محمد عبد الوهاب رفيقي يكتب لمرايانا: التراث والإرهاب… أي مسؤولية؟
لِكُل ما تقدم عليه الحركات الإرهابية بصمات تراثية واضحة، من استرقاق نساء الإيزيديين والمسيحين، إلى إقامة الدولة الإسلامية. كل ما تعرضه من توحش وهمجية له ما يسنده في التراث، سواء من حيث التنظير أو من حيث الممارسة التاريخية. كل الذين يرمونها اليوم بالغلو والجهل لا يختلفون معها في أن كثيرا من هذه الممارسات شرعية، أو لها وجه شرعي على الأقل، يختلفون فقط في منطق المصلحة والمفسدة والتوقيت والأسلوب.
سؤال الإرهاب والتراث، رغم كل ما فيه من جرأة وجسارة، لا يمكن غض الطرف عنه ووضع الرؤوس في الرمال، بل يجب أن يؤخذ بكثير من الحزم والعمق.
يعتقد عدد من الدارسين للملف الإرهابي أن الوضع الاقتصادي المزري والخلفية الاجتماعية الهشة، لها دور رئيس في إنتاج الإرهاب، في حين يعتقد آخرون أن بريطانيا، أمريكا والأحداث السياسية منذ وعد بلفور، لها دور في خلق الحالة الإرهابية.
لست أنكر أن يكون لهذه الأمور مجتمعة بعض الأسس المفيدة لتفسير جزئي للظاهرة الإرهابية. لكن، سيكون من الخطأ إغفال أسس بنية التفكير المنتجة للهوية المنغلقة التي تصبح قاتلة فيما بعد؛ خاصة إذا استحضرنا ملاحظة “صمويل هنتنغتون” الصادقة، والتي ترى أن معظم المنتمين للحركات الأصولية في كل الأديان هم من أصحاب الشهادات الجامعية والمنتمين للطبقات المتوسطة.
مئات الآلاف من الشباب اليوم يؤمن بضرورة عودة عصر الاسترقاق والاستعباد، يحلمون بسبي “بنات الأصفر” من شقراوات ألمانيا والسويد ونيوزلندا، يؤمنون بإعادة تشكيل دولة أخرى مختلفة عن هذه… دولة الإيمان! يؤمنون بكل الأحكام التراثية عن المسيحيين واليهود وضرورة إذلالهم كما هو مقرر في كتب الفقه، يؤمنون بضرورة الغزو وأنه سيأتي يوم يستعيد فيه المسلمون قدرتهم العسكرية على إعلان الحرب على “كل الكفار”
الوضع الاجتماعي والاقتصادي لا يسعف كثيرا في تفسير الظاهرة. يغيب عن هؤلاء المحللين عشرات الدول الفقيرة التي لا تعرف انفجارا في الظاهرة الإرهابية، ويغيب عنهم أيضا الأعداد الكبيرة للملتحقين من أغنى بلاد العالم: أكثر من عشرين ألف مقاتل ممن كانوا بداعش من أوروبا، المئات منهم من الدول الاسكندنافية، وهي أغنى دول الأرض.
أعود إلى طرح السؤال: هل يعترف الشيوخ والفقهاء والدعاة بوجود مشكلة ما في التفسير الديني التراثي ؟
الواقع أنهم، في مجملهم، لا يعترفون إطلاقا… لا يرون في المنظومة التراثية التي تدرس صباحا ومساء باب الاسترقاق، وأحكام أهل الذمة، وهجر المبتدع، وجهاد الطلب، والآثار اللامتسامحة والتي تعد بالمئات إن لم تكن بالآلاف المروية عن الكثير من الفقهاء، وأبواب التكفير الكثيرة في كتب الفقه المذهبي، والتأصيل الحنبلي لأبواب الكفر والإيمان الذي تتبناه التيارات الجهادية المعاصرة، وكل تلك القائمة الطويلة من الاجتهادات غير المقبولة بحق المرأة، والفصول الفقهية التي تكرس النظرة التراثية للعالم: دار حرب ودار إسلام، والتفسيرات العنيفة والمتكلفة لآيات الجهاد في كتب التفسير… لا يرون في كل ذلك ما يستدعي المراجعة، واعتباره بشكل ما مسؤولا عن إعادة إنتاج العنف الحالي.
داعش فرقة سنية، وخرجت من رحم سني، وأدبياتها سنية، والملتحقون بها نشؤوا في بلاد سنية، ولم يأتوا إليها من بلاد (مزاب) بالجزائر، ولو تبنى التنظيم عقيدة الخوارج لما وجد له أنصارا ولا أتباعا وسط الصف السني.
بل أي إساءة للنص الديني أكثر من أن يقول الله تعالى : “ولقد كرمنا بني آدم”، ليأتي المفسرون بعد ذلك فيقولون : كرم الله الإنسان، ثم اختار الكافر أن يذل نفسه بعدم إيمانه فهو لا يستحق التكريم.
يتحدث هؤلاء الفقهاء بنبرة تجميلية متكررة، واتهامات بالجملة لكل المنتسبين للحركات الجهادية بأنهم خوارج وبأنهم جهال. كل ذلك استماتة في تكريس صورة مثالية عن هذا التراث.
داعش فرقة سنية، وخرجت من رحم سني، وأدبياتها سنية، والملتحقون بها نشؤوا في بلاد سنية، ولم يأتوا إليها من بلاد (مزاب) بالجزائر، ولو تبنى التنظيم عقيدة الخوارج لما وجد له أنصارا ولا أتباعا وسط الصف السني.
كل ما في الأمر أن داعش كانت تنتقي -ككل الفرق- من داخل التراث السني ما يتوافق مع أغراضها ومصالحها ودوافعها النفسية. لذلك، فالهرب من ممارسة النقد الذاتي يضاعف من الفاتورة علينا جميعا. ينبغي الاعتراف بأن جزءً من تراثنا الفقهي والتاريخي يحمل بصمات عدائية تجاه الآخرين، مع ضيق صدر في تقبل الرأي الآخر والتعامل معه.
عموم الفقهاء اليوم يمارسون منهجا غير سليم في التعاطي مع الفقه ومع الواقع. كل ما لا يروقهم في التراث واجتهادات الأئمة الماضين، أو يصعب عليهم تطبيقه اليوم، يهربون منه نحو قواعد فضفاضة وعامة، كقاعدة المصلحة، وأن الواقع اليوم ليس مناسبا لهذه الأمور، أو يقولون بأن زمن الرق – على سبيل المثال- قد انتهى
لكل ما تقدم عليه الحركات الإرهابية بصمات تراثية واضحة، من استرقاق نساء الإيزيديين والمسيحين، إلى إقامة الدولة الإسلامية. كل ما تعرضه من توحش وهمجية له ما يسنده في التراث، سواء من حيث التنظير أو من حيث الممارسة التاريخية. كل الذين يرمونها اليوم بالغلو والجهل لا يختلفون معها في أن كثيرا من هذه الممارسات شرعية، أو لها وجه شرعي على الأقل، يختلفون فقط في منطق المصلحة والمفسدة والتوقيت والأسلوب.
عموم الفقهاء اليوم يمارسون منهجا غير سليم في التعاطي مع الفقه ومع الواقع. كل ما لا يروقهم في التراث واجتهادات الأئمة الماضين، أو يصعب عليهم تطبيقه اليوم، يهربون منه نحو قواعد فضفاضة وعامة، كقاعدة المصلحة، وأن الواقع اليوم ليس مناسبا لهذه الأمور، أو يقولون بأن زمن الرق – على سبيل المثال- قد انتهى.
الخطر الماثل في هذا التصور الفقهي يرجع إلى أمرين اثنين:
أي إساءة للنص الديني أكثر من أن يقول الله تعالى : “ولقد كرمنا بني آدم”، ليأتي المفسرون بعد ذلك فيقولون : كرم الله الإنسان، ثم اختار الكافر أن يذل نفسه بعدم إيمانه فهو لا يستحق التكريم.
الأول: أنهم يعظمون التراث في أعين الناس والشباب تعظيما شديدا لدرجة ترفع اجتهادات الأئمة السابقين إلى منازل لا تتصور من التعظيم، فيتبنى الشباب لاحقا كل المنظومة التراثية دون تمييز. لا يخفى أن مئات الآلاف من الشباب اليوم يؤمن بضرورة عودة عصر الاسترقاق والاستعباد، يحلمون بسبي “بنات الأصفر” من شقراوات ألمانيا والسويد ونيوزلندا، يؤمنون بإعادة تشكيل دولة أخرى مختلفة عن هذه… دولة الإيمان! يؤمنون بكل الأحكام التراثية عن المسيحيين واليهود وضرورة إذلالهم كما هو مقرر في كتب الفقه، يؤمنون بضرورة الغزو وأنه سيأتي يوم يستعيد فيه المسلمون قدرتهم العسكرية على إعلان الحرب على “كل الكفار”.
الثاني، وهو مبني على الأول: أن الفقهاء حين يصطدمون بعقبة الواقع في قضية فقهية غير مقبولة اليوم، لا يناقشون مشكلة تعارض الكثير من أمور التراث مع العصر الحديث، مع دعوة صريحة نحو تجديد كلي للمنظومة الفقهية، بل ينقسمون إلى فريقين: فريق يقول بأن تلك الأحكام تصلح حين تعود الدولة الإسلامية، وفريق يقول بأن المصلحة اقتضت أن لا نأخذ بتلك الأحكام اليوم.
في كلتا الحالتين، فإن وضعية التراث في العقل الجمعي لا تتزحزح، خاصة مع نبرة التمجيد السائدة، وانعدام أي سلوك نقدي، أو قراءات داخلية تضع التراث في ميزان البحث الموضوعي والنقد المنهجي، الأمر الذي أنتج –وكنتيجة منطقية- جيلا من العقول التي تعظم التراث بالكلية، حتى أصبحت النصوص التراثية معيارا للحكم على الاجتهادات الفقهية المعاصرة، وكأننا مجبرون على أن نعيش أجسادنا بالقرن الحادي وعشرين، وعقولنا بالقرن السابع الميلادي.
مقالات وفيديوهات قد تهمك:
- محمد شحرور… عندما نادى المفكر الإسلامي بتجفيف منابع الإرهاب داخل النص الديني! 3/3
- مسَّ يقينيات وقطعيات من الدين: التأويل الاضطراري!
- من نقد التراث إلى نقد العقل، كيف أسس الجابري لنقد العقل العربي 1/3
- Marayana TV: الجذور التاريخية لدولة الإسلام – الحلقة3: الخلافات بين أسلاف النبي
- “نصوص متوحشة”: هكذا أسس أبو حامد الغزالي لخطاب التكفير في التراث الإسلامي 4/2
- “نصوص متوحشة”: هكذا وطّد ابن تيمية خطاب التكفير في التراث الإسلامي 4/4
- جماعة الهجرة والتكفير: كل من يرفض الدعوة للتكفير والهجرة كافر 2/2
- أوجه التشابه بين المتطرفين ودعاة الاعتدال. هل هناك نسخة معدلة من الإسلام!؟
- Marayana TV: حسين الوادعي: هل نحن فعلا أمة وسط؟
للاسف قرات الموضوع كاملا ووجدته كله كلام مرسل مكرر لا فائذة منه لا دليل على اقوالك التي مصدرها الاهواء والجهل فقط تقول حسب اهوائك ولقد رد اهل العلم الكبار على مثل هذا الكلام الضعيف والمرسل بالادلة والبراهين الساطعة التي دمغتها ونحن نعلم مدى تمجيدك للكفار ومدى حقدك على الاسلام المشكلة انك تفتري على الاسلام الكذب وتنسى افاعيل الكفار ضد المسلمين ام انك تحب تمجيد الكفار الذين هم في الاصل واتحدث هنا عن المحاربين مجرمين ومصدر الاجرام والارهاب فلماذا لا تذكر جرائمهم ضد الاسلام والمسلمين والواقع اليوم وقبل اليوم ايضا يؤكد بان الكفار هم مصدر الارهاب والاجرام ضد الاسلام والمسلمين ولو كان الاسلام يدعو الى قتل الاببرياء والتفجير حولهم لما وجدت كافرا على وجه الارض حتى انت لانك تدعي انك مسلم وتنطق بكلام كفري ليكن في علمك ان السبي والاسترقاق كان معروفا ومعمولا به قبل مجيئ الاسلام لكن بشكل عشوائي وعام لكن لما جاء الاسلام قننه وازال كل انواع السبي الا السبي في الحرب كعقوبة للمحارب بل ووضع وسائل وشوط للقضاء على هذا الاستعباد…لكن السبي في الاسلام يختلف عن السبي عند الكفار فلماذا لم تذكر ذلك وتعمل مقارنة بينهم كل كلامك للاسف كلام مرسل بل حتى الرضيع اذا قراه قد يسخر منك ومن كلامك … لم نرى اليوم سوى الكفار هم الذين يستعبدون المسلمات ويغتصبونهن ويقتلون الرجال المسلمين وينكلون بهم ولا احد يجرء على التصدي لهم الكفار كلهم متفقين على شيئ واحد وهو محاربة لاسلام بدعوى الارهاب ولا نرى احدا من المسلمين يفعلون الارهاب والاجرام سوى هم “الكفار” …. كل واحد يستطيع ان يقول الله اكبر ولا اله الا الله … لكن ليس كل من يقولها مسلم قد يقولها بفمه ابتغاء خداع الناس …. واتمنى ان تكون منصفا وان تاتي وتقوم بمقارنة بين السبي والاسترقاء قبل الاسلام وبعد الاسلام ووضح للناس ذلك بالادلة الصحيحة وعلى ما اظن انك لن ولم تجرء على فعل ذلك لانك امثالك ضعاف ولا ادلة عندهم الا الكلام المرسل والذي لا فائذة منه وقبل ان ارحل ايد ان اطرح اسئلة اريد الاجابة عليها فضلا وليس امرا …كما نعلم ان المغرب دولة علمانية ستقول لي لماذا ساقول لكل لانها تحكم بالقوانين التي من صنع البشر وقيل في الدستو انها اسلامية ليس لانها كذلك بل لان نسبة سكانها الاكثر مسلمين لكن في الاصل علمانية …..
هل الاسلام سبب الفساد بكل انواعه في المتفشي في العالم؟
ادعيت ان الاسلام جاء بالاسترقاق والاستعباد المرجوا ان تعينا بعض الادلة المحكمة والتي تدل على قولك هذا لانك لم تات باي دليل على صحة قولك ؟
اجوا منك ان تاتينا بادلة محكمو تدل على ان الاسلام يامر بقتل الابرياء والاعتداء عليهم والانتحار بدعوى الجهاد…؟
لماذا تغطي الطرف على اجارم الكفار وتفتري على الاسلام الكذب والبهتان ام ان حب المال عمى بصيرتك؟
وارجو من الله ان يهديني واياك الى الحق المطلق المبين والسلام على من اتبع الهدى