تهديدات بالقتل للصحفية اليمنية عهد ياسين بعد ظهورها في برنامج تلفزيوني
عهد ياسين لمرايانا: “أجد نفسي الطرف الأكثر تضرراً في هذه المواجهة، إذ تعجز الأدوات القانونية عن إنصافي بسبب الحصانة التي يتمتع بها البرلمانيون، فضلاً عن صفتهم الدينية التي تمنحهم نفوذاً واسعاً على العامة. إن أي تصريح يصدر عنهم يُتلقى كمسلّمات وقواعد اجتماعية، مما يولد ردود فعل عدائية تجاهي” .
“أضطررت إلى مغادرة اليمن واللجوء إلى مصر هربًا من ملاحقات بعد وصفي بأني “كافرة وملحدة وأنشر أفكاراً إلحادية وعلمانية”.
تعرضت الصحفية اليمنية عهد ياسين من مدينة عدن لحملة تحريضية وانتقادات واسعة بعد ظهورها على شاشة تلفزيون “الجمهورية ” دون حجاب، مرتدية “فستانًا بسيطا”. بعض القيادات الدينية اعتبرت ظهورها “عودة إلى الجاهلية” و“استفزازًا للمجتمع المسلم”، فيما نشر النائب البرلماني عبد الله العديني، القيادي في حزب الإصلاح، منشورًا على منصة “فيسبوك” دعا فيه إلى “معالجة هذه الظواهر”. انتشر المنشور بشكل واسع، وسار على منواله عدد من الحسابات المرتبطة بهذا التيار كما صدرت مواقف مماثلة عن النائب الحزمي، تضمنت تشكيكًا في شخص عهد ياسين ودينها.
أكدت عهد ياسين “لمرايانا” أن هذه الحملة أثرت بشكل مباشر على سلامتها الشخصية، وقالت: “جاء تهديد سلامتي من قبل الأعضاء البرلمانيين، لاسيما عبد الله العديني الذي طالب بمحاكمتي وكفّرني، كذلك الحزمي أيضاً، ما يعني امتداد خطابهما إلى المجتمع ولقاعدتهم الانتخابية… واستباحة قتلي بأي لحظة”.
عهد ياسين أضافت أن رسائل التهديد التي وصلتها كانت نتيجة طبيعية لحملة مغرضة، مشيرة إلى أنها تلقت “عدداً كبيراً من رسائل التهديد بالقتل فضلاً عن كم هائل من عبارات الشتم والقذف والتحريض والتشويه” من مؤيدي هؤلاء المنتمين لحزب الإصلاح، ولفتت إلى أن هذا التحريض أثار قلقها على سلامتها.
وأوضحت عهد ياسين أن هذه الحوادث ليست الأولى في حياتها، مشيرة إلى أنها اضطرت في مناسبة سابقة إلى مغادرة اليمن واللجوء إلى مصر هربًا من ملاحقات بعد وصفها بأنها “كافرة وملحدة وتنشر أفكاراً إلحادية وعلمانية”، وأشارت إلى مقتل صديقها وزميلها أمجد عبد الرحمن عام 2017، بمدينة عدن جنوبي اليمن، عندما دخل عليه مسلح يرتدي زي الشرطة، وقام باغتياله ذبحًا، ومنع الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين بدعوى أنه “علماني يسعى لنشر الإلحاد والفجور”، مؤكدة أن الحادثة تظهر أن خطابات التكفير قد تتحول إلى اعتداءات فعلية.
رغم هذه الحملة، أشارت عهد ياسين إلى أن مظهرها وأفكارها لم تنتهك أي قانون، حيث أضافت: “ظهوري بهذا الشكل لا يبرر كل هذا الهجوم ضدي. نحن نعيش في مجتمع، خاصة في العشر سنوات الأخيرة، طغى عليه الخطاب الديني المتطرف، وأصبح أي شخص مختلف في مرمى الاتهام والتكفير”. كما ربطت الظاهرة بسياق أوسع في اليمن، وذكرت أن الخطاب التحريضي على الإعلاميات ليس جديدًا.
وتطرقت عهد ياسين إلى استهداف الصحفيات بشكل أوسع في المجال الإعلامي، معتبرة أن “هذا الاستهداف أصبح واضحًا”، مشيرة إلى أن بعض الجهات ترى أن “المرأة يجب أن تبقى داخل البيت منزوعة عن الحياة العامة… يكفي أن تكون مغطاة بالكامل ولا تمارس أي دور”. وأكدت أن تعرضها لموقف عدائي في مقهى زرياب بمدينة عدن، رفقة نساء أخريات، حيث هاجمهن شباب سلفيون بحجة “الاختلاط” وتعرضن لتهم مثل “التكفير”، يعكس استهدافًا مرتبطًا بصورة المرأة التي يمثلنها في المجتمع.
وعن الموقف الرسمي، أشارت عهد ياسين إلى أن وزارة الإعلام اليمنية لم تصدر أي بيان دفاع عنها، مضيفة أن عددًا من وكلاء الوزارة ينتمون إلى نفس التيار السياسي الذي ينتمي إليه النائبان العديني والحزمي، وأوضحت أن هؤلاء المسؤولين كانوا جزءًا من الحملة أو أبدوا دعمًا لتصريحات العديني، وأضافت عهد أن هذا ساهم في محدودية استجابة المؤسسات الرسمية والمنظمات الحقوقية.
ولفتت عهد ياسين إلى أن الوسائل القانونية لم توفر حماية كافية، مشيرة إلى أن الحصانة البرلمانية للمعنيين والامتيازات المرتبطة بوضعهم الديني ساعدت في استمرار التأثير على الرأي العام، وقالت إن “كل تصريح يصدر عنهم يُتلقى كمسلّمات وقواعد اجتماعية، مما يولد ردود فعل عدائية”، ما أدى إلى تعقيد الوضع وجعل البيئة الإعلامية أكثر خطورة بالنسبة للنساء، وسط إطار تشريعي واجتماعي محدود الدعم.
ورغم هذه الظروف، وجهت عهد ياسين رسالة تشجيعية للنساء، قائلة: “يتوجب على كل امرأة أن تتحلى بالقوة وتواصل مسيرتها، لتكون مصدر إلهام وتشجيع لغيرها من النساء في شتى المجالات، سواء في الحقل الصحفي أو غيره من الميادين؛ فلا سبيل أمامنا سوى الصمود والاستمرار”.
وأكدت أنها ستواصل عملها الصحفي ولن تسمح لأي ضغوط أو تهديدات بإيقاف نشاطها، معتبرة أن الالتزام بحرية التعبير والدفاع عن الحق يستلزم الصمود والمثابرة، ويشكل رسالة مهمة تجاه المجتمع اليمني والمحيط الإعلامي.
وكتب النائب البرلماني عبد الله العديني على صفحته: “نطالب بمحاكمة الإعلامية التي ظهرت بملابس فاضحة وخادشة للحياة والقناة، لمخالفتهم تعاليم الإسلام، وترويجهم للمنكرات بكل جرأة، وسماحهم للإعلامية بالظهور بذلك الشكل المقزز والمستفز…. ووجب التحذير منه وبيان فساده ” .
وعقب النائب الحزمي على بيان دفاع نقابة الصحفيين اليمنيين عن عهد ياسين: “ خطأ كبير أن تضع نقابةُ الصحفيين نفسها في موقع الدفاع عن المنكر! فنحن نثق أن في الوسط الصحفي رجالاً ونساءً أصحاب خلقٍ رفيع، لا يرضون لأعراضهم أن تُسوَّق تحت لافتة “عرض الأجساد”، وأن من تتبارز مع الله بالتكشف لا تمثلهم ولا تعبّر عن قيمهم ولا عن شرف المهنة”.
وكانت عهد ياسين قد نشرت على صفحتها رسائل التهديد جاء في إحداها: “لازم تنفيذ القصاص بحقك والإعدام رمياً بالرصاص أو عن طريق تعليق رأسك حتى لا تخرجوا عن الشريعة الإسلامية”.


