عيد الأضحى في المغرب: من سنة نبوية إلى طقس إجتماعي شبه إلزامي
يتسابق على شراء الخروف، المساكينُ قبل المتمكنين مادياً، هروباً من الإقصاء الإجتماعي والوصم بالعار الذي سيلاحقهم
ونحن على مشارف عيد الأضحى المبارك، أو “العيد الكبير” كما يصطلح عليه في الثقافة الشعبية المغربية، يتجدد النقاش حول شراء أضحية العيد من قبل من لهم الإستطاعة، وجواز ترك هذه الشريعة بالنسبة للمساكين والفقراء؛ خصوصاً أن العيد هذه السنة يأتي في وقت انهارت فيه القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وبشكل خاص الفئات التي تعاني الهشاشة والفقر، في ظل الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الخانقة.
إلا أن ذلك، ككل سنة، لن يثني المغاربة الذين يَضَعون هذه السُنة النبوية في مرتبة الفرض، مقدسينها إلى درجة الهوس، ضاربين عرض الحائط مفهوم السنة في الفقه الإسلامي _حيث تعتبر ممارستها عملا مأجورا عند الله، لكن شريطة توفر القدرة المادية على توفير ثمن الأضحية_؛ عبر سلك كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للظفر بـ”الحولي بقرونه”.
يتسابق على شراء الخروف، المساكينُ قبل المتمكنين مادياً، هروباً من الإقصاء الإجتماعي والوصم بالعار الذي سيلاحقهم، حتى لو تم ذلك عبر اللجوء إلى الإقتراض لتوفير ثمن الكبش. تتفنن الأبناك في الكشف عن عروضها المغرية، كما تقدم بعض الشركات قروضا بدون فوائد لعمالها بمناسبة العيد.
أما الرافضون لهذه الصيغة، فقد يلجؤون إلى بيع شيء من ممتلكاتهم؛ بالإضافة إلى اعتماد دغدغة العواطف كحل أخير إنطلاقا من مبدأ التكافل سواء الذي يتمثل في المحسنين أو المنظم تحت لواء جمعيات خيرية تعنى بتوفير أضاحي لذوي الحاجة، والتي تنشط بشكل مكثف في هذه الفترة من كل سنة.
ناهيك عن من هو في أتم الاستعداد لأن يصير لصا، حتى يشتري خروفا، في صورة واضحة للرضوخ التام للأعراف الإجتماعية التي باتت تطغى على المناسبة الدينية. نتذكر هنا السرقة الجماعية للأضاحي، التي شهدها سوق أزماط وسط الحي الحسني بالدار البيضاء قبل بضعة سنوات، حيث تم التداول، على نطاق واسع، لمقاطع فيديو تصور مواطنين مغاربة يسحبون خرفانا من شاحنة، بعد أن هجموا عليها مع رشق أصحابها بالحجارة.
فكيف يعقل أن يرتضي هؤلاء لأنفسهم أن يطبقوا السنة ذات البعد التعبدي بأضاحي مسروقة؟
إنه حقا التخلف والجهل بمقاصد الشرع!
كما لا ننسى أن نسلط الضوء على اتساع أرضية التباهي بالأضاحي بين بعض المغاربة، الذين ينخرطون في سباق التفاخر بحجم الخروف وقرونه، ليضطر الكثيرون منهم إلى تأجيل تسديد الفواتير وشراء ضروريات الحياة الكريمة؛ وفي بعض الأحيان، المخاطرة بحالتهم الصحية وذلك باقتناء كبش العيد بدلا من إجراء عملية جراحية لأن الحالة المادية لا تسمح بالقيام بالأمرين في نفس الوقت.
ينتج عن هذا الضغط المجتمعي الرهيب حالات هروب من بيت الزوجية، طلاق، عنف أسري، وصولاً إلى الإنتحار. لتعج منصات التواصل الاجتماعي، بعد النحر، بصور الكثير من مستخدميها وهم يقومون بعملية ذبح وسلخ الخروف على أسطح البيوت، مع عبارات من قبيل “خروفنا أحسن من خروفكم”..!
احتفالنا بالعيد الأضحى المبارك وجب أن يكون نموذجاً للدعوة إلى الله، بإبراز سماحة الإسلام والتكافل الإجتماعي بين المسلمين، و تبادل التهاني والزيارات مع نشر البهجة والسرور في كل مكان ليس إلا!