داء بوحمرون في المغرب: تراخي في المراقبة وخطر ظهور أمراض طفولية أخرى
في ظل الانتشار السريع والمتزايد لداء الحصبة، أعلنت وزارة الصحة على لسان محمد اليوبي، مدير علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أن داء “بوحمرون” أصبح وباء في البلاد.
المرض الذي بدأ في الظهور منذ سبتمبر 2023، أودى بحياة أكثر من 120 شخص، فضلا عن إصابات كبيرة في مختلف الفئات العُمرية.
وضعية حرجة، دفعت الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، إلى المطالبة بإجراء تحقيقات لفهم التراخي في مراقبة أمراض الطفولة ومراقبة مستويات التطعيم وتوفير اللقاحات، بموازاة التحسيس بأهمية التطعيم والتلقيح.
شهدت المملكة المغربية خلال الأيام الماضية انتشارا واسعا لداء الحصبة المعروف بـ”بوحمرون”، لتعلن بذلك وزارة الصحة أن الداء أصبح وباء في البلاد.
في خضم تفاقم الأزمة، يعيش المغاربة حالة من القلق والهلع، خاصة وأن المرض عرف انتشارا واسعا، بالأخص، داخل المدارس المغربية.
وضعية وبائية مقلقة
إلى حدود كتابة هذه الأسطر، وحسب ما أورده محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تم تسجيل 7633 حالة إصابة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 شهر و11 سنة، و6429 لدى الأشخاص ما بين 12 سنة و36 سنة، و2028 حالة لدى الأشخاص الذين تجاوزوا 37 سنة.
المرض شمل الرضع، أيضا، في حصيلة قوامها 1839 حالة لدى رضع أقل من 9 شهر، و1693 حالة إصابة لدى من هم بين 9 أشهر و17 شهرا.
حسب ما قدمه مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة، بشأن حالات الوفيات، والتي بلغت 120 حالة حسب آخر المعطيات، فإن 42% سُجلت لدى أطفال أقل من 5 سنوات، و24% لدى أشخاص تفوق أعمارهم 37 سنة، و15 بالمائة ما بين 18 و36 سنة، و12% ما بين 5 و11 سنة، و7% ما بين 12 و17 سنة.
الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلّف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، قال في مؤتمر صحفي، إن أسباب انتشار الداء يرجع إلى تراجع التلقيح في السنوات الأخيرة، خاصة السنوات التي أعقبت جائحة كورونا.
المصدر نفسه أوضح أن “السبب الثاني يعود إلى انتشار المعلومات المغلوطة التي تخيف المواطنين من التلقيح”.
الناطق الرسمي باسم الحكومة، شدد على أن أحسن طريقة لمحاربة هذا النوع من الفيروسات هو التلقيح، خاصة التلقيح المبكر في السنوات الأولى، محذرا من انتشار المعلومات المغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي.
الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، قال في تصريح لمرايانا: “يرتبط تفشّي وانفجار حالات الإصابة بالحصبة (بوحمرون) في الآونة الأخيرة، وكثرة الوفيات بين الأطفال المصابين، بانخفاض ملحوظ في معدلات التلقيح لدى الأطفال، حيث انخفضت نسبة التغطية في بعض المناطق من 95% إلى 60%، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الترصّد الوبائي لهذه الأمراض“.
ماذا عن الاجراءات الاحترازية؟
الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، يرى أن تفشي هذا الوباء يشكل خطرا على الحياة الصحية، والحياة المدرسية خصوصا، إلى جانب تأثيره على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مشددا على أنه دون مناعة جماعية، لن يكون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي السابق والآمن.
الطيب حمضي أضاف، في تصريحه لمرايانا: “هناك خطر ظهور أمراض طفولية أخرى، وبالتالي لا بد من إجراء تحقيقات لفهم التراخي في مراقبة أمراض الطفولة ومراقبة مستويات التطعيم وتوفير اللقاحات، مع التحسيس بأهمية التطعيم والتلقيح”.
الإجراءات المتخذة على مستوى المدرسة مهمة وضرورية وحيوية، حسب المتحدث، ولكنها لا تزال غير كافية. لذلك، يجب تنفيذ حملات تطعيم استدراكية لجميع التلاميذ والأطفال دون سن 18 سنة لتحقيق معدل مناعة سكانية ضد مرض الحصبة بنسبة 95%. إلى جانب استئناف التطعيم ضد أمراض الطفولة الأخرى واستدراك المتأخر منها.
حول هذا، يقول الطيب حمضي: “إن انخفاض معدلات التطعيم لا يتعلق فقط بالحصبة، بل إن الأمراض الأخرى في جدول التطعيم هي بالتأكيد أقل من معدلات الحماية، ومن هنا يأتي خطر ظهور أمراض أخرى مثل السعال الديكي والدفتيريا وشلل الأطفال وغيرها”.
المتحدث أكد، من جانب آخر، على ضرورة رفع مستوى الوعي بين جميع البالغين المولودين بعد عام 1980 والذين لم يتم تطعيمهم بالكامل ولم يصابوا بالحصبة مطلقًا للحصول على التطعيم، وخاصة بين الفئات المعرضة للخطر.
وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حثت، من جانبها، كافة الأسر، على الإسراع بمراجعة الدفاتر الصحية لأطفالهم في المراكز الصحية والعيادات الخاصة من أجل التأكد من حصولهم على الجرعات اللازمة للوقاية من الحصبة. كما شددت على ضرورة إعطاء جرعتين من اللقاح للأطفال الذين لم يتم تلقيحهم بعد، وكذا استكمال الجرعات لمن تلقى جرعة واحدة فقط.
ماذا نعرف عن داء الحصبة؟
يشار إلى أن داء الحصبة، أو ما يعرف بالدارجة المغربية “بوحمرون”، مرض شديد العدوى يسببه فيروس سريع الانتشار، خاصة عندما يتنفس شخص مصاب به، أو عند السعال أو العطس. ويمكن أن تصيب الحصبة أي شخص، ولكنها أكثر شيوعا بين الأطفال.
أعراض المرض تظهر بعد التعرض للفيروس بفترة تتراوح بين 10 و14 يوما، وتشمل الحمى، والسعال الجاف، وسيلان الأنف، علاوة على التهاب الحلق والعينين، إضافة إلى طفح جلدي يتكون من بقع كبيرة مسطحة.
تصيب الحصبة الجهاز التنفسي، ثم تنتشر بعدها في جميع أنحاء الجسم. ويعد التلقيح أفضل سبيل للوقاية من الإصابة بالمرض.