في ذكراها العشرين… احتفاء دولي بمسارات العدالة الانتقالية في المغرب
شكل تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة بالمملكة المغربية، من طرف الملك محمد السادس سنة 2004، ممارسة متقدمة في الميدان الحقوقي، باعتبارها هيئة مستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي.
بعد 20 سنة على إحداث الهيئة، احتضن البرلمان المغربي أشغال المناظرة الدولية حول “العدالة الانتقالية”، من أجل الوقوف على المنجزات التي راكمتها الدولة المغربية خلال هذه الفترة.
تخليدا للذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومجلسا النواب والمستشارين، يومي 6 و7 دجنبر 2024، ندوة دولية حول “التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية”، بمقر البرلمان المغربي.
الندوة التي عرفت مشاركة مسؤولين وطنيين وأجانب، وبرلمانيين وأكادميين وخبراء، وممثلين لمنظمات وطنية ودولية لحقوق الإنسان، جاءت في سياق التباحث حول مجموعة من المواضيع والتساؤلات المتعلقة بالعدالة الانتقالية، وفرصة لإبراز ممارسات فضلى، والتداول حول تساؤلات مرتبطة بإنتاج المعارف حول العدالة الانتقالية.
تميزت الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة، بالرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين، والتي تلتها السيدة آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
الملك محمد السادس قال في الرسالة إن “التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية تتسم بالشفافية والموضوعية، وهي أيضا فرصة لتذكير الأجيال الحالية والمقبلة بما راكمته المملكة من إصلاحات ومصالحات في إطار التوافق والجرأة في قراءة تاريخنا وماضينا دون عقد أو مركب نقص“.
العاهل المغربي أضاف في رسالته أن قرار إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة كان قرارا سياديا ضمن مسار طوعي لتدبير الشأن العام يقوم على مفهوم جديد للسلطة وعلى مسؤولية المؤسسات ومحاسبتها لضمان كرامة كل المغاربة.
كما اعتبر الملك محمد السادس أن العدالة الانتقالية في بلادنا استندت على أسس صلبة؛ منها التاريخية المرتبطة بخصوصية الشخصية المغربية، ومنها المجالية والجغرافية، مضيفا أن الهدف كان هو الاهتمام بكل الضحايا على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، والانكباب على كل الانتهاكات لحقوق الإنسان من السنوات الأولى للاستقلال إلى تاريخ إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.
الندوة عرفت، أيضا، صياغة مقترحات وتوصيات من خلال جلسات موضوعاتية حول الممارسات الفضلى للتجارب الإفريقية والأمريكية الجنوبية، والمتعلقة بالتفاعلات الممكنة بين مسارات العدالة الانتقالية والإصلاحات الدستورية والتشريعية والقضائية، وبأدوار البرلمانات والفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني في هذه المسارات، وبقضايا النوع الاجتماعي، وأدوار المؤسسات العمومية في دعم وتنفيذ توصيات هيئات العدالة الانتقالية.
تطرقت الندوة لسبل الاستفادة من مسارات تشكل بانعكاساتها ونتائجها مرجعا لتجارب أخرى حالية ومستقبلية، خاصة هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها تجربة غنية بممارستها الفضلى، ومتفردة من حيث تدبيرها وإنجازها ومنجزها وتوصياتها.
تميزت أشغال اليوم الأخير من المناظرة الدولية بتنظيم جلستين موضوعيتين.
الجلسة الأولى ناقشت موضوع “العدالة الانتقالة والإصلاحات القضائية”، في حين تطرقت الجلسة الثانية لـ”مسارات العدالة الانتقالية والإنتاج الفكري“. كما تم تقديم مؤلف جماعي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول العدالة الانتقالية.