أيقونات الإسلام السياسي: الحسن الكتاني 3 - Marayana - مرايانا
×
×

أيقونات الإسلام السياسي: الحسن الكتاني 3\4

خلافا للكثير من “أهل السلف” الذين يدغدغهم حلم استرجاع دولة الخلافة الإسلامية، يعتقد الشيخ الحسن الكتاني، أنه يعيش في ظلال تلك الدولة هنا والآن، وبأن المغاربة الليبراليين والعلمانيين وغيرهم ممن لا يشاطرونه الرأي، أجانب في بلدهم، أو “أهل ذمة”، لا تمنعه سوى “دولة الكفر العميقة”، من أن يطبق عليهم أحد الشروط الثلاثة المعروفة: الإسلام على طريقته أو الجزية أو القتل.

محمد امحاسني
محمد امحاسني

السلفي، عاقد الحاجبين، الخارج لتوه من غياهب الكتب الصفراء، والذي كفر، تقريبا، جميع المواطنين والمؤسسات، وحرض، ضمنا أو علنا، على جميع الفاعلين الحقوقيين، ودعا “المتشبهين” بالكفار، غير ما مرة، إلى مغادرة جنات الإسلام والمسلمين، إلى جحيم الكفر وأهله.

ذلك أنه، وخلافا للكثير من “أهل السلف” الذين يدغدغهم حلم استرجاع دولة الخلافة الإسلامية، يعتقد الشيخ الحسن بن علي الكتاني، أنه يعيش في ظلال تلك الدولة هنا والآن، وبأن المغاربة الليبراليين والعلمانيين وغيرهم ممن لا يشاطرونه الرأي، أجانب في بلدهم، أو “أهل ذمة”، لا تمنعه سوى “دولة الكفر العميقة”، من أن يطبق عليهم أحد الشروط الثلاثة المعروفة: الإسلام على طريقته أو الجزية أو القتل.

عن مؤهلاته العلمية، فهو حاصل على شهادة الإجازة في علوم الإدارة والاقتصاد باللغة الإنجليزية بالرباط، والماجستير في الفقه والأصول بالأردن. وهو رئيس رابطة علماء المغرب العربي، وعضو برابطة العلماء المسلمين.

أدين الشيخ غداة تفجيرات 16 ماي 2003 الإرهابية في الدار البيضاء، بعشرين سنة سجنا، واستفاد من عفو ملكي سنة 2012. في الوقت الذي راجع بعض رفاقه الكثير من قناعاتهم الدينية المتطرفة، التي أطرت جملة من أتباع السلفية الجهادية في المغرب، رفض الشيخ التراجع عن تلك القناعات، وظل يروج لها إلى حد اليوم، وإن على احتشام واعتدال لفظي، يزيغ عنه لشكة إبرة.

صولات وجولات الشيخ الدونكيشوتية، ضد الجميع، بمن فيهم بعض رفاقه في الخندق، لا تكاد تحصى. وهذا جرد لأبرزها:

عن الفصل 222

في تعليق على الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني (يونيو 2016) الذي عبر عن اتفاقه على إلغاء الفصل 222 المجرم للإفطار في رمضان، رد الشيخ بأن هذا التصريح يخالف “مقاصد الشرع، والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.

مغزى المقولة التي يستشهد بها الشيخ، والمتواترة عن عثمان بن عفان، هو أن “بعض الناس ضعيف الإيمان، لا تؤثر فيه زواجر القرآن ومناهي القرآن”، على حد تعبير ابن باز. لذلك، ينبغي على الدولة أن تعمل سلطة القهر، لحمل الناس على احترام هذه الشعيرة، وعدم الوثوق فقط، في قدرة القرآن وإيمان الناس بتعاليمه!

