حَوّلها المجتمع لركن من أركان الإسلام: مغاربة “يناطحون” سُنة عيد الأضحى - Marayana - مرايانا
×
×

حَوّلها المجتمع لركن من أركان الإسلام: مغاربة “يناطحون” سُنة عيد الأضحى

بعضهم متدين… ومعظمهم متشبث بثقافته المغربية.
لكن قاسمهم المشترك أنهم يحاولون، كل بطريقته، التخلص من عبء سُنّة… أصبحت فرضا مجتمعيا.
هذه حكاية مغاربة مغاربة “يناطحون” سُنة عيد الأضحى

“منذ سنوات وأنا أقرر، في كل مرة، ألّا أشتري خروف عيد الأضحى. لكن، بمجرد ما يقترب الموعد، أجدني شبه مضطر، بين ضغط العائلة والزملاء وزوجتي وأبنائي. أشتريه رغم التكلفة المادية الكبيرة التي تلاحقني آثارها لأكثر من شهرين بعدها. أقرر ألا أشتري السنة المقبلة، لكن السيناريو نفسه يتكرر في كل مرة”.

عبد المجيد، في شهادته، قد يمثل الكثيرين. أشخاص مقتنعون بعبء عيد الأضحى المادي، وبلا إلزاميته الدينية، لكنهم يخضعون للضغط الاجتماعي ويشترون الخروف سنويا.

“أنا شخص متدين، لكني أعتبر أن خروف عيد الأضحى أصبح، في المغرب، ركنا من أركان الإسلام؛ بينما يفترض أنه سُنّة. أشتريه كل سنة ليس كممارسة دينية، بل فقط لأن زوجتي تعتبر أن عدم شراء الخروف يعتبر فضيحة لها أمام الجيران والعائلة”، يقول عزيز الذي قرر، هذه السنة، أمام التكلفة الباهظة للخرفان، أنه لن يشتري الخروف. “لن أحرِم أسرتي من لوازم العيد من مشويات وغيره، لكنه من غير المقبول، حتى من وجهة نظر دينية، أن ننفق مبالغ كبيرة جدا، فوق طاقتنا أحيانا، لمجرد إرضاء الآخرين أو لتفادي الإحراج”.

هذه السُّنة الدينية، في المغرب، وعلى امتداد السنوات والعقود، أخذت بالفعل طابعا إلزاميا، ليس على المستوى الديني، بل تحديدا على المستوى الاجتماعي: قد يتفهم الناس أن شخصا لا يصلي، لكن نفس الشخص سيكون عرضة للاستنكار والإدانة في حالتين: عدم صيام رمضان وعدم شراء كبش الأضحية.

الكثيرون أيضا قد يعانون من الضغط المادي لـ “إلزامية” أضحية العيد، لكنهم يمارسون نفس الضغط على من يختار الخلاص منها.

“هذه السنة، قررت أنا وزوجي أن نخصص نفس ميزانية العيد لعطلة مريحة لنا ولأطفالنا”، تقول أسماء مضيفة: “أسرة زوجي وأسرتي تستغربان اختيارنا. بل أكثر من ذلك، نحن نستشف رفضهم من تعاليقهم. لو توفرت لديهم السلطة لمنعنا، لفعلوا”، تضيف أسماء ضاحكة. “من وجهة نظرهم، نحن نرتكب مخالفة كبيرة للعادات والأعراف. لكننا انتبهنا لكوننا، منذ زواجنا، نعيش عيد الأضحى كضغط مادي وعائلي ومجتمعي أكثر من الاحتفال نفسه. دون أن ننسى التعب الجسدي الرهيب، لأن أعباء العيد كثيرة. فهل يبقى العيد عيدا، مع كل هذا الضغط المادي والعائلي والأعباء المنزلية؟” تتساءل أسماء.

في محاولات الهروب من هذا الضغط، وجدت مرايانا شهادات لأشخاص متدينين وآخرين يعتبرون أنفسهم لادينيين أو ملحدين. لكن نقطة التقاء هؤلاء، هي قناعتهم بأن عيد الأضحى في المغرب لم يعد مناسبة دينية بقدر ما تحول لفريضة مجتمعية، يحتاج المرء لمجهود كبير لكي يستطيع الهروب من ضغوطاتها.

“حين كنت في سن أصغر، كنت متشبثة بأضحية العيد. لم أكن أنتبه للضغط المادي الذي يعيشه والداي وللأعباء المنزلية التي تتحملها والدتي”، تقول أميمة، 24 سنة، قبل أن تضيف: “اليوم، صرت أنا من يشجعهم على عدم شراء الخروف. هذه السنة، على الأرجح، لن نشتري الخروف. سوف نشتري بعض مستلزماتنا من لحم للشواء أو الطاجين، حتى لا نشعر بالحرمان؛ وكذلك لأن الطابع الاحتفالي للعيد جميل بالفعل، إذا ما أزلنا عنه شوائب الضغط. التكلفة ستكون أقل والتعب شبه منعدم”.

أميمة صرحت لمرايانا بأن والداها مازالا مترددين بسبب الأسئلة المتكررة للعائلة. لكنها، رفقة أخيها الأصغر، يسعيان لتشجيعهما: “ما صْعيبة غير المرة الأولى. بعدها، سيتعود الجميع على كون عائلتنا لا تشتري الخروف. لا أحب من يقولون: ما كتعيْدش. العيد في فرحتنا. في لمّتنا. وطبق الشواء أو “الراس ديال الحولي” يمكن أن يكون متوفرا بدون “تمارة فالكوزينة” وبدون ضغط مادي”، تختم أميمة التي تضيف أن لديها أصدقاء وصديقات يحاولون أن ينهجوا نفس النهج مع أسرهم.

الضغط المجتمعي المرتبط بأضحية العيد مازال حاضرا بقوة في تركيبة المجتمع المغربي… لكن، هل سيشجع الارتفاع الصاروخي لأسعار الأكباش هذه السنة على تغيير العقليات والممارسات، لكي يقول الكثيرون، كأميمة: “ما صعيبة غير المرة الأولى”؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *