وودي ألن: خلقت لأكون كاتبا وأحببت أن أكون مجهولا
الخجول وغير المحب للأضواء صنع له اسما وسط الساحة الفنية بمجموعة من الأفلام التي تصدرت أفضل الأفلام الامريكية على مر التاريخ.
لا يمكن أن نتحدث عن السينما دون ذكر وودي ألن، أحد أعظم ممثلي ومخرجي هوليوود. ولد ألن في 1 دجنبر 1935 بنيويورك. الخجول وغير المحب للأضواء صنع له اسما وسط الساحة الفنية بمجموعة من الأفلام التي تصدرت أفضل الأفلام الامريكية على مر التاريخ.
لم أقبل أبدا أن أكون فانيا:
زار ألن في صغره طبيبا نفسيا لمدة 8 سنوات، بعد ظهور أفكار “غريبة” لديه، كأن هدفه في الحياة هو الغوص في أعماق الروح لكشف الوعي غير الموجود لعرقه، وإمكانية تحويله إلى كتلة متجانسة من البلاستيك. نجح ألن في خداع طبيبه حين كان يتوهم الشفاء لكي لا يتحول إلى مجرد جسد نائم ممدد على سرير.
من هنا يمكن أن نفهم أن الكوميديا التي سيطرت على أفلامه هي فلسفة واستراتيجية لتفادي الألم، كان لها الفضل الكبير في أن يقدم تحفا سينمائية في تاريخ السينما الأمريكية. يقول وودي ألن عن طفولته في مذكراته: “لم يكن هناك أي حدث مرعب في حياتي، ولا أي شيء قبيح حصل لي أو منعني من الابتسام دائما، بل كان الشيء الوحيد الذي حصل هو أنني في الخامسة من عمري تقريبا أصبحت واعيا بالموت والفناء، وكان ذلك غير مقبول بالنسبة لي، إذ لم يكن ذلك ما جئت من أجله، ولم أقبل أبدا أن أكون فانيا، وحين كبرت لم يكن الموت فحسب مقلقا بالنسبة لي، بل أصبحت أفكر في عدمية الوجود التي أصبحت أكثر وضوحا”.
في الـ 16 من عمره، بدأ وودي في كتابة نكت لكتاب المسرح في “برودواي” قبل أن يصبح أحد أهم كاتبي الكوميديا في شبكة NBC في الـ 19 من عمره ويساهم بذلك في ذيع صيت برامج الفكاهة في التلفزيون، مثل برنامج “tonight show”، ويرجع الفضل الكبير لتمكن وودي من الكتابة الكوميدية لـ”داني سايمون”.
هذا النجاح لا يمكن أن يأتي من فراغ أو صدفة، بل هو نتيجة لعمل مكثف وجهد كبير وتضحيات عديدة، يقول ديك كافيت: كان وودي يتمتع بصبر خارق حيث كان يعمل لـ15 ساعة يوميا حتى ينتهي من عمله ولا يفارق آلة الطباعة إلا لإحضار كوب قهوة أو المشي قليلا. بعد الكتابة، تحول وودي ألن إلى عالم المسرح والتمثيل، وعمل كوميديا في أماكن متعددة. ورغم بدايته المتعثرة في عروضه الأولى التي كان يبحث فيها عن الكلمات المناسبة أو نسيان النكت، إلا أن شخصيته المضطربة والتائهة جعلته يخلق شخصية خاصة وعلامة مسجلة باسمه ليكسب بها أهل المسرح. يقول جيرالد نائمان: “ذلك الشيء الطبيعي ودائم القلق فوق المسرح أصبح ميزته الخاصة”.
أردتها دائما وسيلة لحياة أفضل:
“لم أفكر أبدا في الأفلام كغاية، لكنني أردتها دائما وسيلة لحياة أفضل“، تلخص هذه الجملة التي قالها وودي ألن جوهر انتشار أفلامه، فعندما يقوم المخرج بدمج كتابات دوستويفسكي وتولستوي وحياته الشخصية كعجلة محركة لأفلامه، فمن المؤكد أنها ستلامس قلب المتلقي وسيكون العمل ناجحا. لقد حقق جائزة الأوسكار لأفضل مخرج، كما حصل على جائزة نقابة الكتاب الأمريكية لأفضل سيناريو أصلي، وأيضا جائزة نقابة المخرجين الأمريكيين لأبرز إنجاز إخراجي لفيلم، وعدة جوائز اخرى…
لطالما وصفت معظم أفلام وودي آلن بالمثيرة للجدل. في سيناريوهاته، تتعدد العلاقات العاطفية التي تكاد لا تخلو من الخيانات، كل ذلك ضمن إطارٍ من الحوارات الصعبة والمعقدة وغوص في أعماق النفس. يرى النقاد بأن آلن يكثر من تفاصيل حياته ومما يدور في نفسه فوق ورق أفلامه. رغم كل هذه النجاحات، يقول ألن: “لم أصنع فيلما جيدا حتى الآن”.
عالم الأضواء:
كان وودي ألن يتمنى أن يكون مجهولا ويبقى مجرد كاتب، حيث قال: “لقد خلقت لأكون كاتبا وأحببت أن أكون مجهولا”، حيث عشق مدينة نيويورك التي كانت مكانا أساسيا لأعماله والتي كان لا يغادرنا إلا للضرورة. كان يرفض الظهور الإعلامي المرتبط بأفلامه. لكن، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث بدأت القصة عام 1969 حينما شارك في كتابة وإخراج فيلم “what’s new pussycat” الذي كان سبب فتح أبواب استوديوهات “united artists” التي قامت بإنتاج أغلب أفلامه. لم يتخلَّ وودي أبدا عن الكوميديا في أفلامه الجريئة التي ينقل فيها الحقيقة كما هي، لكنه أضاف ثيمة الرومانسية ليقوم في سنة 1977 بإخراج فيلم “annie hall” حيث تدور أحداث الفيلم في قالب كوميدي لا يخلو من الفلسفة حول علاقة فاشلة في الحب. وفي عام 1979، أخرج فيلم “manhattan” الذي يعتبر أيضا فيلما كوميديا رومنسيا.