هل يريد الداعية… إنقاذ الناس من أنفسهم؟
ينتصب الداعية كمخلص ويصير نجما فيصبح مطالبا بحضور دائم وخطابات حماسية مسترسلة لتنشيط الجماعة وتحفيز المريدين وتثبيت استمرارية نجوميته.
هكذا، يتحدث في كل شيء مما في البر والبحر والسماء، يفتي في العقائد والشعائر والشرائع، يمتد لسانه إلى العلوم فيحدث في جغرافية العالم وفي تاريخ الحروب، ثم يعرج إلى الطب والتداوي بالأعشاب وعلم الأجنة وعلم الوراثة والفيزياء والكمياء والنووي والهندسة والبستنة وتسيير المقاولات وتربية الأطفال وطبقات الأوزون ونسبية اينشتاين والثقوب السوداء.
ليس لكثرة ووفرة خطابات الدعاة والوعاظ حول نعي مجتمعاتنا المعاصرة ما يضاهيها سوى عقمها.
في كل مرة، يخرج علينا من ينعي الحياة ويستنكر ما عمّ الأرض واستشرى فيها من فساد كلّي ويتنبأ بقرب نهايتنا والفناء تحت وقع كوارث سيسلطها الله على عباده العصاة المارقين لحظة غضبه وأن الحل هو أخذ مقعد داخل الفرقة الناجية وطريق النجاة الوحيدة هو في الرجوع إلى ما كان عليه السلف.
هذه النظرة الدونية إلى المجتمع، هذا الاستصغار والحكم على البشر كقاصرين، يسكن عقول بعض الشيوخ؛ وقد ولّد لديهم هوس الوصاية وإنقاذ الناس من أنفسهم ومن معاص وذنوب استفحلت واقترفت تحت أيديهم، وحوّل بعض من هؤلاء الدعاة إلى مُعادين للبداهة، فبعد أن ركبتهم أوهام حول أهميتهم في الكون، صارت لهم ادعاءات تخليص العالم من الشرور والألم، ولسان حالهم يردد ما قاله السيد قطب: “مجتمعات الجاهلية”.
نحن مجتمعات بلا فضيلة، والوعاظ وحدهم من بعثوا لينفخوا فينا من فضائلهم، هكذا يعتقدون جازمين.
ما هو نمط العيش ونوع العالم الذي يقترحه علينا هذا الرهط من الشيوخ ؟ إنهم يدعوننا إلى يوتوبيا البؤس والجلوس إلى مائدة الخراب والموت حيث ينصبون خيامهم ويقيمون مآتم يومية: لا فنون لا مسرح لا سينما لا رقص لا موسيقى لا إبداع لا متعة لا حياة… تأبينات تلوى التأبينات ونفث الكراهية تحت خطابات متخمة بالضغينة والعداوة حد جعل الحياة لا تطاق.
إنهم يسعون إلى أن يقتلوا فينا الفرح وكل ما هو جميل ومثير للحياة، ويحولوننا إلى مجتمعات للغربان… أليس من الجنون أن نطارد حلول مشاكلنا في ماض أجدادنا الذي لم يعد قابل للسكن وللعيش ؟
في كل مرة، ينصّبون مقصلة للفنون ويقيمون محاكم للتفتيش ويضعون الحدود والسياجات حيث يدعون إلى تقابلات جائرة لا تستقيم، بين الحرية والعهر، بين الفن والفجور، بين الغناء والبغاء، بين الرقص والانحلال، بين العقل والزندقة، بين الحداثة والآخرة…
ينتصب الداعية كمخلص ويصير نجما فيصبح مطالبا بحضور دائم وخطابات حماسية مسترسلة لتنشيط الجماعة وتحفيز المريدين وتثبيت استمرارية نجوميته. هكذا، يتحدث في كل شيء مما في البر والبحر والسماء، يفتي في العقائد والشعائر والشرائع، يمتد لسانه إلى العلوم فيحدث في جغرافية العالم وفي تاريخ الحروب، ثم يعرج إلى الطب والتداوي بالأعشاب وعلم الأجنة وعلم الوراثة والفيزياء والكمياء والنووي والهندسة والبستنة وتسيير المقاولات وتربية الأطفال وطبقات الأوزون ونسبية اينشتاين والثقوب السوداء. يسعى لأن يصبغ كل الأماكن بلون واحد ويعيد كل الأزمنة إلى زمن واحد ويجعل كل الألسنة لسانا واحدا.
هكذا، عندما نقول إنهم ضد كل ما هو حياة وجمال، فنحن نعني أنهم ضد التعدد والاختلاف وأنهم يحثون عن النمطية ويسعون إلى تكريس الوثوقية واليقين والمطلق؛ وفي ذلك دعوات إلى الموت.
فرجاء… لسنا قاصرين كما تعتقدون! كفّوا عن إعطائنا الدروس في الحياة ولا حاجة لنا الآن لأن نجذف ضد العصر، فلا تنعوا إلينا عالمنا ذمّا أو هجاء… فالحياة أقوى من كل التأبينات ونحن نحبها ما استطعنا إليها سبيلا.
رايي انك انسان ينقصك دين و فهم للحياة من انت حتى تتحدث في أهل الله و في داعية لم يتكلم من فراغ سبحان الله نجد ذوي العقول الصغيرة هم من يبادبرون في التحدث فيزمثل هذا الداعية الطيبة و في المقابل هو أجابكم بطريقة لبقة و متحضرة بعيدة كل بعد عن حضارتكم التي تم استمدادها من العلمانية