عن فلسطين: إيّاك أن تسكت عن الظلم
ظلت فلسطين في قلب كل إنسان صاحب ضمير حي، ولا يمكن لأي إنسان اعتبار نفسه غير معني بفظاعة ما يجري من قتل وسفك دماء الشهداء بهذه الوحشية والبشاعة.
“إياك أن تسكت عن الظلم من أجل أن يقال عنك أنّك رجل سلام” – علي شريعتي
تواطأت قوى عالمية وانكشف المستور… ما عاد شيء يخفى. سقطت أقنعة الغرب وادعاءاته بالدفاع عن قيم حقوق الإنسان، وقد جعل من نفسه نصيرا ومددا لكيان غاشم، يمثل مشروعا عنصريا امبرياليا قائما بقوة الباطل وبقوة السلاح، أرض فلسطين لم تكن يوما الأرض الموعودة، ولا دولة يهودية منذ آلاف السنين، بل هي أرض فلسطينية مغتصبة مسلوبة تحت غطاء توراتي ديني.
حق العودة واسترجاع الأرض المحتلّة أمل فلسطينيي الشتات خارج الوطن وفي المخيمات، وإن طالت سنوات الانتظار. مخيمات أضحت شاهدة على جرائم الاحتلال، سلسلة من الإرهاب والمذابح، من مذبحة دير ياسين 1948 وكفر قاسم 1956 أو مجازر وحدة 101 إلى مجزرة صبرا وشاتيلا ومجازر القرن 21 (عام 2023 هو الأكثر دموية على الأطفال الفلسطينيين) .
سلسلة من أعمال العنف الدموية القياسية على مرأى الكون، إرغام السكان على مغادرة أراضيهم بالقوة لإقامة مستعمرات ومستوطنات يهودية، ولمسح الوجود الفلسطيني، إبادة شعب وقتل ذاكرته وطمس هويته. حتى المعالم التاريخية لم تسلم من أيادي الخراب والدمار، كما حدث للكنيسة البيزنطية وكنيسة القديس برفيريوس ومسجد السيد هاشم (يعتبر من أقدم مساجد غزة).
ظلت المخيمات من أكبر الشواهد الحقيقية على نكبة الشعب الفلسطيني. جرائم الكيان الصهيوني لا يحصرها العد، ظلم وانتهاكات وإبادة تمر دون عقاب، أمام أنظار العالم دون رادع، ضرب الكيان عرض الحائط بكل مبادئ وقواعد القوانين الدولية والرأي العام العالمي، وانتهك كل المواثيق، أمام صمت مجلس الأمن (الوقاحة الأمريكية) وعجز القانون الدولي الإنساني. أخذ يمارس جرائمه وهمجيته بحرية أمام تقاعس وتقصير وخذلان قادة العالم.
خاض الشعب الفلسطيني عدة ثورات وانتفاضات على مر التاريخ… شعب مسكون بشجاعة فريدة لا تُقهر، يواجه أبشع كيان صهيوني متشدد ومحتلّ، دون رفع راية الاستسلام إذعانا أو خضوعا. ظلت فلسطين مضربا للأمثال في الكفاح المستمر، شعب لم ينل الألم والأسى من آماله، على قول الشاعر محمود درويش: “أن تكون فلسطينيا يعني أن تصاب بأمل لا شفاء منه”.
رغم ما يحوم حول هذا الكيان الصهيوني من مواكب التأييد الغربي والفيتو الأمريكي والسلاح الذري، إلاّ أن أوهامه بدّدها صمود الشعب الفلسطيني وإرادته القوية، إرادة لا تنكسر ولا تستكين. عملت بعض المنابر الإعلامية الدولية المنحازة للرواية الإسرائيلية على ممارسة كل أشكال التضليل الإعلامي، وتعتيم على الحقائق وطمسها، لكن هذا الطمس لا يغيّب الحقيقة ولا يلغيها، حيث عملت على إشهار وترويج لكل ما هو زائف وكاذب، عبر تبرير تلك الجرائم والمجازر بحق المدنيين. سردية الرواية الإسرائيلية لن تحجب الحقيقة.
ظلت فلسطين في قلب كل إنسان صاحب ضمير حي، ولا يمكن لأي إنسان اعتبار نفسه غير معني بفظاعة ما يجري من قتل وسفك دماء الشهداء بهذه الوحشية والبشاعة.