حسين الوادعي: كانوا مثلنا…
كانوا مثلنا… وكسروا طوق التخلف والخرافة… كانت عقليتهم في العصور الوسطى نسخة من عقليتنا اليوم. كانوا يؤمنون أن الماضي أجمل من المستقبل، وأن الدين نظام شامل لكل جوانب الحياة من …
كانوا مثلنا… وكسروا طوق التخلف والخرافة…
كانت عقليتهم في العصور الوسطى نسخة من عقليتنا اليوم.
كانوا يؤمنون أن الماضي أجمل من المستقبل،
وأن الدين نظام شامل لكل جوانب الحياة من دخول الحمام حتى سياسة الدول،
وكان تفكيرهم يدور حول الآخرة والحلال والحرام،
وكانت عقولهم محشوة بالخرافات والأساطير.
كانوا يرون أن الأمراض سببها المس الشيطاني والمعاصي وغضب الله،
وكانوا يحتقرون المرأة ويقولون إن بيتها مملكتها وإنها لم تخلق إلا للطبخ والإنجاب،
وكانوا يقولون إن المرأة عورة وفتنة وإن حجابها هويتها،
وكانوا يحاكمون العلم ويرفضونه لأنه مخالف لنصوص الكتاب المقدس…
ثم، لما قويت شوكة العلم، بدؤوا يتحدثون عن الإعجاز العلمي في النصوص المقدسة.
كانوا يرفضون حرية التعبير وحرية التدين ويطالبون بقتل كل من يترك دين السلطة باعتباره مرتدا.
كانوا يحتقرون العقل ويرونه طريق الضلال ويرون أن الحكمة كلها في نصوص الدين وتفسيرات الكهنة.
كانوا يرون أن الحاكم ظل الله على الأرض، وأن الدين سياسة والسياسة دين.
كانوا يحلمون بالموت شهداء وهم يقطعون رقاب أعدائهم.
كانوا أميين وقذرين ومرضى، ومع هذا كانوا يعتقدون أنهم خير أمة أخرجت للناس.
كانوا يفسرون كل الأحداث بالمؤامرة (الجن، الشياطين، أعداء الدين، أعداء الله، أعداء الوطن)،
كانوا منافقين يظهرون التقوى ويبطنون الشر والفساد،
كانوا يدافعون عن الاستبداد والنهب والسبي والعبودية،
كانوا يرفضون التجديد والتغيير دفاعا عن خصوصية وهمية يرونها أهم من العلم والحضارة.
كانوا مثلنا اليوم، و نحن اليوم مثلهم قبل 7 قرون…
طريقة تفكيرنا وحياتنا وتناقضاتنا اليوم ليست نابعة من خصوصية فريدة لا يشاركنا فيها أحد… لكنها عقلية مرحلة انقرضت في أغلب بقاع العالم.
كان رواد الحضارة والعقلانية والعلم اليوم متخلفين مثلنا، لكنهم اكتشفوا أن خرافاتهم ليست قوانين الطبيعة وأن جهلهم ليس الحكمة الأبدية وحطموا القيود…
وسنعرف يوما ما أننا نسخة متخلفة منهم قبل 700 سنة ونحاول اللحاق بركب الحضارة الذي لا يتوقف.