من هم الأحمديون المغاربة يا ترى؟

ينعتُ بالأحمدي كلّ من ينتمي للجماعة الإسلامية الأحمدية، وهي جماعة تدين بالإسلام، وتؤمن أن محمدا رسولا من الله، وأنّ القرآن هو كتابٌ لله…

لكن، إذا كان الأحمديون مسلمون، فلماذا يتمّ تكفيرهم؟ ولماذا تم إخراجهم مرارا من ملة الإسلام؟

عن تاريخ الأحمدية

تأسست هذه الجماعة سنة 1889 على يد مرزا غلام أحمد القادياني، الذي قال حينها إنه هو ذلك الإمام المهدي المنتظر والمسيح الموعود الذي وعد بنزوله النبي محمد في آخر الزمان “ليكون إماما مهديا، حكما عدلا، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويفيض المال”.

بالطبع، يؤمن المسلمون عامة بعقيدة الإمام المهدي المنتظر، لكن الأحمديين يعتبرونه قد ظهر فعلاً في شخص مرزا غلام أحمد القادياني. وفي هذه النقطة بالضبط، تكمن محنة الأحمديين مع خصومهم فقهيا.

مع ذلك، تعدّ الجماعة الأحمدية أقلية دينية داخل النسيج العقدي المغربي المتنوع، إذ لا يتجاوز عددهم الألف. أمّا بخصوص بداية الأحمدية في المغرب، فتشير شهادات الأحمديين المغاربة إلى أنها ارتبطت بظهور الأقمار الاصطناعية، التي مكنت المغاربة من التقاط القناة الإسلامية الأحمدية في بداية التسعينيات من القرن الماضي. وهذا يعد، عندهم، تحقيقا لقول النبي “اسمعوا صوت السماء، جاء المسيح جاء المسيح..”

يعتبر الأحمديون أيضا أنه، ارتباطا بتاريخ الجماعة الإسلامية الأحمدية بالمغرب، فإن معطيات تشير أن أول من آمن بدعوة المرزا غلام أحمد القادياني، هو عالم من القرويين في القرن التاسع عشر الميلادي وتبادلا بينهما كتبا ومراسلات.

الجماعة في المغرب، دخلت لنظام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية سنة 2007 مع تعيين الرئيس عصام الخامسي ومسؤولين محليين على صعيد المملكة. قبل ذلك، كانت جماعة المغرب تحت وصاية جماعة إسبانيا بحكم القرب الجغرافي، وكان مهمة التسيير تعهد لأحمدي يقطن بشكل دائم بطنجة حينها. في سنة 2010، تحولت الوصاية من جماعة إسبانيا إلى جماعة فرنسا بحكم اللغة، وفي سنة 2011 أصبحت جماعة المغرب مستقلة.

يحتفل الأحمديّون المغاربة بمختلف الأعياد التي يعمل المسلمون على إحيائها. لكن، هناك ثلاثة أيام يحتفلون بها كل سنة، رغم أنها ليست مقدسة، وهي يوم المصلح الموعود، الذي يصادف الـ20 فبراير من كل سنة؛ وفيه يحتفل الأحمديون بتحقق نبوءة ولادة ابن للمسيح الموعود مرزا غلام أحمد القادياني. تجد هذه النبوءة أصلها في قول النبي محمد بأن الإمام المهدي “يولد له”.

كما يحتفلون أيضا بيوم المسيح الموعود، الذي يصادف الـ23 مارس من كل سنة. وهو تاريخ إعلان الدعوة الأحمدية وتأسيس الجماعة، وحينها حدثت أول “البيعات” في مدينة لودهيانة الهندية، وجرت ترجمتها من طرف الأحمديين بـ”باب لد” بالعربية. وهذا يحقق، بالنسبة لهم، قول النبي محمد، بأن عيسى المزمع نزوله في آخر الزمان سيقتل المسيح الدجال عند “باب لد”. ثمّ يوم الخلافة، في 25 أبريل من كل سنة. وهو اليوم الذي يرون أنه تأسست فيه “الخلافة”.

الأحمدية بالمغرب: رؤى

اتضح لمرايانا أن البنية التنظيمية الصارمة للجماعة الأحمدية تفرض أن يتواصل ممثل الجماعة الأحمدية بالمغرب مع الإعلام. لذلك، حين تواصلنا مع هذا الممثل، عصام الخامسي، تحدث عن الأشياء التي تشكل مواضيعا حارقة بالنسبة لهم كأحمديين.

مثلاً، يعتبر الخامسي أن الفصل 220 من القانون الجنائي المغربي[1]، الذي يعتبر البعض أنه يحمل تأويلا ممكنا يجرم حرية المعتقد، هو بمثابة وصمة عار على جبين الإسلام نفسه. فإذا كنا نعتبر ديننا صحيحا وارتضاه الله لنا، لماذا سنتزعزع أو يتزعزع آخرون؟ الذي يجب أن يستنكر ليس وجود حساسيات دينية في بلد “مسلم”. لكن الذي لابد من استهجانه هو الرؤى التقزيمية والاحتكارية التي تمارس السطو على عقيدة المسلمين؛ فقد قدمت للمسلم خرافات وأساطير وكرامات وتعاليم لا علاقة بالإسلام.

يتساءل ممثل الجماعة الإسلامية الأحمدية بالمغرب قائلا: كيف يقال للمسلم إن القرآن فيه” ناسخ ومنسوخ” والله يصرح: “لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا”. أو أنّ الجن الشبحي يتلبس المسلم، بينما الله يصرح: “وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله.” أو أن عيسى ابن مريم حي في السماء والله يقول “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل”. ويقول كذلك “وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإن مت فهم الخالدون”… فمن المسؤول عن العبث بعقيدة المسلم يا ترى؟”.

يرى المتحدث، أيضا، أنّ الفصل 220 يتعارض مع تعاليم الإسلام صراحة؛ بحيث يقول الله في كتابه “لا إكراه في الدين” ويقول كذلك “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”. فكيف نقيد حرية الناس في الاختيار وقد ولدوا أحرارا. ثم أي قيمة للعذاب بعد الموت مثلا إن كنت مكرها على الاختيار، ومرغما أن تكون مسلما”.

بمثل هذه القوانين، يواصل الخامسي، “أرى أننا نعزز النفاق بين المواطنين. فقد يصرح أنه على الإسلام خوفا من أن يجز به في السجن وهو على عقيدة أخرى. فهل مثل هؤلاء المواطنين يمكن أن تأتمنهم على سلامة الوطن؟”.

يضمّ الأحمديون، كمغاربة ابتداء، أصواتهم للأصوات المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في جميع الميادين، ويطالبون باحترام الحريات الفردية. “الإسلام، بالنسبة إلينا على الأقل، أعطى الحرية الدينية لجميع البشر. ووحده الله له الحكم”، يقول المتحدث.

أما بخصوص خطاب التكفير والكراهية، فيقول الخامسي إنه لا يرى، “أنّ هناك خطاب كراهية اتجاه الأقليات الدينية بشكل عام. فقط هي أصوات منفردة وحالات معزولة تتاح لها فرصة ترويج خطابها في المنابر الإعلامية أحيانا أو في وسائل البث المفتوح. كما أن هناك للأسف من الحساسيات الدينية من يفتعل بعض الأحداث لمآربه الشخصية. بصفتي أحمديا، لم يسبق لي أن تعرضت لمضايقات أو تنمر من الأصدقاء أو محيطي السكني”.

في النهاية، تجدر الإشارة أنّ من أراد الانتماء للجماعة الإسلامية الأحمدية، فسيكون مطالبا بتوقيع وثيقة البيعة…

[1] – الفصل 220 من القانون الجنائي المغربي: “من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبـادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائة إلى خمسمائة درهم. ويعاقب بنفس العقوبة كل من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم، ويجوز في حالة الحكم بالمؤاخذة أن يحكم بإغلاق المؤسسة التي استعملت لهذا الغرض، وذلك إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات”.