مقترحات تعديل مدونة الأسرة… في الحاجة إلى خبرة جينية لفكر يعيش خارج المنطق !
اعتبر وزير العدل المغربي أننا اليوم أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات كما حددتها الرسالة الملكية السامية، ووفق الضوابط والحدود التي وضعتها.
مراجعة جوهرية، ثمنتها مجموعة من الفعاليات الحقوقية، لكن، من زاوية أخرى تم التحفظ على مجموعة من التعديلات التي أبدى المجلس العلمي الأعلى عدم الاجتهاد فيها…
أخيرا، ووسط عدد من الأسئلة وعلامات الاستفهام المفتوحة على الانتظار، تم الكشف عن، ما اعتبره البعض، أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة، التي عقدت بشأنها جلسة عمل ملكية يوم الاثنين 23 دجنبر 2024 .
وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، كشف خلال لقاء تواصلي بالمناسبة، أن ما تم اعتماده جاء تأسيسا على مقترحات الهيئة المكلفة والرأي الشرعي للمجلس الأعلى.
وزير العدل المغربي أضاف: “مضامين مراجعة مدونة الأسرة، تهدف إلى تجاوز بعض النقائص والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا“.
المجلس العلمي الأعلى، وافق “شرعيا” على مجموعة من التعديلات التي اقترحتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، في المقابل رفض المجلس تعديلات أخرى.
هذه أبرز التعديلات…
· التعدد والإرث…
بالنسبة لتعدد الزوجات، تم التنصيص على “إجبارية استطلاع رأي الزوجة في أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. في حالة اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط“.
في حال غياب هذا الشرط، نصت التعديلات على أن المبرر الاستثنائي للتعدد، سيصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض يمنع المعاشرة الزوجية”.
أما بشأن الإرث، فقد تم “اعتماد إمكانية هبة الأموال للوارثات قيد الحياة، مع اعتبار الحيازة الحكمية كافية، والتي حلت محل الحيازة الفِعلية”.
من أبرز المستجدات كذلك: “فتح المجال أمام الوصية والهبة بين الزوجين عند اختلاف الدين”.
من جانبه قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، إن المجلس العلمي أبدى موافقته على إيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة، في حين رفض المجلس الأعلى إلغاء قاعدة التعصيب في الميراث.
· تزويج القاصر
بخصوص “زواج القاصر”، تم تحديد سن الزواج في 18 سنة شمسية كاملة، مع استثناء يسمح بالزواج في سن 17 سنة إذا توفرت شروط صارمة لضمان الحماية.
تقرر، كذلك، “تعزيز الرقابة القضائية للتأكد من أن الاسثتناء يبقى ضمن إطار الحالات الضرورية فقط”.
· الخطبة والزواج…
التعديلات نصت على “إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج وحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة الإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج”.
كما تم السماح بإمكانية عقد الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك.
تم التنصيص كذلك على :”منح الأم الحاضنة الحق في النيابة “القانونية” بالرغم من طلاقها، فضلا عن الاعتراف بمساهمة الزوجة في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج، بما في ذلك عملها المنزلي“.
من جانب آخر، تم “جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يتأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبث في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون”.
التعديلات نصت أيضا على “إحداث هيئة غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار”.
التعديلات أكدت على “وجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد عليها“.
ضمنت أبرز التعديلات، أيضا، “تقليص مدة البث في قضايا الطلاق والتطليق إلى ستة أشهر كحد أقصى”، مع “اعتماد وسائل إلكترونية لتوثيق العقود وتبليغ القرارات القضائية”.
· الخبرة الجينية والتوارث…
في المقابل، رفض المجلس العلمي الأعلى، استخدام الخبرة الجينية للحوق النسب، إضافة إلى رفض المجلس التوارث بين المسلم وغير المسلم، أي أن الميرات يظل محصورا بين المسلمين فقط.
تعديلات مهمة…ولكن
بشرى عبدو رئيسة جمعية تحدي للمساواة والمواطنة، أكدت على أن تعديلات مدونة الأسرة الجديدة مهمة وإيجابية؛ لأنها جاءت جوابا على بعض مطالب الجمعية والحركة النسوية عامة.
بشرى عبدو، أضافت في تصريح خصت به مرايانا: “تعديلات مهمة خاصة في ما يخص مجموعة من القوانين؛ كالقانون الخاص بالأم الحاضنة، إضافة إلى تقسيم الممتلكات والاعتراف بالعمل المنزلي، كونه عملا ذو أهمية إنتاجية لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار”.
من بين التعديلات المهمة كذلك، حسب المتحدثة، تقسيم الممتلكات المتراكمة أثناء العلاقة الزوجية، وكذلك عدم إقحام بيت الزوجية في التركة حفاظا على كرامة الزوجين. علاوة على حذف أنواع الطلاق الكثيرة والاقتصار فقط على طلاق الشقاق أو الطلاق الاتفاقي مع تسهيل إجراءاته.
رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أكدت على أن سقف الطموحات كان أعلى في مراجعة اقتراحات أخرى.
المتحدثة تابعت:” كنا نرغب بشكل قوي أن يتم استعمال الخبرة الجينية في إثبات النسب؛ لأن مجموعة من الأطفال يعانون الويلات والعنف والقهر الاجتماعي، لذلك كان على المجلس أن يجتهد أكثر ويسُن الخبرة الجينية. ونتمنى أن يعاد النظر في الأمر عن طريق الهيئة التي ستشكل داخل المجلس العلمي الأعلى وأن تناقش بشكل جدي وأن يجتهد فيها أصحاب الفقه“.
نقطة أخرى، أشارت إليها المتحدثة، مسألة التعصيب، حيث اعتبرت أن مشاكل التعصيب في المغرب كثيرة، لذلك كانت الرغبة أن يتم إلغاؤه بشكل قطعي ونهائي.
بالنسبة لقضية توارث المسلم وغير المسلم، أكدت المتحدثة أنه من المطالب المطروحة أن يكون التوارث بشكل طبيعي دون الدخول في مساطر كثيرة.
من جانبها، أكدت غزلان بنعاشر، عضوة مؤسسة لجمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، أن تصريح وزير العدل ووزير الأوقاف حول التعديلات المقترحة شملت نقط إيجابية، لكن، هناك نقط ما زلنا نتساءل حولها.
غزلان بنعاشر أضافت في تصريحها لمرايانا: “في ما يخص مسألة تعدد الزوجات، في حالة أن إصابة الوزج بالعقم أو الإصابة بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، ما المطلوب في هذه الحالة؟ كان من الأجدر أن يظل الحل محصورا بين الزوج والزوجة دون الدخول في قضية التعدد”.
الخبرة الجينية، حسب المتحدثة، تستعمل في الجريمة…لماذا لا يتم توظيفها في حالة النسب؟ مع العلم أن المتضرر الأول من عدم اعتمادها هو الطفل.
وفق غزلان بنعاشر، هناك مجموعة من النقط المبهمة وغير المفهومة، لذلك نتمنى من اللجنة المكلفة بالتعديلات التواصلَ أكثر وشرح التعديلات بشكل مستفيض حتى تتبين الأمور.