من اليمن، حسين الوادعي يكتب: تاريخنا المثالي العظيم
صورة “العالم الكامل/المثالي” التي تسكن العقل العربي تشكل عائقا أمام فهمه لذاته وللعالم. اللغة المثالية! الدين المثالي! التاريخ المثالي! الموقع المثالي! لم يعد أحد ينظر لتاريخه نفس النظرة التقديسية التي …
صورة “العالم الكامل/المثالي” التي تسكن العقل العربي تشكل عائقا أمام فهمه لذاته وللعالم.
اللغة المثالية!
الدين المثالي!
التاريخ المثالي!
الموقع المثالي!
لم يعد أحد ينظر لتاريخه نفس النظرة التقديسية التي ينظرها العربي لتاريخه (المثالي، الكامل، الاستثنائي، النقي).
التاريخ العربي كما نكتبه ونقرؤه ليس تاريخا. إنه مجموعة صور مثالية انتقائية ومزيفة.
لا يتعامل العقل العربي مع وقائع بل مع مثاليات
الحضارة العربية الإسلامية التي نفتخر بها مجرد لحظة لا تزيد عن 100 سنة أو أقل من تاريخ مضطرب، وأغلبها كانت في العصر العباسي وسنوات قليلة من الأندلس.
أما صورة الدين المثالي الكامل الثابث غير المتغير، الذي نزل من السماء كاملا وثابتا كما نراه اليوم، وسيظل كما هو صالحا لكل زمان ومكان، فعائق آخر لم يتخلص منه الفكر العربي، وأدى من بين ما أدى إليه من كوارث الى صعود “الدين السياسي” بكل حمولاته الرجعية والمتخلفة.
هل هناك شعب يتعامل مع لغته بمثالية كما يفعل العربي؟ اللغة المثالية التي لم تتطور ونزلت كاملة كما هي بكل قواعدها وأحكامها. لغة تتعالى على الأرض والإنسان وعلى الناطق بها ذاته!
التاريخ العربي كما نكتبه ونقرؤه ليس تاريخا. إنه مجموعة صور مثالية انتقائية ومزيفة
لا يتعامل العقل العربي مع وقائع بل مع مثاليات.
إلى جانب دينه المثالي ولغته المثالية وتاريخه المثالي، هناك موقعه المثالي، الموقع الذي برى فيه اختصارا لكل إيجابيات الجغرافيا والجيولوجيا والمناخ والحركة والتاريخ.
وهناك قوميته العربية المثالية التي تختلف وتتعالى عن كل قوميات العالم وتتكثف فيها كل مثاليات الأخلاق والثقافة والسمو والرقي والرفعة!
العالم في العقل العربي عالم مسحور.. عالم لا علاقة له بالواقع..
هذه النظرة الطوباوية للعالم جمدت العقل العربي داخل عالم “مسحور” لا يتغير بالعلم والعقل بقدر ما يتغير بالمعجزة!