محكمة بوجدة تعتبر الإيذاء النفسي لطفل جريمة مماثلة للاعتداء الجسدي
النيابة العامة قررت متابعة المدعى عليها من أجل جنحة الإيذاء في حقّ طفل والسبّ والشتم. بعد استنفاذ إجراءات المحاكمة، قررت المحكمة إدانة المتهمة من أجل المنسوب إليها، معتمدة على المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل التي تنصّ على أن تكفل الدول الأطراف بألا يعرض أيّ طفل لأي عنف أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية.
اعتبرت الحكمة الابتدائية بوجدة، في حكم قضائي، أن الايذاء النفسي للأطفال يعتبر جريمة معاقبا عليها، لا تقل خطورتها عن الإيذاء الجسدي. الحكم الصادر بتاريخ 02/05/2023 اعتمد على اتفاقية حقوق الطفل.
الحكم المذكور شدد على أن الايذاء النفسيّ ضدّ الأطفال يأخذ أشكالا متعددة مثل الإهانة، التهديد اللفظي، الترهيب والإذلال.
تعود أطوار القضية إلى شكاية تقدم بها والد طفل إلى مصالح الأمن بمدينة وجدة، يقول فيها إن طفله كان يلعب كرة القدم مع أصدقائه الأطفال وشقيقته بتاريخ 10/04/2022، وأنهم دخلوا في شجار بسيط بينهم، غادروا على إثره المكان.
خلال المساء، سمع الطفل طرقات قوية بباب المنزل؛ وعند فتحه للباب، فوجئ بوالدة أحد الأطفال الذين كانوا يلعبون بالحي، حيث أمسكته مباشرة من عنق قميصه بالقوة، وقامت بصفعه، فهلع وتوجه لداخل المنزل. لكنها لم تتوانَ عن ملاحقته، مستغلّة عدم تواجد والده بالداخل، وعرّضته للسبّ والشتم إلى أن تدخّلت شقيقته القاصر وطلبت منها مغادرة المنزل.
يضيف الأب خلال شكايته أن النزاع بدأ حين قام ابن المدَّعى عليها برشق شقيقة المشتكي بالحجارة، مما دفع هذا الأخير إلى التدخل لمنعه من أذية شقيقته. وأدلى القاصر المذكور بتقرير طبيب نفسي للأزمة النفسية التي تعرض لها إثر تعنيفه من طرف السيدة المذكورة، مصرّا على المتابعة القضائية.
عند الاستماع للمدعى عليها تمهيديا، صرحت أنه خلال نفس اليوم، وحوالي الساعة الخامسة زوالا، عاد طفلها إلى المنزل وملابسه ملطخة بالتراب. وعندما استفسرت منه عن الأمر، أخبرها بأن المشتكي قام بإسقاطه أرضا بينما كان يلهو معه، فتوجهت للحي من أجل التكلم مع المشتكي، إلا أنه قام بالهروب منها؛ وعندما لمحته قامت بملاحقته للمنزل. عند طرقها للباب بالقوة لأنها كانت شديدة الغضب، قام الطفل بفتح الباب الرئيسي للمنزل فقامت بسبه وشتمه والصراخ في وجهه وتأنيبه عما فعله لابنها الصغير، فتدخلت شقيقته التي أخبرتها بأن شقيقها لم يقم بتعنيف ابنها. وعلى إثر ذلك، غادرت المنزل نافية أن تكون قد عرضت الطفل المشتكي لأي عنف جسدي.
النيابة العامة قررت متابعة المدعى عليها من أجل جنحة الإيذاء في حقّ طفل والسبّ والشتم. بعد استنفاذ إجراءات المحاكمة، قررت المحكمة إدانة المتهمة من أجل المنسوب إليها، معتمدة على المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل التي تنصّ على أن تكفل الدول الأطراف بألا يعرض أيّ طفل لأي عنف أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية.
المحكمة أشارت إلى أن المقصود بالعنف ضد الأطفال “كل سلوك كان لفظيا أو غير لفظي، وفيه إساءة للطفل، تؤدي حتما إلى اضطرابات نفسية، والشعور بالنقص وفقدان الثقة في نفسه، من خلال إشارات أو عبارات لفظية سيئة أو جارحةٍ أو مهينة، وقد يشمل أيضًا تهديدات، تسبب في أضرار جسدية مرئية، ولكنه يسبب ألمًا في نفس الضحية، ويظلّ جريمة مثل الإيذاء الجسدي.
المحكمة اعتبرت أن قيام المتهمة بملاحقة الطفل لمنزله وترهيبه من خلال صراخها العالي في وجهه وخلق نوع من الخوف لديه من خلال طرق باب منزله الرئيسي بالقوة، رغم العلاقة غير المتكافئة بينهما، يعد أحد أساليب الإيذاء النفسي الذي يقع في دائرة التجريم وفقا لفصول المتابعة لما ينتج عنه من شعور الطفل بالقلق.
المحكمة اقتنعت أنّ ما صرحت به المتهمة من تبريرات لسلوكها مع الطفل المشتكي يبقى غير مقبول، ولا يتوافق مع الحماية المطلوبة لسلامته الجسدية والنفسية وهو ما يثبته استئناسا التقرير الطبي المدلى به. وعليه، قضت المحكمة بإدانة المتهمة من أجل ما نسب إليها ومعاقبتها بشهر واحد حبسا موقوف التنفيذ وغرامة قدرها 500 درهم مع الصائر والإجبار في الحد الأدنى.