هشام روزاق يكتب: أخنوشــكر… الدرس الافتتاخــي وسياسة الافتتاخ
لحسن الحظ، لدينا في بلدي أخنوش، ولدينا لشكر…
لدينا الدرس الافتتاخي في العرائش، وسياسة الافتتاخ في الحكومة… ولا شيء بينهما سوى بعض أرقام غير صادمة بالمرة، تخبرنا أن الفساد في السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، يسير بخطى ثابتة.
… حسنا،
فلنتخيل للحظة، لو أن أقدارنا تركتنا وجها لوجه مع كثير من حكايات اليومي المغربي فقط، دون أن تمنحنا بعضا من فسحة للضحك، للقهقهة، ولقليل من دموع فرح عوض سواقي الحزن المقيمة، أبدا، على حدود الجفون…
لنتخيل لو أن كل حكاية البلد عندنا، هي أن يخبرنا “محمد بشير الراشدي”، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ترتيب المغرب ضمن مؤشر إدراك الفساد لم يتحسن سوى بنقطة وحيدة طيلة العقدين الماضيين؛ وأنه، في المقابل، استمر تدهور ترتيبه في باقي المؤشرات الأخرى المرتبطة بمكافحة الفساد.
نحن… بلد المليون حزب وجمعية ومكتب دراسات، والمليار انشقاق حزبي، والترليون مشروع حزب، تنادي كلها بمحاربة الفساد. لكننا، في نفس الوقت، نعيش في بلد تدهور ترتيبه في كل مؤشرات مكافحة الفساد؟!… حسب رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الجواب هو… “ماشي نعم، الجواب، هو… لا، القضية أقــ…صح من هاد الشي”.
نحن يا بلدي العزيز، نعيش في بلد، الأمور فيه على الشكل التالي:
1ــ مؤشر الفساد في السلطة التنفيذية، سنة 2023، يفيد بأن المغرب فقد 7 نقاط مقارنة مع سنة 2022 و16 نقطة مقارنة مع 2020، مسجلا تراجعا بسبع نقاط مقارنة مع 2022، ليحتل المرتبة 118 دوليا.
2ــ مؤشر الفساد في السلطة التشريعية، سجل تراجع المغرب نحو سبع نقاط مقارنة مع 2022، وانتقل من الرتبة 90 إلى الرتبة 106.
3ــ مؤشر الفساد في السلطة القضائية، سجل أن المغرب فقد 19 نقطة مقارنة مع سنة 2022، وفقد 21 نقطة مقارنة مع 2020، وتراجع من الرتبة 93 سنة 2020 والرتبة 99 سنة 2022 إلى الرتبة 106 سنة 2023.
يعني… نحن، يا بلدي العزيز، نعيش في بلد، “الساريات ديالو بثلاثة (السلطة التشريعية، التنفيذية، القضائية) فيهوم غير “الحديد الرقيقا والرملة ترابا”، ليظل حلم عبورنا نحو دولة مؤسسات حقيقية، مربوطا إلى… “قنطرة كادابا” على قول أهلنا الطيبين في إقليم كرسيف.
الفساد الذي تحدث عنه تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والذي يخترق سلطات الدولة الثلاث، يكلف المغرب سنويا من 3,5 إلى 6 في المئة من ناتجه الداخلي الخام، أي ما يمثل 50 مليار درهم… والـله يخلف على من “نفق”. (نفق في العربية، تعني وفاة الدابة والبهائم).
ثم…
لنتخيل للحظة، لو أن أقدارنا، تركتنا وجها لوجه، مع أرقام المندوبية السامية للتخطيط، التي تخبرنا أن: “97.5% من الأسر المغربية تقر أن الأسعار قد شهدت ارتفاعًا خلال الـ 12 شهرا الماضية”.
97.5 في المائة… نتيجة ما بقاش تا يحققها تا التصويت بنعم على الدستور في المغرب.
فلنتخيل إذن… لو أن أقدارنا المغربية، تركتنا في مواجهة كل هذا السواد، هذا الحزن الممتد من فساد سلطاتنا التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى يأس الأسر المغربية من استحالة تدبير عيشها اليومي، دون أن تمنحنا فاصلا كوميديا يجعل الحياة في البلد ممكنة، ويجعل البلد أمرا ممكنا…
ويجعل للنهايات معنى… “قتلونا… بالضحك”.
في بلد، مؤشر الفساد في سلطته التنفيذية سجل تغولا للفساد، حسب تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لم يجد رئيس هذه السلطة التنفيذية، عزيز أخنوش، أي حرج في الرد على معارضيه، كرئيس للمجلس الجماعي لأكادير، بأنه “ما تايديرش السياسة في المجلس الجماعي”…
نحن الآن… لدينا رئيس حكومة، وأمين عام لحزب، ورئيس مجلس جماعي لواحدة من أهم مدن المغرب، يفترض أنه شارك في عملية سياسية، وانتخب، وفاز بأصوات المواطنين… لديه قناعة راسخة بأنه، “لا يمارس السياسة”، وفي نفس الوقت، لدينا تقرير رسمي يفيد أن السلطة التنفيذية التي يقودها هذا الشخص (عزيز أخنوش) عرفت ارتفاعا لممارسة الفساد داخلها خلال ولايته…
يعني… السؤال المنطقي الوحيد الذي يمكن طرحه على أخنوش هنا، هو:
“إذا كنت لا تمارس السياسة كرئيس للسلطة التنفيذية بمجلس جماعي، هل هذا يعني أنك تمارس الفساد كرئيس للسلطة التنفيذية (الحكومة)؟… لأن هذا ما يقوله تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
في النهاية، يبدو أن أجمل ما حدث في المغرب خلال هذا الذي يسمونه “الموسم السياسي”، لم تكن تلك التقارير التي كشفت حجم الفساد المتأصل في مؤسساتنا وسلطنا، ولم تكن حتى تلك التقارير التي كشفت أن السواد الأعظم من المغاربة، يواجه حربا يومية مفتوحة مع طعامه وشرابه…
أجمل ما في البلد اليوم، أن…
لدينا رئيس حكومة، رئيس سلطة تنفيذية ينخرها الفساد، يؤمن أنه لا يمارس السياسة.
ولدينا، وهذا الأجمل…
لدينا إدريس لشكر، يلقي الدرس الافتتاحي للموسم الجامعي الحالي بالكلية متعددة التخصصات بالعرائش.
إدريس لشكر ودرس افتتاحي؟
هذه أكبر عملية “افتتاخ” في التاريخ.
حيث خاص بنادم يكون “فاتخ جوان” نيت باش يستوعب أو يقدر يعلق على مثل هاد الكارثة.
وحيث… يبدو أن قدرنا المغربي، أن نتعود على عمليات “الفتيخ” التي تلازمنا.
أخنوش “فتخنا” سياسيا.
ولشكر “فتخنا” في مكتب الدراسات وأراضي خدام الدولة… ودابا في الحرم الجامعي…
وليس لنا إلا أن نقبل بسياسة “الافتتاخ”.
وهذا بعض من كلام.