مليكة الفاسي… المرأة الوحيدة الموقعة على عريضة المطالبة بالاستقلال 2/1
بدأت مالكة الفاسي حياتها كاتبة وصحفية، فناضلت بقلمها لتحرير المرأة، ثم بعد الاستقلال دافعت عن حقوق المرأة وناضلت للتنصيص عليها، كما أن التاريخ يشهد لها بدور بارز إبان مرحلة الاستعمار الفرنسي… كل ذلك، نتعرف عليه في هذا البورتريه عن مليكة الفاسي، في ذكرى رحيلها الثانية عشرة.
دور كبير ذاك الذي لعبته المرأة المغربية، إسوة بالرجل، في سبيل نيل المغرب لاستقلاله.
“مالكة الفاسي”، واحدة من أبرزهن، كيف لا، وهي الموقّعة الوحيدة على عريضة المطالبة بالاستقلال، وخط الوصل والتواصل بين أعضاء الحركة الوطنية والملك محمد الخامس، حتى إنها آخر من التقى بالملك قبيل نفيه إلى مدغشقر سنة 1953.
بدأت مالكة الفاسي حياتها كاتبة وصحفية، فناضلت بقلمها لتحرير المرأة ونيلها حقوقها، وكانت سببا مباشرا لتخصيص فرع بجامعة القرويين للطالبات. بعد الاستقلال، طالبت بحق التصويت للمرأة في الانتخابات، والتنصيص على المساواة في أول دستور للمملكة.
مالكة رفضت أيضا حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية في أول حكومة للمغرب المستقل، وفضلت أن تشتغل عبر مسار طويل، من خلال جمعيتها “مواساة”، على محاربة الأمية ودعم الأيتام والنساء المحتاجات.
في هذا البورتريه، نكتشف وإياكم بعضا من مسار وشخصية “مالكة الفاسي”.
ولدت مالكة الفاسي، أو “لالة مليكة” كما كانت تحب أن تُنادى، في 19 يناير سنة 1919، بمدينة فاس، لأب كان قاضيا واسمه المهدي الفاسي، وأم اسمها طهور بن الشيخ. ضمن هذه الأسرة المنتمية إلى عائلة فاسية “عريقة”، ستنشأ مالكة في جو تسوده الثقافة، ومنخرط في الدفاع عن قضايا الوطن المستعمَر.
حرص الأب، المهدي الفاسي، على تعليم ابنته إسوة بأبنائه الذكور، وعيا منه بضرورة المساواة بين الذكر والأنثى، فدرست بكتاب خاص بالفتيات بين سنتي 1928 و1930، ثم سرعان ما خصص لها أساتذة يدرسونها بالمنزل.
اقرأ أيضا: خناثة بنونة وآمنة اللوه: هؤلاء 6 نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 1\3
يقول المقاوم أبو بكر القادري، في كتابه “مذكراتي في الحركة الوطنية المغربية”: “كنت أقرأ مقالات موقعة باسم “باحثة الحاضرة” في ملحق مجلة “المغرب”، وتساءلت كثير عمن تكون هذه المرأة التي اقتحمت المجال الصحفي، فزاد فضولي للتعرف إليها، بعدما لمست أنها تشير في كتاباتها إلى أن الصحافة ميدان لا ينبغي أن يظل حكرا على الرجال، إنما الدعوة إلى الإصلاح والتطور هي للرجال والنساء معا”.
يمكن اعتبار مالكة الفاسي من أوائل الصحفيات في تاريخ المغرب.
“باحثة الحاضرة”، “الفتاة”، كانا اسمان توقع بهما مالكة الفاسي مقالاتها آنذاك المنشورة بمجلة “المغرب”، وجريدة “العلم”، كان ذلك ابتداءً من سنة 1934. وقد تناولت مقالاتها أوضاع المرأة المغربية، ورامت عبرها نشر الوعي حول القضايا التي تعتبرها عائقا أمام تحرير المرأة، كانتشار الجهل والخرافة. هكذا، يمكن اعتبار مالكة الفاسي من أوائل الصحفيات في تاريخ المغرب.
اقرأ ايضا: مليكة الفاسي وثريا السقاط: هؤلاء 6 نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 3/2
في غضون ذلك، ستسجل مالكة نفسها من أوائل الأديبات أيضا، فقد كتبت مسرحيات وقصص قصيرة عدة، أبرزها قصة “الضحية” المنشورة سنة 1941 بمجلة “الثقافة المغربية”، والتي تعالج موضوع الزواج التقليدي. وأيضا نص “دار الفقيه”، المنشور سنة 1938، والذي اعتبر بمثابة سيرة ذاتية.
تقول الأديبة المغربية زهور كرام إن “باحثة الحاضرة”، إذ كتبت “دار الفقيه” بضمير المتكلم المفرد، فكأنما أنها تؤسس لتحرير ضميرها خارج وصايا ضمير الغائب الذي كان سائداً في تلك الفترة. وعندما كتبت قصة “الضحية”، فقد كانت تهيئ، وأخريات، المجتمع المغربي إلى تقبل التحولات الاجتماعية”.
نتابع في الجزء الثاني هذا البورتريه، مع إسهامات مليكة الفاسي النضالية إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وبعض من أهم محطات نضالها الحقوقي بعد نيل المغرب لاستقلاله.
لقراءة الجزء الثاني: مالكة الفاسي: هاتف الملك والحركة الوطنية، المدافعة عن حقوق المرأة السياسية والاجتماعية 2/2