ذكريات مغرب القرن 21… أحلام، ومآسي، وانتصارات، وانكسارات 2/2
من ذكريات مغرب القرن 21:
أتذكر ”قبلة الناضور”، والجملة الشهيرة التي تلتها: “هذا بلد الإسلام يا أبناء العاهرات”. كان أول دفاع عن الإسلام بالكلام النابي في المغرب المعاصر.
أتذكر الالتحام الشعبي الرهيب بعد العفو الملكي على دانييل. بدا وكأن كل مغربي مستعد ليدفع حياته ثمنا ليعود المغتصب الإسباني إلى زنزانته.
أتذكر تضامن المغاربة مع الملاك الميت ريان، ولحمة الشعب الرهيبة خلال الوباء والزلزال. أتذكر اعتراف أنطوان دو ماكسيمي، مقدم برنامج « j’irai dormir chez vous » الذي صال وجال في العالم، أن المغاربة أكثر شعب مضياف. إن لم نكن سكان أفضل بلد في العالم، فنحن حتما من أفضل شعوبه.
”الإنسان عندما يتحدث عن الماضي يشعر بالمرارة ويشعر بالبطولة أيضا. لا يصدق أنه عاش كل تلك المآسي واحتملها”.
عبد الرحمن منيف
ملحوظة: تعليقات وتعقيبات كاتب المقال على ذكرياته (وذاكرة المغاربة الجماعية) تعكس رأيه، وليس بالضرورة رأي الموقع.
ككل الأوطان والشعوب، اهتز المغرب على إيقاع الزلازل، وعصفت به أزمات في كل المجالات، واشتعلت فيه نقاشات مستفيضة حول القيم، والمشاريع المجتمعية، والخيارات السياسية والاقتصادية.
عاش المغاربة فرحات هيستيرية، واستبشروا خيرا بمشاريع تنموية. لكن شبح المأساة والفواجع والخيبات ظل يطاردهم، لأن خطأهم الجميل هو حبهم العميق لهذا البلد، فمهما تحسنت أو ساءت أوضاع الأفراد، داخل ربوع المغرب أو خارجه، يمسك الجميع حبل الأحلام الجماعية.. والتطلعات لمغرب أفضل.
نواصل في هذا الجزء سرد جزء من ذاكرة المغرب في السياسة والرياضة والفن والإعلام والثقافة والظواهر الاجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي، خلال الربع الأول من هذا القرن.
…أتذكر عندما دلفت “سينما الريف” بالدار البيضاء. وجدت الكل يتلمظون شفاه بعضهم. الفيلم نفسه شعر بالوحدة. دائما ما أعتقد ساخرا أن ما يتم تناسيه في النقاشات حول واقع السينما في المغرب، هو دور إنشاء مزيد من القاعات السينمائية في احتواء مزيد من الأزمات الاجتماعية والجنسية.
أتذكر اليوم الذي فتحت فيه النافذة فوجدت الأدخنة تتصاعد في السماء. أعمال تخريبية باستعمال قنينات غاز. أحداث أكديم إزيك بالعيون. أنباء رجال السلطة المغاربة الذين ذبحوا بسكاكين الانفصاليين وصلت.
أتذكر التعملق الفني لأسماء المنور في “المحكمة” مع كاظم الساهر، والحضور المتميز لسناء الزعيم في برنامج ”إليك“، وفاطمة الإفريقي في برنامج “عتاب“. أتذكر تعاطف ماما آسية مع السجناء ونضال عائشة الشنا مع الأمهات العازبات. النساء أكثر من يقدرن على إقناعنا بأن على أرض المغرب ما يستحق الحياة.
أتذكر حث المغاربة وليد الركراكي على الإقصاء والتوقف، لأن التأهل لمزيد من الأدوار المتقدمة في كأس العالم سيصيبهم بمزيد من الجنون والهستيريا.
أتذكر الأسى الكبير الذي شعر به المغاربة عندما خسروا “شرف” تنظيم كأس العالم لصالح جنوب أفريقيا.
أتذكر عندما حرمتنا تونس من كأس أفريقية ومشاركة مونديالية.
أتذكر إصدار البيغ لألبومه الشهير “مغاربة تال الموت” لينصّب نفسه ملكا للراب المغربي، قبل أن يظهر جيل من المبدعين الشباب نازعوه على ”العرش”.
أتذكر سيمو العدالة وحبيبته الأمريكية. بدا كأنه أول مغربي يوقع امرأة من بلد العام سام في شَرَكه. تحول لأشهر مغربي في مواقع التواصل لعدة أيام.
أتذكر بروز طارق البكاري، وعبد المجيد سباطة، وكريمة أحداد، ومحمد بنميلود، والعديد من الأدباء الشباب المبدعين.
أتذكر إشهار “بونظيف أنا بونظيف… نبغي كلشي نظيف“. كان جرسا شاعريا يعلن عن بداية وشيكة للصيف ونهاية موسم شاق ومتعب من الدراسة أو العمل.
أتذكر خروج الملك للاحتفال مع الشعب مرتديا قميص المنتخب بعد الفوز على إسبانيا.
أتذكر بروز مصطلحات غريبة في أحاديث الشباب: “طيرتيني” (قتلتني من الضحك)، “صاطة”(فتاة أو حبيبة)، “أمجنن” (أغرب)، “ولد العبد” (لا علاقة لها بالعبودية).
أتذكر محاكمة ”عبدة الشياطيين”. أتذكر تسمية قضيتي بلعيرج وبوعشرين بمحاكمة القرن. لو كان للقرن لسان لطلب من الناس أن يَدَعوه وشأنه!
أتذكر اختراع حميد شباط مرض “الكُذاب”، وقد عرفه بأنه اختراع كذبة وتصديقها.
أتذكر حين أخبرنا إلياس العماري أننا كلنا أصدقاء الملك، وحين حثنا محمد يتيم على السفر في الذات.
أتذكر ”قبلة الناضور“، والجملة الشهيرة التي تلتها: “هذا بلد الإسلام يا أبناء العاهرات”. كان أول دفاع عن الإسلام بالكلام النابي في المغرب المعاصر.
أتذكر الالتحام الشعبي الرهيب بعد العفو الملكي على دانييل. بدا وكأن كل مغربي مستعد ليدفع حياته ثمنا ليعود المغتصب الإسباني إلى زنزانته.
أتذكر تضامن المغاربة مع الملاك الميت ريان، ولحمة الشعب الرهيبة خلال الوباء والزلزال. أتذكر اعتراف أنطوان دو ماكسيمي، مقدم برنامج « j’irai dormir chez vous » الذي صال وجال في العالم، أن المغاربة أكثر شعب مضياف. إن لم نكن سكان أفضل بلد في العالم، فنحن حتما من أفضل شعوبه.
أتذكر عندما أخفى الإسبان وجوه المغاربة في أكياس بلاستيكية خلال أزمة جزيرة ليلى. من يزيل شعور الإهانة من قلوبنا وذاكرتنا؟
أتذكر الابتسامة اللطيفة لعبد الرحمن اليوسفي عندما افتتحوا شارعا باسمه، وتقبيل الملك محمد السادس لرأسه عند مرضه.
أتذكر ظهور ناصر الزفرافي مع حراس شخصيين. أتذكر الأغاني الاحتجاجية للألتراس، وحراك الريف، وجرادة، وزاكورة. بدا وكأن المغرب قرر الاشتعال مرة واحدة، وكأنه منذور للا انطفاء طويل.
… وأخيرا، لا يمكنني ألا أتذكر رقص شبيبة التجمع الوطني الأحرار على إيقاعات “مهبول أنا”. كتب أحدهم: “المغرب.. من شباب طريق الوحدة إلى شباب “مهبول أنا”.