حريق كاتدرائية نوتردام

كتب الشيخ على الفيسبوك متشفيا في المسيحيين، بمناسبة الحريق (أبريل 2019)، وقال بأن الأمر: “علامة على بداية شيء كبير سيحدث في الأمة”. متأولا الحدث على غرار “سلفه وعلمائه”. إذ أن ما يميز هذه الكنيسة عن غيرها، هو أن الحملات الصليبية، انطلقت منها. وهو ما أثار موجة من التنديد والسخرية العارمة، من متابعيه قبل خصومه؛ أبرزها تذكيره بالرافعة التي سقطت على الحجيج في قلب مكة، شهر سبتمبر 2015، وتنبيهه إلى أن كلامه، في المطلق، قد يعني أن الله يحتاج لقرون طويلة لكي يرد الصاع.

إيض يناير

لا يدع الشيخ أي احتفال بمناسبة برأس السنة الأمازيغية يمر، دون أن يندد بالدعوات إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة مؤدى عنه، معتبرا ذلك نوعا من الكفر. ومذكرا (يناير 2020) بأن الديدن عند “علماء المسلمين قاطبة، هو تحريم الاحتفال بأعياد الجاهلية قبل الإسلام، عربية كانت أم فارسية، أم بربرية، أم غيرها، فإن الإسلام قد نسخ ذلك كله”. أي أن على المغاربة أن يتنكروا لكل تاريخهم الطويل السابق للإسلام، ولما استجد منه بعد الإسلام. فضلا عما في منطوق كلامه من تكفير واضح لأغلب مواطنيه.

هذا العداء اللامشروط لتاريخ المغاربة قبل الإسلام، هو ما دفعه لاعتبار ملتمس قدمه فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين لمقترح إصدار العملات النقدية باللغتين الأمازيغية  والعربية، تهميشا للغة الإسلام والمسلمين، رغم أن الملتمس لم يقص العربية أصلا.

وهو ما حذا به أيضا للتحذير من إلقاء خطب الجمعة بغير اللغة العربية، حتى ولو كان المصلون لا يفهمونها، مؤكدا بأنه، وفق المذهب المالكي، فإن خطبة الجمعة تسقط عن القوم الذين لا يجدون إماما يجيد العربية، ليخطب فيهم.

كورونا والفاحشة

في مارس 2020، وبعد أن اجتاح فيروس كوفيد 19 العالم قاطبة، نشر الراقص على جثت الضحايا، تدوينات جاء في أهمها، أن سبب ابتلاء الناس بالفيروس هو “ظهور الفواحش من زنى ولواط وسحاق ومخادنة النساء وجميع أعمال الفجور”.

ولأن الفيروس لم يخص المسلمين هذه المرة لوحدهم، فقد أقحم في الأسباب الواردة أعلاه “تمرد الناس كلهم على كتبهم الدينية: التوراة والإنجيل والقرآن”، رغم أن الشيخ مقتنع تماما بأن التوراة والإنجيل محرفين من الأصل.

بيدوفيليا بما يرضي الله

في شهر شتنبر من سنة 2020، دافع الشيخ باستماته عن فقيه من طنجة، متهم بالاعتداء الجنسي على أطفال.

وجاء في تدوينة على فيسبوك: “الاتهام بالزنى في الشرع لا يثبت إلا بشهادة أربعة شهود، شهادتهم متطابقة، يرون العملية، كالميل في المكحلة أو الاعتراف الصريح (..) كل كلام غير هذا فهو قذف يستحق صاحبه الجلد 80 جلدة. والهدف من ذلك كله حفظ الأعراض ونقاء المجتمع”.

الراقص على الجراح يقارن الاغتصاب بالزنا، بمفهومه الفقهي! وكأن الطفلات البريئات، ضحايا سادية الفقيه الوحش، أقمن علاقات رضائية معه وهن في كامل قواهن العقلية وكفاءتهن القانونية، وأن كل ما كان ينقصنا، هو فقط، التحقق من مدى توفر شروط الزنا في الوقائع تلك من عدمها.

انفصال الشيخ التام عن واقعه، واستلابه المدهش بوهم العيش في المدينة المنورة، زمن النبوة، جعلاه يفقد كل قدرة على التمييز، ويتضامن بصفاقة قلَّ نظيرها، مع الجاني ضد ضحاياه.

زاد من الطين بلة أنه، في الشريعة الإسلامية، لا وجود لمفهوم الاغتصاب بتاتا. بل الأدهى أن بعض الفتاوى الفقهية القميئة، تجيز للرجل العبث بجسد الطفل الصغير.. شرط ألا يتزوج أمه لاحقا.

يجب انتقاد “رايان”!

في شهر فبراير من سنة 2022، حين كانت أنفاس العالم كله محبوسة إلى القنوات الإخبارية الدولية، والمنظمات الإنسانية تناقش أفضل السبل لإيصال معدات الإنقاذ والإسهام فيه إن أمكن، وحين كان المؤمنون، في العالم، يقيمون الصلوات والقداس، تضرعا إلى الله لكي ينقذ الطفل رايان، انبرى تحفة زمانه، ليلقن المغاربة درسا في كيفية نطق اسم الطفل، قائلا: “لا تقولوا: رايان، بل هو ريَّان، وهو باب في الجنة لمن أكثر الصيام. وأصله من الري، أي شرب الماء وذهاب العطش”!

تنمحي الدهشة، حين نعلم أن الشيخ وأمثاله، لا تعنيهم حيوات الناس ولا سعادتهم على هذه الأرض، بقدر ما يهمهم تأبيد سيطرة شرائعهم و إيديولوجياتهم المتكلسة، على عقول الناس وضمائرهم.

خبطات أخرى منها:

تكفير البرلمانية أمينة ماء العينين، عن حزب العدالة والتنمية، بسبب دفاعها عن عمر بلافريج، الذي كان الشيخ قد اتهمه بالسعي إلى “إباحة الفاحشة من لواط وسحاق (..) ونشر الفساد في الأرض، بعد مطالبة بلافريج بتعديل القانون لحماية الحريات الفردية”.

التهليل لاستقالة أسماء لمرابط من رابطة علماء المغرب، بدعوى أنها “منحرفة عن الشرع وجاهلة بأحكامه”، بسبب دعوتها للمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، في ندوة، بالجامعة الدولية بالرباط.

دعوة محمد الفايد إلى “التوبة” بعد أن تجرأ الأخير على التأكيد على أنه لا يوجد علماء (بالمعنى الحقيقي) لدى الأمة الإسلامية. ولو لم نكن نعيش في دولة قانون، لكان الشيخ قد دعى إلى تطبيق حد الردة عليه، باستتابته ثلاثا، قبل قتله.

وصفه للناشط الحقوقي أحمد عصيد بـ “عدو الله” واستعمال لفظة “لعنه الله” في حقه، كرد فعل على دعوة عصيد إلى مراجعة مناهج التربية الدينية، في اتجاه حذف كل ما له علاقة بالإرهاب فيها.

اتهامه لرشيد أيلال بأنه ينشط ضمن عصابة إجرامية “تهدد الوحدة الدينية والعقدية للمغرب، وتستهدف الإسلام وأحكام الشريعة، وتتعاون مع الكنيسة القبطية (كذا!). وقد قدم رشيد شكاية في الموضوع، وتم الاستماع للشيخ من قبل قسم محاربة الجريمة السيبرانية، نظرا للكم الهائل من التحريض على السلامة الجسدية لرشيد أيلال.

أما ما كاله من سب وتنقيص وتكفير لرفيقه في الدرب القديم وفي السجن، الأستاذ محمد عبد الوهاب رفيقي، فيستحق لوحده مقالا مطولا.

. لقراءة الجزء الأول: محمد امحاسني: أيقونات الإسلام السياسي: مول الفوقية 1\4

. لقراءة الجزء الثاني: أيقونات الإسلام السياسي: ياسين العمري 2\4

. لقراءة الجزء الرابع: أيقونات الإسلام السياسي: ادريس الكنبوري 4\4

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *