هشام روزاق يكتب: حين يصير البلد… طفلة جاهزة للاغتصاب
في العادة، يحتاج المجرم… مجرما حليفا كي يخلصه من يد دولة تحارب الإجرام. ويحتاج الفاسد… فاسدا أكبر، كي يحميه من دولة تحارب الفساد. ويحتاج اللص… لصا أخطر منه، كي يتستر …
في العادة، يحتاج المجرم… مجرما حليفا كي يخلصه من يد دولة تحارب الإجرام.
ويحتاج الفاسد… فاسدا أكبر، كي يحميه من دولة تحارب الفساد.
ويحتاج اللص… لصا أخطر منه، كي يتستر عليه ويخفيه عن أعين دولة تحارب اللصوص.
في العادة… لا تحتاج الدولة أن يخرج الناس إلى الشوارع والساحات، كي يحتجوا على المجرم وحليفه، على الفاسد وحاميه… وعلى اللص وشريكه، كي يكشفوا لها جرائمهم. في العادة… تقتاد الدولة المجرم إلى المحاكم، وتحاكمه أمام أعين الناس كي تقول لهم ببساطة، إنها تقوم بدورها الذي يبرر وجودها … وإنها لأجل ذلك، تستحق أن تكون دولة.
… كي يهرب مجرم من يد دولة، يحتاج إلى استثمارات ضخمة…
يحتاج لشركاء يدفع لهم، وفاسدين يرشيهم، وأموال كثيرة تدفع هنا وهناك… ويحتاج أن يقامر بحياته فوق ذلك، كي يستطيع الهرب من سجن تحرسه الأسوار والبنادق… والرصاص.
… “الحيوان” الكويتي الذي اغتصب طفلة بوحشية، تم تهريبه إلى بلده. وهو الآن ربما، يحكي تفاصيل قذارته بسخرية لأصدقائه وعشيرته.
هو الآن… يحكي لهم، عن المغرب الذي يستطيع فيه حيوان، أن يستمتع بجسد طفلة مقابل بضعة دراهم… ويحكي لهم كيف تم تهريبه من المغرب.
هو الآن… يقدم لهم المغرب كطفلة جاهزة للاغتصاب، تنتظر فقط، من يحمل بعض المال كي ينقض عليها.
يحتاج المجرم عادة، أن يعيش ضد الدولة. يحتاج أن يبدع كل مرة، طرقا جديدة للإفلات من قبضتها، للهرب منها… يحتاج للمراهنة على الجزء العفن منها كي يعيش كحشرة تكره جغرافيات النقاء.
يحدث هذا في العادة. يحدث في دولة فهمت معنى الدولة. لكن…
في مراكش، كان علينا نحن أن نفهم. أن نفهم معنى الدولة، معنى المجرم… ومعنانا نحن على وجه الخصوص.
في مراكش… قام “حيوان” كويتي باغتصاب طفلة مغربية عمرها 14 سنة. اغتصبها بوحشية وقذارة، لكنه… لم يحتج على ما يبدو لاستثمارات تذكر.
لم يحتج لمجرم مثله، كي يعينه على الإفلات من يد دولة اغتصب طفلتها.
… لم يحتج لتدبير عملية هروب خطرة، يغامر فيها بحياته كي يغادر أسوار سجن.
لم يحتج حتى… لأموال كثيرة يدبر بها عملية هروبه من يد الدولة.
اقرأ أيضا: تزويج القاصرات: حين يشرعن القانون الرق… والاتجار بالبشر!
احتاج فقط… لـ 30 ألف درهم (3 مليون سنتيم)، وقرار. قرار بأن تتم متابعته في حالة سراح.
نعم، ففي بلد يُتابَع فيه أبناء ذات البلد، حين يكتبون تدوينة على الفيسبوك في حالة اعتقال، وهم الذين لا خوف من مغادرتهم البلد، يمكن لمغتصب طفلة أن يتمتع بالسراح…
في بلد، تصل فيه نسبة السجناء الموضوعين تحت الحراسة النظرية إلى 40 في المائة من مجموع المعتقلين، وتصل فيه نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى ما يقارب 90 في المائة، في بعض السجون… مثل سجن عكاشة في الدار البيضاء والسجن المحلي بوجدة، في بلد كهذا، يمكن لقرار أن يجعل من “حيوان”… شخصا حرا.
“الحيوان” الكويتي، الذي اغتصب طفلة في الـ 14 من العمر، غادر السجن بقرار، ثم غادر المغرب، رغم أن سفارة بلده، كانت تعهدت بضمان مثوله أمام القضاء.
مالذي حدث إذن؟
ببساطة… تم تهريب مجرم.
تم تهريب بيدوفيل، ومنحه ما يكفي من ضمانات كي … لا يعرف معنى العقاب.
… تم تهريب حيوان، نهش روح طفلة قبل جسدها، ونهش معنى بلد، واستباح كرامة دولة يمكن لأي بيدوفيل اليوم… أن يقصدها، كي يعبث بأطفالها، مقابل 30 ألف درهم كفالة.
… ليس يهمني الآن، كيف حدث تهريب الحيوان الكويتي. وليس يهمني من دبر عملية التهريب…
ليس يهمني حتى … كيف تسمح دولة لأم أو أب أن يتنازلا عن متابعة مغتصب طفلتهما، مهما كانت المبررات، وأن لا تفكر الدولة أصلا، في متابعة الوالدين أمام القضاء.
يحتاج المجرم عادة، أن يعيش ضد الدولة. يحتاج أن يبدع كل مرة، طرقا جديدة للإفلات من قبضتها، للهرب منها… يحتاج للمراهنة على الجزء العفن منها كي يعيش كحشرة تكره جغرافيات النقاء.
يحدث هذا في العادة. يحدث في دولة فهمت معنى الدولة. لكن…
في مراكش، كان علينا نحن أن نفهم. أن نفهم معنى الدولة، معنى المجرم… ومعنانا نحن على وجه الخصوص.
الذي يهمني الآن… أن نتساءل مع الدولة، عن معناها. عن المعنى الممكن اليوم، لدولة، لم تستطع حماية طفلة، أمام حيوان… أمام أقذر وأجبن أنواع الحيوانات.
أي معنى ممكن اليوم، لدولة … لم تشعر أن اغتصاب طفلة، هو في الآن نفسه، عملية وطء كاملة الأركان للدولة.
أي معنى ممكن اليوم، لدولة… لم يستقل فيها أحد أمام الفضيحة، ولم يتابع أحد … ولم يحدث فيها شيء.
أي معنى ممكن لدولة… صارت البيدوفيليا فيها، سلعة ثمنها 30 ألف درهم.
… “الحيوان” الكويتي الذي اغتصب طفلة بوحشية، تم تهريبه إلى بلده. وهو الآن ربما، يحكي تفاصيل قذارته بسخرية لأصدقائه وعشيرته.
هو الآن… يحكي لهم، عن المغرب الذي يستطيع فيه حيوان، أن يستمتع بجسد طفلة مقابل بضعة دراهم…
ويحكي لهم… كيف تم تهريبه من المغرب.
هو الآن… يقدم لهم المغرب كطفلة جاهزة للاغتصاب، تنتظر فقط، من يحمل بعض المال كي ينقض عليها.
اقرأ لنفس الكاتب: الرعايا والرعاع. حين يختلف اللصوص… ولا يظهر المسروق
الذي حدث ببساطة… ليس مجرد عملية اغتصاب طفلة وتهريب مجرم.
الذي حدث… هو اغتصاب وحشي لبلد، لشعب ولدولة لم تستطع معاقبة بيدوفيل، ولم تمنع تهريبه بعيدا عن سجونها.
الذي حدث… لو حدث في دولة ما غير دولتنا، كان يفترض أن يعيد بناء معنى الدولة والقانون. كان يفترض أن يتحول إلى قضية مليئة بأسماء المتورطين والمتواطئين الذين تجب محاكمتهم… لكن كل ذلك، لن يحدث.
لن يحدث عندنا، لأن الوحيد الذي يستحق العقاب هنا… نحن.
نحن الذين جعلنا من الوهم حقيقة، واعتقدنا أننا نستحق أن تتم معاملتنا كبشر…
لم نفهم بعد أننا جميعا… كطفلة مراكش، قدرنا أن نُغتصب، أن نصمت… وأن لا نشهد وقوف مغتصبنا أمام محكمة.
الذي يستحق العقاب… نحن.
نحن الذين لم نفهم بعد… معنى الدولة.
وهذا… بعض من كلام
للاسف مسؤولي دولتنا يشجعون الفساد بدل محاربته.