محمد زفزاف… دوستويفسكي الأدب المغربي!
في هذا البورتريه، نقترح عليكم بعضا من حكاية “شاعر الرواية المغربية”، محمد زفزاف.
لحيته منسدلة مشعثة لكأنه الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي… عرف بكوفية فلسطينية يحيطها دوما على جيده، وبنظراته العصية على التأويل… ثم إنه ببساطة: بوهيمي الهوى!
هذا طبع الكتّاب؟ لسنا ندري، المؤكد فقط أنه أحد أبرز أدباء المغرب في النصف الثاني من القرن الذي مضى، وأننا في هذا البورتريه، نقترح عليكم بعضا من حكايته… حكاية “شاعر الرواية المغربية”، محمد زفزاف.
كانت مدينة سوق أربعاء الغرب ذات يوم من عام 1945، مع موعد لم تدرك حينها أنه سيحمل اسمها إلى العالمية… كان ذلك الموعد ميلادَ طفل حمّله والداه من الأسماء، محمد، في حين قدّر لكنيته أن تكون: زفزاف.
عاش محمد زفزاف طفولة قاسية، ليس أقل ما فيها قسوة، وفاة والده وهو بعد في ربيعه الخامس… ومع أن الفقر قد نخر بيئته، إلا أنه بعبارة أدق: عاش على الكفاف!
ولأن الفقر لم يكن يوما بالعائق، درس زفزاف وراح يتسلق سلم الدراسة إلى أن نال إجازة جامعية في الفلسفة.
توقف مشواره الدراسي هنا، لكنه عاد بعد ذلك إلى فصول المدارس بجبة أخرى، كأستاذ في إعدادية بمدينة القنيطرة.
اقرأ أيضا: “كتوبتنا”… مجموعة فايسبوكية تحتفي بالكتاب
اجتذبته مكتبة الإعدادية على نحو حثيث، فلم يلبث كثيرا حتى ترك التدريس وتولى أمانة المكتبة. حين استوفت أيامه في القنيطرة أجلها، انتقل ليعمل ثانية كأستاذ، هذه المرة في إحدى ثانويات حي المعاريف بالدار البيضاء.
زفزاف كتب حيث عاش… وقد عاش بالدار البيضاء، بوهيميا، فوضويا ومنظما في آن. هو الكاتب الذي يظهر ويختفي، وهو القادم من أزقة الفقر لا يستسيغ بهرج المدينة حيث أفق الحياة كبير… لكنه غير مغر لمثله.
كل هذا لم يكن يغريه… يقول الفيلسوف التونسي، فتحي المسكيني، في كتابه “الهجرة إلى الإنسانية”، إن “الشّعر إمكانية مستحيل نائمة في قدَر أي واحد منا. لكن بعضنا فقط ينجح في إثارة اهتمامها نحوه”.
تلك الإمكانية عند زفزاف، لم تنم حد السبات، حد أن تستحيل معه يوما ما إلى رفات… بل استيقظت، أو أيقظها باكرا منذ مطلع ستينيات القرن الماضي.
صحيح أن الشعر ليس بمهنة. ولأن الشعراء، يقول الفيلسوف اليوناني ديموقريطوس، لا يمكن أن يكونوا دون قدر ما من الجنون، فزفزاف قد ترك بعدها بقليل التدريس دون رجعة وتفرغ للكتابة.
امتهن الكتابة، لا الشعر؛ ذلك أنه سرعان ما تمرد عليه، إذ استذكر واقعه الاجتماعي، فأيقن أنه واقع لا يفضح بغير قوالب تسعه، تسع تفاصيله العامرة بالمعاناة والبؤس وشتى مآسي حياة المعدمين والمسحوقين.
اقرأ أيضا: من مصر، هند الورداني تكتب: الكتابة تسحبك إليها… رغما عنك
هكذا، كان أن انتقل إلى القصة القصيرة، فراح يكتب ويرسل قصصه إلى مجلات أدبية في المشرق، كـ”المجلة” المصرية و”الأقلام” العراقية و”الآداب” اللبنانية… وأن تقبل قصصك للنشر بمجلات كهذه وقتها، عربون موهبة لا يؤتى لأي كان!
النتيجة: محمد زفزاف، عام 1968، عضو باتحاد كتاب المغرب.
وذاك كان أول الغيث… عامين بعد ذلك، سيقطف زفزاف أولى فواكه حلمه، مجموعة قصصية بعنوان “حوار في ليل متأخر”. ومنذ ذلك التاريخ، لم يكف الغيث!
فها هو زفزاف، ثانية، يحمل كنيته جيدا -وهي تعني، بالمناسبة، في اللغة العربية: “الريح شديدة الهبوب في دوام”-، إذ سينشر عام 1972، أولى رواياته: رواية “المرأة والوردة”، وقد حظيت يومها بزخم نقدي مهم.
على مدى 23 عاما، كتب زفزاف 15 عملا توزعت تقريبا بالتساوي ما بين القصة والرواية، وقد ترجم كثير منها إلى لغات أخرى.
نقرأ من أعماله مثلا: أرصفة وجدران (قصص)، محاولة عيش (رواية)، الثعلب الذي يظهر ويختفي (رواية)، الشجرة المقدسة (قصص)… إلخ.
في نهاية المطاف، لم تذهب ملكات زفزاف الشعرية سدى، فقد لقب بـ”شاعر الرواية المغربية”… استخدم لغة شاعرية سلسة فياضة بالدفء الإنساني، للتعبير عن القهر والحرمان الاجتماعي، فكان الحاصل: مهارة أدبية قل نظيرها.
اقرأ أيضا: عبد الرفيع الجواهري… هذه سيرة أحد أشهر رواد شعر الأغنية في المغرب
زفزاف كتب حيث عاش… وقد عاش بالدار البيضاء، بوهيميا، فوضويا ومنظما في آن. هو الكاتب الذي يظهر ويختفي، وهو القادم من أزقة الفقر لا يستسيغ بهرج المدينة حيث أفق الحياة كبير… لكنه غير مغر لمثله.
جل أعمال زفزاف نشرتها دور نشر غير مغربية… بالمقابل، هو أيضا لم يحظ بأي جائزة في بلده المغرب، حتى استُدرك ذلك بإنشاء جائزة باسمه تسلم كل ثلاث سنوات في مهرجان أصيلة الثقافي.
عزلته كادت تبتلعه. لكن، لا أحد كان يدعه وشأنه، فهو “الكاتب الكبير”. يقول عن بيته: “ليس بيتي تماما، إنه يتعبني. حتى إن لم يطرق بابك أحد، فالهاتف لا يتوقف. ولو كنت غنيا لاشتريت بيتا خارج الدار البيضاء لأستريح فيه”.
على نحو ما، كان بيته مهجورا، كما وصفه الكاتب اللبناني إلياس خوري يوما ما بأحد مقالاته، مع أنه كان يمتلئ بالأدباء الشباب وأطفال الجيران. حين كتب عنه الكاتب العراقي فيصل عبد الحسن، يرثيه، قال:
“كنت أعرف أن المبدع محمد زفزاف، الكاتب المغربي المعروف، كريم اليد ويجود بما يملكه… لكنه رحمه الله بسبب افتقاره إلى مورد مالي ثابت، كان لا يستطيع في بعض الأحيان حتى شراء الجريدة”.
ذاك كان زفزاف!
اقرأ أيضا: خناثة بنونة وآمنة اللوه: هؤلاء 6 نساء بصمن تاريخ الكتابة الأدبية في المغرب 1\3
لم يكتب سيرته الذاتية، لكنه بثها بطريقة ما في أعماله، التي درست في منهاج الثالثة إعدادي بالمغرب لسنوات، وفي بعض الجامعات الأوروبية والأمريكية.
جل أعمال زفزاف، بالمناسبة، نشرتها دور نشر غير مغربية… بالمقابل، هو أيضا لم يحظ بأي جائزة في بلده المغرب، حتى استُدرك ذلك بإنشاء جائزة باسمه تسلم كل ثلاث سنوات في مهرجان أصيلة الثقافي.
بعد معاناة طويلة مع السرطان، وعن عمر يناهز 56 عاما، ترجل عن صهوة الحياة، في الـ13 من يوليوز 2001 بمدينة الدار البيضاء، بعدما دون اسمه بمداد لا يمحى في قائمة أبرز أدباء المغرب.
فقدنا زمن الدبوالادباء زمن الفن والابداع.زمن كان للشاعر والكلاب والفنان والقاص.موعدا مع نفسه ليخرج ما فيه عصارة أفكاره .شعرا او نثرا .بقي خالدا الى ما نهاية
الحاجة أم الإختراع والفقرحافز الإبداع.
عاش المبدعون المغاربة فخرا لهذا الوطن العزيز الغالي.
معذرة الروائي لم يتابع دراسته في الجامعة و لم يحصل على الاجزة في الفلسفة اما نشر اعماله فاغلب مؤلفاته نشرت في المغرب باستثناء ( المراة و الوردة ) و ( قبور في الماء ) و ( الاقوى ) في طبعاتها الاولى
جمعت وزارة الثقافة في عهد سمحمد الأشعري في كتاب سمي الاعمال الكاملة الزفزاف
تلقى محمد زفزاف تعليمه الثانوي بثانوية التقجم بالقنيطرة وحصل على الباكلورياوالتحق بكلية الاجاب- شعبة الفلسفة بالرباط ، ولم يحصل على الاجازة فى الفلسفة كما جاء فى المقال ، بل حصل على دبلوم التربية من كلية الاداب بفاس وبه اصبح استادا للسلك الاول بالدارالبيضاء . ولم يسبق له أن اشتغل بالقنيطرة .