مهرجان كناوة بالصويرة… ربع قرن من طفولة حلم - Marayana - مرايانا
×
×

مهرجان كناوة بالصويرة… ربع قرن من طفولة حلم

بربع قرن من الوجود، لازال مهرجان كناوة يصر على طفولة الحلم.
طفولة صناعة الفرح، والغناء للحرية وللسلام… وللمعنى الأصيل للبشر.

… في الحكاية الأصل، هو “ليلة”.

ليلة عروسها الصويرة، وعرسها صرخة عبيد قدامى منحوا الحرية أجمل قداساتها المغربية.

هو ليس مهرجانا بمعناه المُحيل على فرصة للفرح. هو فقط… كل الفرح.

هو امتزاج أجيال لم يعد يجمع بينها شيء في اللغة وطرق التفكير والتعامل مع التكنولوجيات الجديدة، لكنها تجد نفسها “خاضعة بكل الحرية” وبنفس الخشوع و”الجدبة”، لجنون الهجهوج وسحر “القراقب”.

هو ليلة كناوة… حيث كناوة السادة وحيث عشاق كناوة كل أحرار العالم.

الفنان الفلسطيني سان لوفون بمهرجان الصويرة

في دورته الــ 25، كان مهرجان كناوة هذه السنة (من 27 إلى 29 يونيو 2024) كانت الصويرة ليلة حلم عانقت فيها أعلام فلسطين وكوفياتها، ألوان كناوة، فكان لصرخة الحرية بهاء شعب أتقن علم الحياة، بنفس الدرجة التي أتقن بها تمرين الذاكرة، واستحضار الجرح الفلسطيني في عز الفرحة والاحتفال.

الفنان اللسطيني سيمون شاهين
الفنان اللسطيني سيمون شاهين

الذين حضروا حفل رباعي “سيمون شاهين”، لم يكونوا يستمتعون بجمال عزف خرافي فقط، كانوا في الأصل، يقتفون أثر الجرح الفلسطيني الخارج من الوتر، كي يعلن للعالم أن بين النغم، هناك حكاية شعب تستعصي على الموت. والذين اهتزوا على إيقاعات الفنان “سان لوفون”، كانوا يعرفون مسبقا، أن الأجساد هناك، إنما تتحرر رقصا، كي تحرر معها، كل مشاعر الحب والتضامن نحو شعب يسكن كل قلوب الأحرار.

في دورته الـ 25، قرر مهرجان الصويرة بكل بهاء، أن يجعل ربع قرن من حياته، وعدا بشباب دائم لـ”تكناويت”، وبطفولة خالدة للفرح.

لأجل ذلك، لم يكن غريبا أن يجمع المهرجان هذه السنة، بين ثلاث ثقافات مدرجة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي غير المادي، وهي كناوة المغربية والباتوكادا البرازيلية والفلامينكو الإسباني والزاولي الإيفواري.

 

بأكثر من 400 فنان من 14 دولة، وبما يناهز 53 حفلا موسيقيا، بصم المهرجان مرة أخرى، على وعد الجمال الذي قطعه منذ البدء مع حكايته.

وعد… جعل من مدينة الصويرة، قبلة العالم العاشق لمعنى الحرية، حرية أبدعتها موسيقى عبيد، وحولت عشاق الفرح إلى سادة. سادة فاق عددهم الـ 400 ألف شخص.

منذ ليلته الأولى، بدا واضحا أن عشاق التراث المغربي الكناوي، سيعيشون أبهى لحظات البذخ، سواء ما تعلق منها بعشاق الليلات الكلاسيكية، أو الباحثين عن جنون “الفيزيون” وشغبه.

كما كل سنة، كان “السادة الكناويون” كرماء في منح المتعة. كانوا كرماء وهم يمنحون ألوان موسيقية أخرى، فرصة اقتسام الصويرة ومنصاتها، مع جمهورهم.

هكذا، وقف المعلم حسن بوصو والمعلم مولاي الطيب الذهبي، مع مجموعة ديمانلي ونينيو دي لوس رييس وسيرجيو مارتينيز على نفس المنصة… كما وقفت “العيطة مونامور” على إحدى منصات الصويرة، كي تأخذ المغاربة نحو جنون العيوط….

وعلى مرمى “جدبة” من هناك، وجد زوار الصويرة أنفسهم، يحلقون في فضاءات زوايا المدينة، ليستسلموا لسحر الهجهوج وسلطة القراقب، تماما كما جدبتهم إيقاعات مازاغان وشغب الآلات الحديثة…

من حفل عيطة مونامور بمهرجان الصويرة

 

بدا كل شيء في النهاية، كما لو أن كل الأرواح الكناوية، خضبت قلوب الحاضرين بألوانها وأهازيجها، لولا أن قرر المعلم القصري في النهاية، أن يجعل من حفل الختام، لحظة ارتقاء بالأرواح والأجساد لمراتب الفرح… مع مسحة حزن كان بعض معناها:

… علينا الآن أن ننتظر…

سننتظر الصويرة بعد عام، كي تعود الأجساد للفرح، وكي تعانق الأرواح مرادفات السلام.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *