عن ليلى علوي: إلى واغا – قصة غلاف
” ألا ترى إلا التشابه فذلك دليل على ضعف نظرك ”
نيتشه
معذرة سيد عبد العزيز علوي،
معذرة ليلى،
أعتبر نفسي محظوظة لأنني أشرفت على نشر الترجمة العربية لكتاب “إلى واغا” للسيد عبد العزيز بلحسن العلوي. راجعت الترجمة كلمة كلمة، تأكدت من ثبات الفواصل والنقط، استدركت ما اعتبرته محتاجا للاستدراك.
كتاب يقرأ بالجوارح والقلب، يفيض ألما حد الإرباك، يقف بك عند حدود العبث واللاجدوى، يختبر إنسانيتك ومدى قدرتك على تحمل ألم لَمْ يُخلق لك. تجد نفسك في دوامة حداد لامتناهي لأن المصاب جلل، وأنت مدعو للتضامن اللاشعوري، دون أن تضرب حسابا لتقادم الحادث على أجندة التاريخ أو بُعد المكلومين عن دائرة معارفك، تعيش الأحداث لحظة بلحظة، وتتوقع رغم معرفتك بالنهاية المأساوية، أن معجزة ما ستحدث و أن ليلى ستعيش رغم أنف الظلاميين.
لم تحدث المعجزة رغم قراءاتي المتعددة للكتاب…
لكن ليلى لازالت بيننا… نحن نخلدها، وهي من أعطتنا مفاتيح خلودها، ستظل أبدا شامخة، مبتسمة، جميلة، ويدها التي تحمل العالم في الكاميرا لن تسقطها أبدا، وستظل عينها على النساء والأطفال والمهاجرين الذين التقطتهم في بؤس واقعهم ذات مهام مستحيلة، كانت آخرها في توقيت سيء لم يسعفها حتى لتناول وجبة صحية…
معذرة سيد عبد العزيز علوي
معذرة ليلى
كنت قد سألتك، سيد عبد العزيز، عن صورة جديدة لليلى لتكون على غلاف الترجمة العربية لكتاب ” إلى وغا”، حرصا مني على تمييزها عن النسخة الفرنسية، وربما أيضا لإرضاء طموح الناشر في التغيير لإبهار القارئ (وكأن القراء، يا سيدي، يتهافتون على الكتب في هذه البلاد!)، استجبتَ لطلبي بكل أريحية وبعثتَ بصورة بالأبيض والأسود لليلى، جميلة وعميقة كعادتها، جمالٌ يحرج الأحياء في لهوهم وعمقٌ يؤلم الفؤاد في استكانته المزعومة.
أعجبتني الصورة لكنني “قررت” أنها متشابهة مع صورة النسخة الفرنسية وأن القارئ إياه ستختلط عليه الأمور، وقد يمر أمام الكتاب دون أن ينتبه إلى جديد لغته، استجمعت شجاعتي المهنية وطلبت منك صورة أخرى تختلف عن الصورتين شارحة دوافعي باستماتة، مراعية أحاسيسك كأب مكلوم تجاه ناشرة “وقحة”.
أرسلت لك غلاف النسخة الفرنسية لتقنع مجلس العائلة “بالتشابه” فجاء ردك مهذبا متعاونا متفهما ولكن وقعه كان كالصاعقة علي:
“لا تحتاجي لإرسال الغلاف لإقناعي أو لإقناع العائلة، نحن من نعرفها لا نرى أي تشابه بين الصورتين، ولدينا إجماع على ذلك. سأرسل لك صورة أخرى بالألوان بزي أمازيغي، ستفي بالغرض وسأتولى إقناع العائلة بهذا الاختيار…”
كانت الصورة الجديدة الملونة أكبر من توقعاتي الجمالية، باذخة الحضور، تتحدى الموت في بلادته وتتحداني في ضعف بصري، وكأنها تقول لي:” لك ما أردتِ… لكنني متجددة في كل الصور رغم التشابه الذي شُبِّه لك، أنا الحيّة التي لا تموت، أنا الابتسامة التي لا تكل، أنا الضوء في الألوان وفي الأبيض والأسود، دعيهم يقرؤِون قصتي بالعربية أيضا، وزيدي عليها ما استطعت من لغات، لعلهم يستيقظون…”
معذرة سيد عبد العزيز علوي
معذرة ليلى