو خلافه، فرضُ عينٍ على كل الدول الصديقةِ التي تصطفُّ في حديقة الإقامةِ الخلفية.

ثم سيرسل المحاسبين المعتمدين لتدقيق الحساب، سيأذِّنُ المؤذِّنْ

سينظفون الأرشيف من صور “جمال عبد الناصر” و”ياسر عرفات” وكل أغصان الزيتون وشعرائها وجمهرةً من الرسامات والرسامين وكل الشرائط السينمائية عن حروب الجزائر والفيتنام وأغاني “تشي غيفارا”!

كعربونٍ على حسنِ النية، سنحذف من لوائح الإرهاب الآتية أسماؤهم:

·      أمين الحسيني، لأنه مات

·      صباح فخري

·      أم كلثوم

·      مجلة الآداب

·      الشيخ إمام، لأن ذِكرهُ انقطع

·      والفرقة الماسية.

ستَحْصِرُ المنظماتُ الأمميةُ المُعَدَّلَةُ، المشاركة في “الألعاب الأولمبية”، على حَفَدَةِ الإغريق الأصليين واليتامى من ذويهم، حسب ما ستؤكده الفحوصات الجينية والذكاء الاصطناعي. يمكن للآخرين أن يتفرجوا إن لم تتح لهم فرصةٌ بعدُ كيْ يُبادوا

يبحث زَوْجا حذاءٍ على رِجْلَيْ

يبحث بعض كُرْسيٍّ متحركِ عن، جذع كان يمتطيه قبل الغارةِ الثالثة بين الفجرِ والصبحِ، ويسرقُ جنديٌّ أخلاقيٌّ جداًّ كُرَةً كانت هناك.

يَئِنُّ الصّدى: أَلِفٌ باءٌ ماما… ما …ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ…

يقرر الذكاء الاصطناعي قنص عائلات بأكملها سواء سكنت خياما أو دمار عمارات أو فناء ما تبقى من مدرسة، وستعطى الأولوية لـ”تحييد” الرضع والصغار وهكذا دواليك حتى إفناء الأسر المعنية.

واحتراما للمشاعر الإنسانية ولقواعد التجمع العائلي، يحرص الذكاء الاصطناعي على ردم العائلات مجتمعةً إلا إذا تعذر ذلك، فإنه يتم تعويض أفراد العائلة الغائبين أو القتلى قبل ذلك بأفراد أو جماعات من الجيران والمارة والإسعاف.

وتنفيذا للتعليمات التي أعطتها “الخوارزميات، ستنتقل الجهود لإسكات الصدى:

: أَلِفٌ باءٌ ماما… ما …ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ…

: أَلِفٌ باءٌ ماما… ما …ماءٌ ….ماءٌ ….ماءْ…

ماما….ماءْ

ماما

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *