من مصر، منى حلمي تكتب: لا تخسري الحرية الخالدة من أجل رجل راحل
إن العجز الحقيقي للرجل، ليس في نقصان القدرة الجنسية، ولكن فى عدم القدرة على حب امرأة حرة التفكير والإرادة والمصير، وفى العجز عن إقامة علاقة مع امرأة ند له أو تفوقه.
إنه عجز تتوارثه الأجيال المتعاقبة من الرجال، ليصبح مثل «الجينات»، وأصبح مرادفًا لمعنى «الرجولة» المزروعة داخله منذ أزمنة سحيقة. رجولة ترى أن المرأة التى تشتهي الحرية ولا تقبل المساومة عليها، «زائدة» وجودية الواجب استئصالها، و«الرجولة» الكاملة، هى النفور من النساء الحرات والتنديد بهن ومحاصرتهن بالشكوك والاتهامات.
تتحرك مشاعر الرجل لامرأة لا تحب أن تطيع أحدا إلا نفسها. لكنه، حين يقرر أن يكمل نصف دينه، كما يُقال، يذهب إلى امرأة له عليها الكلمة العليا، وتعتبره إلها يُعبد ويُسجد له.
رجل تفوح منه رائحة العرق، أو رجل تفوح منه أرقى العطور… رجل عالي المقام أو رجل بسيط. رجل متوسط الحال أو رجل مشهور. رجل يحب ربطات العنق المستوردة أو رجل يفتح أزرار قميصه… رجل وسيم ورشيق أو رجل خاصمته الوسامة والرشاقة. رجل إلى كل الأجواء يسافر، أو رجل كامن فى عقر داره.
رجل يعشق الكونشرتو والسيمفونية والسوناتا فى الموسيقى الغربية، أو رجل يعشق الطقطوقة والدور والمونولوج فى الموسيقى العربية. رجل يقرأ الكتب أو رجل يقرأ صفحة الوفيات. رجل موهوب أو رجل معدوم الموهبة، رجل يحب السجائر أو رجل ضد التدخين. رجل متخم بالخبرات أو رجل نحيل التجربة. عيونه لها لون البحر أو لون العسل أو لون الليل. رجل القرون الوسطى أو رجل نهايات القرن الواحد والعشرين.
لكن كما تتعدد الأسباب والموت واحد، تتعدد أصناف وأشكال الرجال، والقلب والقالب واحد.
يتعدد الرجال، والجميع يفضلونها “خاضعة”.
أكبر دليل على ذلك، أن الرجل “المحب” والمرأة “الحرة”، أمران لا يتعايشان معا، تحت سقف واحد، إلا إذا كان هذا السقف “خلوة غير شرعية”، مُحرمة، معاقبة، منبوذة…. يلجأ لها الرجل، لفترة مؤقتة محدودة، حتى يستقر تحت سقف واحد، فى “خلوة شرعية” مقبولة، حلال ربنا وشرعه، مع امرأة مطيعة، لا تأتي الحرية بخاطرها. هكذا، تتكون الأسرة الأبوية المحمودة المرضي عنها وعن ذريتها، ونسبها الأبوي المشرف الذي يعتبر النسب إلى الأم عارا وكفرا وفضيحة.
كلما زاد نصيب المرأة من الحرية، كلما أسرع الرجل فى الهروب، وكأنها “فيروس” خطير أشد فتكًا من فيروس «كورونا» وتحوراته.
إن العجز الحقيقي للرجل، ليس في نقصان القدرة الجنسية، ولكن فى عدم القدرة على حب امرأة حرة التفكير والإرادة والمصير، وفى العجز عن إقامة علاقة مع امرأة ند له أو تفوقه.
إنه عجز تتوارثه الأجيال المتعاقبة من الرجال، ليصبح مثل «الجينات»، وأصبح مرادفًا لمعنى «الرجولة» المزروعة داخله منذ أزمنة سحيقة. رجولة ترى أن المرأة التى تشتهي الحرية ولا تقبل المساومة عليها، «زائدة» وجودية الواجب استئصالها، و«الرجولة» الكاملة، هى النفور من النساء الحرات والتنديد بهن ومحاصرتهن بالشكوك والاتهامات.
تتحرك مشاعر الرجل لامرأة لا تحب أن تطيع أحدا إلا نفسها. لكنه، حين يقرر أن يكمل نصف دينه، كما يُقال، يذهب إلى امرأة له عليها الكلمة العليا، وتعتبره إلها يُعبد ويُسجد له.
لا يستطيع الرجل أن يتصور كيف يكمل نصف دينه مع امرأة ترى الطاعة “رذيلة”. أو كيف يواجه على الملأ مجتمع الرجال بامرأة ضد مجتمع الرجال.
إن تعريف الزواج للرجل، هو كيف يعثر على امرأة «مريحة» لا تثير تساؤلات أو مشاكل. امرأة مغمضة العينين ومغمضة الكرامة ومغمضة الوعي ومغمضة الجسد.
أما المرأة الحرة التي تعول على نفسها وتعول على كرامتها، فهي «وجع دماغ» يزيد الحياة تعقيدًا وصراعا، لا داعي لهما. هي امرأة خطر على سُمعة رجولته وكرامة ذكوريته.
إذا كانت المرأة الحرة مغرية جدا، فإنه قد يستسلم للإغراء ويقرر الزواج بها، لكن بعد أن يساومها على التخلي عن حريتها كلها أو عن أجزاء منها. الشرط الأساسي، هو أن تصبح المرأة الحرة له، كاملة، بشكل مطلق.
قد يغفر الرجل للمرأة الخيانة والذهاب إلى رجل آخر- الطامة الكبرى فى عُرف الأخلاق الذكورية- لكنه لا يغفر لها الذهاب إلى مخدع “الحرية”.
الحرية للمرأة هي «العشيق» الذى لا يحتمله الرجال، وهى الخطيئة التي تقترفها المرأة فى لحظة طيش، غير قابلة للغفران.
إذا اختارت المرأة أن تمد يدها وتقطف الثمرة المحرمة، واسمها «الحرية»، فما عليها إلا أن تدفع الثمن راضية، وتعيش فى استغناء عن الرجل المحب، أو الزوج العاشق.
يعود جزء كبير من بقاء وضع المرأة دون تغير كيفي، أو ما نشهده من انتكاسات متكررة، إلى عجز عدد كبير ممنْ يسمين أنفسهن نساء أحرارًا ، أو المحسوبات على ذمة الحرية، عن دفع ثمن الحرية.
عند أول فرصة يظهر فيها الرجل، فإنهن يقبلن دخول المزاد والمساومة، وينتهي بهن الأمر إلى الخضوع لشروطه فى الحب أو في الزواج.
الغريب أنهن يزددن إصرارًا على أنهن على درب التحرر ولا يتوقفن عن إسداء النصائح لغيرهن من النساء… والأكثر غرابة أنهن يبدأن فى معاداة النساء الصامدات، والهجوم على أفكارهن وتصرفاتهن، ووصفهن بالتطرف أو الشذوذ أو الفهم الخاطئ للحرية ومعطيات الواقع، أو هن نساء ناقصات الأنوثة.
بذلك، تتشكل «جبهة تضامن» من رجال يكرهون حرية المرأة، مع مدّعيات الحرية من النساء ضد كل امرأة لا تتنازل عن حريتها مقابل «رجل».
“ماذا تعنى حرية المرأة؟”. سؤال يٌستخدم لتضييع الوقت والجهد. سلاح خبيث النوايا، للتشتيت والضرب والنبذ.
بكل بساطة أقول، لمنْ يسأل هذا السؤال، إن حرية المرأة، هي أن ترفض “الطاعة” إلا لعقلها الحر، وقناعتاتها الفكرية الشخصية، وطموحها المتفرد، وتدرك أن الطاعة كلمة مهينة من ميراث العبودية، وعصر الأسياد والعبيد، وأنها ليست مستعدة لإعادة إنتاج هذا العصر، بأشكال متلونة مستحدثة، لكن بجوهر واحد.
لمنْ يسأل هذا السؤال: ما هى حرية المرأة؟، أقول هي بالضبط حرية الرجل. وللسؤال: لماذا تريد المرأة الحرية وماذا ستفعل بها؟ يكون ردي: هو بالضبط ما يريده الرجل من الحرية، وبالضبط ما يفعله بها. يسألونني، بعد العجز عن إيجاد إجابة منطقية عادلة، بشكل متعسف لا يخلو من لي عنق الحقيقة ومن الفساد الأخلاقي:
“يعنى المرأة تمشي على حل شعرها.. أليس كذلك؟”. وبدوري أسألهم: “هل الرجل الحر يمشي على حل شعره؟”. هنا، يتلعثم أصحاب هذه الأسئلة المراوغة التى تنم عن جهل مخجل بمعنى الحرية ودورها وضرورتها، وتدل على مرجعية انفلات واستهتار النصف الأسفل من الجسد، التي تهيمن على تفكيرنا وتخيلاتنا.
إن “الطاعة”، بالنسبة إلى النساء، ليست مجرد عنوان” للفضيلة في أسمى معانيها.
لكنها هى التي تمنحهن أصلاً، انتماءهن البيولوجي، إلى جنس النساء. هي “الرخصة”، التي لابد أن تُجدد يومياً، حتى لا يُسحب من المرأة وجودها الإنساني، وتظل “مصنفة”، في خانة “الأنثى”.
هي معادلة بسيطة يجب الحفاظ عليها، كلما زادت “طاعة” المرأة، زادت “أنوثتها”، كلما زاد “ثمنها” فى سوق الزواج.
أما بالنسبة للرجل، فلابد أن يكون له شخصية مستقلة نابعة من أفكاره، مزاجه، وطباعه، ليبقى مسجلا، فى خانة “الذكر”.
المرأة نفسها لا تحب الرجل “المطيع”. بل “تزدريه”، وتتجنبه، ولا تجد سببا واحدا يدفعه إلى “الطاعة” التى تراها خادشة للرجولة، معيبة للذكورة، التي تسقطه من “عينها”. حتى الأطفال في البيت، لا يحترمون الأب المطيع. أليست هذه كارثة أخلاقية وإنسانية، وأسرية، يجب تدميرها؟
الرجل، على عكس المرأة، لابد أن يتحرر من “الطاعة” حتى يثبت رجولته. هو لا يطيع الناس، بل يطيع نفسه. وكلما تساءل، وجادل، وناقش، وعارض، وتمرد، وشاغب، وشاكس، يعتبر “بطلاً”، و”شجاعاً”. بالطبع، يوجد دائما “خط أحمر”، لعدم طاعته، تحدده السلطات السياسية والدينية. لكنه، على الأقل، لا يُقذف بالاتهامات والإدانات التي تُقذف بها المرأة التي تسأل وتجادل وتعترض وتضرب جذور الطاعة في مقتل، في البيت والدولة.
المرأة التي لا تطيع إلا عقلها وعواطفها ومزاجها، هي “مريضة” مرضاً متأصلاً… لديها اختلال عقلي وارتباك عاطفي واضطراب في الهرمونات… عندها ميول انحرافية وعُقد منذ الطفولة. تعاني من تشوش البوصلة البيولوجية.. تكره الرجال.. تكره الحياة.. تكره النساء.. وتكره نفسها. وهذا كله، يجعلها “منبوذة”، حتى تزف إلى العريس المتاح دائما، “القبر”.
تصبح مغضوبا عليها من الله والرسل والأنبياء. تستنكرها الأعراف والعادات والتقاليد ومقررات التعليم ونظرات الجيران.
في بعض الأحيان، يجرها بالقوة واحد من ذكور العائلة، لتصبح سجينة إحدى المصحات العقلية.
أليس تعبير “بيت الطاعة” يشد المرأة غير المطيعة لزوجها، رغما عنها، بقوة البوليس، وجبروت القانون الذكوري، وتسلط التقاليد الموروثة، خير دليل على أن “الطاعة”، هي “هوية” النساء؟
المفروض أن يكون هناك مقياس واحد للأخلاق يطبق على الرجال وعلى النساء.
فكما نمتدح الرجل الذي “لا يطيع”، علينا أن نمتدح أيضا، وبالقدر نفسه، المرأة التي “لا تطيع”.
استثناء هي المرأة التى تدفع فى كبرياء وشموخ، ضريبة الحرية وتتحمل البقاء نارًا متأججة. استثناء هي المرأة التى تكمل نصف دينها مع الحرية، وتظل منتجة عاملة مبدعة متألقة، وسعيدة ومتفلسفة.
واستثناء أيضا، هو الرجل، الذى شطب كلمة الطاعة من قاموسه الفكري والسلوكي، وينفر من المرأة المطيعة التى تعطيه امتيازات الأسياد الفاسدة.
إنها لبطولة صامتة أن تسبح المرأة المكتفية بحريتها ضد التيار دون أن تتشكك فى قواها على المقاومة، والوصول شامخة إلى شاطئ التفرد.
ماذا يفيد المرأة، لو كسبت حب العالم وخسرت نفسها؟ ماذا ينفع المرأة، إذا ربحت «رجلًا» يموت، وخسرت الحرية لها أبدا؟
الشِعر خاتمتي
قصيدة لماذا تحبني؟
سؤال يحيرني
لا تكذب.. لا تراوغني
كن صادقا معي
وأجبني لماذا تحبني؟
حًرمت على قلبي العشق
وأطفأت سجائره
برئت من أوهام الحب
وأسدلت ستائره
لا أتجمل لا أتعطر
لا أصبغ شَعر القصيدة
لماذا تحبني؟
وأنا لا أختلي إلا بشيطان الشِعر
مطاردة على أرض وطني
وأنا الملعونة المنبوذة الشريدة
لماذا تحبني؟
وأحزاني سرادق بلا عزاء
أقود بسرعة جنونية
على الطرق الوعرة
لا أربط حزام الأمان
أسير عكس الاتجاه
أصطدم بالحواجز
وأكسر الإشارات الحمراء
تحبني لماذا؟
وأنا منذ زمن
أقف على رصيف الانتظار
بريبة ترمقني النساء
بشهوة يقترب الرجال
لا سفينة آتية فى الأفق
ولا صفارة نائية لقطار
جيد
لا تخسري الحرية الخالدة من اجل اجل رجل رجل
This is best Article
“This is best Article”
هذا أفضل مقال
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (20)