محمد أمنصور: أيها المارون بين الكلمات العابرة… اجمعوا أسماءكم وانصرفوا…! - Marayana - مرايانا
×
×

محمد أمنصور: أيها المارون بين الكلمات العابرة… اجمعوا أسماءكم وانصرفوا…!

لم أتخيل يوما أن تعرض مسرحية للكيان الصهيوني في قلب عاصمة المملكة بهذه البساطة على أنظار شعب كبر وترعرع أبناؤه على سماع عبارة فلسطين قضية وطنية دون أن يثار حولها أي احتجاج أو اعتراض من طرف ما يسمى عندنا بالمجتمع المدني! ولأن صور صبرا وشاتيلا ماتزال عالقة بذاكرتي، ولأنني أستمع للشاعر محمود درويش بانتظام، ولأن فيروز أفهمتني بأننا سنرجع يوما إلى حينا ونغرق في دافئات المنى مهما يمر الزمان وتنأى المسافات بيننا، فإن شيئا صلبا بداخلي اصطدم بروح وشكل هذه الكوميديا الصهيونية الحامضة حتى وإن لم يسبق لي أن شاهدتها.

1 ـ في وقت كان فيه المغاربة منشغلين لدرجة الهوس بأفراح كأس العالم القطري سنة 2022، عرضت في مسرح محمد الخامس بالرباط مسرحية بستان الصفردي لما يسمى المسرح الوطني الإسرائيلي، وهي كوميديا موسيقية بالعبرية تتضمن سلسلة من الأغاني الممسرحة حول قصة هروب اليهود السفارديم عام 1449 من إسبانيا نحو القدس، في تأكيد ماكر لتاريخية علاقة اليهود بالقدس قبل اختراع الكيان الصهيوني! بستان الصفردي عرض مسرحي يعزف على وتر حكاية الشتات اليهودي من منظور صهيوني للتاريخ مراهنا على تصفيقات الجمهور المغربي للمتعة الفنية على حساب تعارض الرؤى للحقيقة التاريخية بين هذا الجمهور وما يسمى بإسرائيل. السؤال الآن هو:

ـ هل يوجد بالفعل في المغرب هذا المتفرج المفترض الذي ينتصر للمكون الفني على حساب الخلفية الإيديولوجية الصامتة التي تنطوي عليها مضامين العرض؟ (…)

2 ـ لم أتخيل يوما أن تعرض مسرحية للكيان الصهيوني في قلب عاصمة المملكة بهذه البساطة على أنظار شعب كبر وترعرع أبناؤه على سماع عبارة فلسطين قضية وطنية دون أن يثار حولها أي احتجاج أو اعتراض من طرف ما يسمى عندنا بالمجتمع المدني! ولأن صور صبرا وشاتيلا ماتزال عالقة بذاكرتي، ولأنني أستمع للشاعر محمود درويش بانتظام، ولأن فيروز أفهمتني بأننا سنرجع يوما إلى حينا ونغرق في دافئات المنى  مهما يمر الزمان  وتنأى المسافات بيننا، فإن شيئا صلبا بداخلي اصطدم بروح وشكل هذه الكوميديا الصهيونية الحامضة حتى وإن لم يسبق لي أن شاهدتها.

في المقابل، ينتصب أمامي سؤال آخر: من أين يستمد المطبعون من الطرفين القدرة على تصديق خرافة الأخوة الإنسانية والتعاون وتبادل الزيارات والفنون والخبرات بين بلد اسمه المغرب وآخر يقوم على أنقاض الكيان الفلسطيني اسمه إسرائيل في تآمر مكشوف على الحقوق التاريخية لشعب كامل؟ (…)

كيف لا يكون لدي بلوكاج في فهم التطبيع الرسمي للمغرب مع الكيان الصهيوني والفلسطينيون ما يزالون جالسين على “الدص”؟ إذا كان السادات في انتحاره التاريخي لم يفلح في خدمة القضية الفلسطينية، وياسر عرفات في فخ أوسلو لم يجلب للفلسطينيين غير مزيد من المستوطنات والحصار اللاإنساني؛ فما الجديد الذي يفترض أن تقدمه النسخة المغربية للتطبيع إلى هؤلاء المعذبين في الأرض؟ التطبيع مع من؟ ومن أجل ماذا؟ هل التطبيع ممكن مع دولة مغتصبة تأخذ كل شيء ولا تعطي أي شيء مع الإصرار على وضع شعب بكامله وجها لوجه مع الحائط إلى ما لا نهاية؟ (…)

4 ـ ثمة خطأ ما في مملكة الدانمرك كما ورد في إحدى مسرحيات شكسبير. فإما أنني لا أفهم في السياسة. أجتر عقلية ستينيات القرن الماضي المثالية التي تجاوزها التاريخ. عاجز عن فهم حكمة وفوائد استمرار احتلال إسرائيل لفلسطين، وهذا ما يفسر عجزي أنا وأمثالي عن فهم فلسفة التطبيع أو أنا عديم الثقة في أصحاب الشأن السياسي بهذا البلد الذين يعرفون مصلحتي ومصلحة الوطن أكثر مني، فوجب أن “أضرب الطم” وأحني رأسي قاصدا مسرح محمد الخامس للاستمتاع بالعرض العبري دون الخوض في ما يتجاوز قدرات عقلي الصغير على الفهم؟ وسواء أكنت محقا في تحفظاتي وغضبي أو مخطئا، فالثابت عندي أن هذا الذي يحدث في المغرب باسم التطبيع في هذه المرحلة من تاريخ القضية الفلسطينية، دون مقابل للشعب الضحية، تنبعث منه رائحة كريهة (…)

5 ـ أيا كان المستوى الفني لهذا العرض المسرحي الذي تم به تسويق الاختراق الصهيوني للنسيج الثقافي المغربي، يتوجب القول بأن التطبيع في بلد مثل المغرب يسائلنا جميعا عن حصة الفلسطينيين من الصفقة! أتخيل صهيونيا يسألني:

ـ السيد أمنصور؛ لماذا ترفض التطبيع؟

سيكون جوابي بسيطا وواضحا على الشكل التالي:

ـ أرفض التطبيع لأنني لن أمل يوما من سماع قصيدة محمود درويش بصوت أصالة الشجي وهي تغني: أيها المارون بين الكلمات العابرة.. اجمعوا أسماءكم وانصرفوا (…)

نقطة عودة إلى السطر!

تعليقات

  1. حميد فكري

    أضم صوتي لكل الأصوات الحرة الرافضة للتطبيع مع كيان همجي عنصري ،حاقد ، اسمه اسرائيل ۔
    رهان خاسر ، لن يجني من وراءه المغرب ، غير الخيبات والعار۔

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *