الساعة لله… وللحكومة!
السيد رئيس الحكومة المحترم، أحيطكم علما أنني مواطنة مغربية بسيطة. أقيم في مدينة وجدة وأشتغل في شركة تنتمي للقطاع الخاص. لدي طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات. تعودت، منذ دخولها …
السيد رئيس الحكومة المحترم،
أحيطكم علما أنني مواطنة مغربية بسيطة. أقيم في مدينة وجدة وأشتغل في شركة تنتمي للقطاع الخاص. لدي طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات. تعودت، منذ دخولها المدرسة الابتدائية، أن أتناول معها وجبة الفطور، قبل أن أرافقها إلى مدرستها. آخذ بعد ذلك طاكسي كبير لأصل إلى عملي في حدود الثامنة والنصف. زوجي يشتغل في مصنع على أطراف المدينة… وبالتالي فهو يغادر قبلنا بقليل.
ابنتي الآن في عطلة، وهي تقضيها في بيت جدتها في أحفير. أفكر منذ الآن في المعضلة الحقيقية، والتي ستصبح فعلية ابتداء من السابع من نونبر، بعد انقضاء العطلة المدرسية. لقد قررت حكومتكم الموقرة أن يتم تغيير مواعيد الدراسة في الفترة الصباحية، من التاسعة إلى الواحدة، بدل الثامنة إلى الثانية عشر. وأنا حائرة في أمري. ماذا سأفعل بابنتي من الثامنة إلى التاسعة؟ أعتقد أنني سأطلب من جارتي، وهي ربة بيت، أن تهتم بأمرها إلى حدود التاسعة. المشكلة أن هذا النوع من المساعدة وارد بين الجيران بين الفينة والأخرى. لكن، وكما نقول في المغرب، “الدْوام هذا”. ماذا ستفعل زينب كل يوم من الثامنة إلى التاسعة؟ ومن سيوصلها إلى المدرسة؟ وهل سأوقظها يوميا على الساعة السابعة حتى أضمن استعدادها وتناولها لفطورها، بينما لن تذهب إلى المدرسة إلا في التاسعة؟
تقولون إنكم أنجزتم دراسة. أنا أصدقكم سيدي رئيس الحكومة. لكنكم لا تخبروننا من أنجز الدراسة ولا ما هي نتائجها. كما أنه، وبكل شفافية، يصعب علي أن أصدق أن خلاصات الدراسة كانت خطيرة جدا لدرجة تستدعي اتخاذ قرار مهم كهذا، يؤثر على حياة معظم المغاربة، بهذا الاستعجال الغريب.
سيدي رئيس الحكومة، أنا مثل الآلاف من الأسر المغربية: ليس لدي سائق ولا أُشَغّل مساعدة منزلية. كما أني تعودت أن أتناول وجبة الغداء مع صغيرتي في البيت. زوجي نادرا ما يقتسم معنا تلك الوجبة نظرا لوجود مقر عمله في منطقة بعيدة. أتساءل اليوم كيف سأتدبر غداء ابنتي. يمكنني أن أحضر لها وجباتها لكي تأخذها يوميا إلى المدرسة. لكني أتساءل من سيهتم بهؤلاء الأطفال خلال فترة استراحة الغداء؟ من سيتأكد من أنهم أكلوا بشكل جيد؟ هذا ليس دور المعلم لأني، بفهمي البسيط، أتصور أنه بدوره يحتاج لقسط من الراحة بعد تناول غدائه.
ثم، أغلب المدارس العمومية لا تتوفر على مطاعم، كما عهدنا في جيلنا. لا أقصد بالضرورة مطاعم توفر فيها الدولة وجبات الغداء، لكن على الأقل فضاء خاصا بالأكل والاستراحة. هل يعني هذا أن ابنتي وزملاءها سيأكلون في الساحة أو في نفس قاعة الدرس؟ كما أني أفكر في عدد من مدارس المناطق البعيدة، حيث لا تتوفر مراحيض ولا ماء صالح للشرب.
الأفظع هو أن الأطفال، بل وحتى اليافعون، بفعل قراركم هذا، سيجبرون في حالات كثيرة على قضاء يوم كامل في المدرسة. هل تدرك سيدي رئيس الحكومة ما معنى أن يبقى طفل أو مراهق من التاسعة إلى السادسة داخل مدرسته؟ أين حياته كطفل؟ أين وقت إنجاز الواجبات المدرسية (التي تثقلون كاهله بها، لكن هذا موضوعا أخر)؟ أين وقت الراحة واللعب؟ متى يمارس أنشطة رياضية أو ثقافية؟ متى يقضي بعض الوقت مع أهله؟ ثم، أي تركيز هذا نطلبه من طفل يقضي تسع ساعات متتالية من يومه داخل المدرسة؟
سيدي رئيس الحكومة، أنا متأكدة أن لكم أسبابا منطقية تجعكم تحتفظون بالتوقيت الصيفي. لكني سمعت مثلا أن أوروبا قررت بدورها التوقف عن تغيير التوقيت مرتين في السنة، وبأن كل دولة عى حدة ستقرر اعتماد التوقيت الشتوي أو الصيفي بشكل دائم. لكن أوروبا أخذت سنة للتفكير والإعداد الجيد لهذا التغيير. إنه تغيير أساسي يمس حياتنا اليومية ومواعيد نومنا وأكلنا وتجمعنا واشتغالنا ودراسة أبنائنا.
ماذا ستفعل زينب كل يوم من الثامنة إلى التاسعة؟ ومن سيوصلها إلى المدرسة؟ وهل سأوقظها يوميا على الساعة السابعة حتى أضمن استعدادها وتناولها لفطورها، بينما لن تذهب إلى المدرسة إلا في التاسعة؟
تقولون إنكم أنجزتم دراسة. أنا أصدقكم سيدي رئيس الحكومة. لكنكم لا تخبروننا من أنجز الدراسة ولا ما هي نتائجها. كما أنه، وبكل شفافية، يصعب علي أن أصدق أن خلاصات الدراسة كانت خطيرة جدا لدرجة تستدعي اتخاذ قرار مهم كهذا، يؤثر على حياة معظم المغاربة، بهذا الاستعجال الغريب.
سيدي رئيس الحكومة، وأنا أكتب لكم هذه الرسالة، قرأت على موقع جاد ورصين بأنكم أصدرتم بلاغا جديدا يتحدث عن مرونة الدخول والمغادرة في الوظيفة العمومية، حيث سيكون الدخول حرا بين الثامنة والنصف والتاسعة والنصف صباحا (حتى يتسنى للآباء والأمهات مرافقة أبنائهم للمدارس) والمغادرة حرة بين الرابعة والنصف والخامسة والنصف، حسب توقيت الدخول.
أنا لا أريد اتهام أحد، لكن بعض الأصوات الحاقدة تقول إنه، حتى بمواعيد صارمة للدخول والمغادرة، كان العثور على بعض الموظفين الحكوميين مهمة شاقة. فما بالك بنظام “مرن” يفعل دون إعداد مسبق؟ كيف ستتأكدون، سيدي رئيس الحكومة المبجل، من مواعيد دخول وخروج كل موظف؟ هل ستقومون بشراء آلات تسجيل مواعيد الدخول والخروج (pointage) التي توجد لدينا في القطاع الخاص؟ أعتقد أن الأمر سيأخذ وقتا طويلا قبل شرائها وتدبير بطاقات الدخول والخروج لكل موظف… ثم، عمليا، إذا أراد مواطن الحصول على وثيقة إدارية ما، هل سيكون عليه أن يعرف إن كان للموظف المعين أبناء في سن التمدرس لكي يعرف إن كان سيحضر في الثامنة والنصف أو التاسعة أو التاسعة والنصف؟ وماذا عن الوثائق التي يوقعها أحيانا موظفان أو أكثر؟ هل سيكون على المواطن أن يتدبر تفاصيل الحياة الشخصية لكل موظف، حتى يعرف متى ينتقل للإدارة ومتى ينهي إعداد وثائقه الإدارية؟
عمليا، إذا أراد مواطن الحصول على وثيقة إدارية ما، هل سيكون عليه أن يعرف إن كان للموظف المعين أبناء في سن التمدرس لكي يعرف إن كان سيحضر في الثامنة والنصف أو التاسعة أو التاسعة والنصف؟
ثم، ماذا عن القطاع الخاص؟ أتصور، بفهمي البسيط والمحدود، أن هذه من الأسباب التي جعلت الدول الأوروبية تأخذ سنة للترتيب والتنسيق، وذلك حتى تشتغل على كل تداعيات القرار: مواعيد العمل في القطاع العام، تدبير التغيير مع القطاع الخاص، الاشتغال على مواعيد الدراسة، إلخ.
لكنكم، بالتأكيد، فكرتم جيدا في كل هذا… هي فقط بعض الأصوات الجاحدة تنكر عليكم اهتمامكم بشؤون المواطنين.
ومع ذلك، فهناك سؤال يؤرقني، سيدي رئيس الحكومة: إذا احتفظنا بالتوقيت الصيفي، ثم بدأنا العمل في كل القطاعات على الساعة التاسعة، أليس هذا ما كانت تسميه جدتي: “شي ما درناه”… اللهم توتير حياة حوالي 34 مليون مغربي؟