سناء العاجي الحنفي: حوار مع صديق إسلامي… خانَ ذاكرته
أخرج صديقنا الإسلامي من هاتفه دراسات لم أسمع بها من قبل، تقول بأن المغاربة لا يريدون العلاقات الرضائية ولا يريدون العلمانية ولا يريدون الحداثة ولا يريدون حقوق النساء…
ونسي أن يخرج من هاتفه نتائج الانتخابات التي تقول إن المغاربة… لا يريدون حزبه! وبشكل فاضح وواضح!
نسي أن ذاكرة الهاتف قد تنمحي، لكن ذاكرة الناس ستتذكر على الدوام، فضائح الإسلامويين الجنسية، وفضائح تدبير الشأن العام، وفضائح سفريات غرامية لباريس و”مساعدات على القذف”… وفضائح راتب شهري يأتى من ريع
في حَدَث عام بالرباط، التقيته. وزير سابق في الحكومة التي ترأسها حزب العدالة والتنمية. كان معنا فاعل مهم في القطاع الاقتصادي يقول له إن الحزب، بعد فشله الساحق في انتخابات 2021، عليه أن يراجع نفسه ومواقفه بخصوص قضايا تعدد الزوجات والمساواة في الإرث.
– المشكلة توجد في تعدد العلاقات الرضائية مع القاصرات… أليس هذا ما تدافعون عنه؟
حين نطق بهذه الجملة، بُهِت الذين كفروا والذين أسلموا والمنافقون والذين لم تتكون لديهم بعد أية فكرة أو موقف… وكل من كان على وجه الأرض!
خلط متعمد؟ عدم فهم حقيقي لمفهوم الحريات الفردية؟ مَن، مِن بين المدافعين عن الحريات الفردية والعلاقات الرضائية، يدافع عن تعدد العلاقات؟ أما العلاقات مع القاصرين، فليس هناك من يدافع عنها أكثر من الإسلاميين ومن والاهم من المهووسين بالدين… وبالجنس! لن تجد علمانيا أو حداثيا سويا يدافع عنها. وحدهم الذين دافعوا عن محمد المغراوي في فتواه المقرفة، يجدون في ما يعتبرونه نصا دينيا، مبررا وسندا لاغتصاب القاصرات باسم عقد نكاح/زواج.
كان صديقنا الإسلامي، وأحد أبرز أطر العدالة والتنمية، لا يتحدث عن العلاقات الرضائية إلا بصيغة التعدد… الذكوري! لم تكن العلاقات الرضائية لديه علاقة بين شخصين راشدين اختارا بعضهما؛ بل، بكل بساطة، “رجل له علاقات مع نساء متعددات بحيث ينعدم شرط الوفاء”. وحتى في هذه… لو التفت الإسلامويون لبعض حكاياتهم، لأدركوا أنهم يُدينون أنفسهم لا الآخرين.
في ذهنية الإسلاميين، هناك دائما رجل في المركز يحب الجنس المتعدد ويمارسه. فإما أن يقوم به بصيغة حلال في إطار تعدد الزوجات، وإما أن يقوم به في إطار “تعدد العلاقات الرضائية… مع القاصرات”. لا يفكر هؤلاء في إمكانية وجود شخصين راشدين اختارا بعضهما عن حب أو حتى لمتعة عابرة ولا يريدان بالضرورة أن يدخلا ضمن منظومة الزواج والعائلة والأصهار!
هذا دون أن ننسى أن تعدد العلاقات قد يكون نسائيا أيضا. لكن الإسلامي لا يتصور الجنس إلا متعددا… من طرف الرجل/الذكر! تعديد بعض النساء لعلاقاتهن مع رجال آخرين (أو نساء أخريات) غير وارد وغير مطروح بالنسبة لهم؛ بغض النظر عن موقف كل منا من هذه الممارسة. لكننا نورد هذا النموذج لكي نبين الأشكال المتعددة الممكنة للعلاقات بين الراشدين، والتي لا يراها “الفكر” الإسلامي المتطرف.
لا، هناك دائما رجل في المركز ونساء (قاصرات؟) يَحُمْن حوله. أو لنقل حول فراشه.
تساءلت برعب حقيقي إن كان هذا المفهوم الحقيقي لكل الإسلاميين عن العلاقات الرضائية، أم أنه خلط متعمد سياسوي في ذهن صاحبنا: رجل متزوج يعدد العلاقات خارج علاقته الزوجية! كل شيء يحوم حول جنسانية الرجل وكل شيء يبدو مدنسا لا علاقة له بالمفهوم الحقيقي للعلاقات الرضائية كعلاقات إنسانية تجمع طرفين اختارا بعضهما.
سألته:
– وماذا عن “التعدد الحلال”؟ أليس فيه انعدام للوفاء؟
– إذا كانت موافِقة، فلا إشكال…
لم أكن أسأل عن الموافقة القانونية للزوجة. كنت أسأل عن شعورها. عن إحساسها وهي تعرف أن زوجها، قانونيا وشرعيا، سيقضي ليلته في حضن زوجة أخرى وسيعيش معها أحاسيس أخرى وسيقتسم معها تفاصيل حياة أخرى يفترض أن تقبل بها باسم الدين والشرع.
و… كان صديقنا الوزير السابق مصرا أن التعدد الإسلامي لا يطرح إشكالا وأن العلاقات الرضائية هي علاقات تعددية في اتجاه واحد: رجل مع عدة سيدات. وخيانة. وقاصرات.
أضاف الطرف الثالث الحاضر معنا:
– عليكم جديا أن تفكروا في التراجع عما لا يريده المغاربة.
– هذا ما يجب أن تقوله للأطراف الأخرى… الجهات المعلمنة! هي التي لا يريدها المغاربة.
– لماذا لا تفكرون مثلا، جديا، في موضوع المساواة في الإرث. لدي بنتان وابن… لا أحب ابني أكثر من بنتيّ، ولا أفهم لماذا سيرث أحدهما أكثر من غيره.
هنا، أخرج صديقنا الإسلامي من هاتفه دراسات لم أسمع بها من قبل، تقول بأن المغاربة لا يريدون العلاقات الرضائية ولا يريدون العلمانية ولا يريدون الحداثة ولا يريدون حقوق النساء…
ونسي أن يخرج من هاتفه نتائج الانتخابات التي تقول إن المغاربة… لا يريدون حزبه! وبشكل فاضح وواضح!
نسي أن أن ذاكرة الهاتف قد تنمحي، وأن ذاكرة الناس ستتذكر على الدوام، فضائح الإسلامويين الجنسية، وفضائح تدبير الشأن العام، وفضائح سفريات غرامية لباريس و”مساعدات على القذف”… وفضائح راتب شهري يأتى من ريع.
وأن … بعضهم، يحتاج فعلا لـ… فورماطاج.
موضوع قيم و ملاحظات موفقة شكرا لكاتبة المقال بإسمها و لقبها ، …
مع ذلك أزعم أن عملية الفورماطاج على هؤلاء ، غير كافية ، فهذه النوعية من العقليات الصلبة
تحتاج للفورماطاج في الوهلة الأولى ، ثم تحتاج لعملية (الميزانيفو) أو بالانجليزية (الاب غرايد) مع الحرص على (الاب دايت) اليومي ،و هذا ما لا تقبله الذاكرة تلعشوائية للإسلامويين بسبب ارث العشيرة و عرف القبيلة و بسبب المصلحة الذكورية ، مع ذلك لا بجب نكران فوائد الفورماطاج الذي على الأقل يعيد الاقراص الصلبة إلى نقطة الصفر…….!!
ح.ق
ماجستر دراسات قضائية